التوازنات الجيوسياسية تحكم العلاقات الإسرائيلية الروسية رغم التباينات

إسرائيل تمتنع عن بيع أسلحة لجورجيا وأوكرانيا مقابل عدم تزويد روسيا لإيران بأسلحة متطورة.
الجمعة 2019/12/13
القلق الإسرائيلي مبالغ فيه

تل أبيب – أعربت دوائر سياسية وأمنية إسرائيلية عن قلقها من إمكانية تخلي موسكو عن التنسيق مع الجيش الإسرائيلي في سوريا، الذي بدأ العمل به منذ التدخل الروسي المباشر في الأزمة في العام 2015.

وتستند هذه الدوائر في تبرير مخاوفها إلى البيان الختامي للجولة الأخيرة من المباحثات بين الدول الضامنة لمسار أستانة والذي تضمن للمرة الأولى إدانة صريحة وواضحة للهجمات الإسرائيلية على مواقع للحرس الثوري الإيراني وميليشيات موالية له داخل الأراضي السورية.

وكانت العاصمة الكازاخية نور سلطان قد احتضنت يومي الثلاثاء والأربعاء الجولة الـ14 من مفاوضات أستانة، انتهت بالتشديد على قضايا سبق وأن تم التوافق بشأنها مع إضافة بنود جديدة ذكرها نص البيان الختامي وهي إدانة التدخلات الإسرائيلية وسيطرة الولايات المتحدة على منابع النفط في شمال سوريا وشرقها.

وتقول الدوائر الإسرائيلية إن روسيا كانت في السابق تتجنب إدانة أي هجوم إسرائيلي، وحتى بعض المواقف التي صدرت عنها ضد بعض الهجمات كانت بسبب أنها المتضررة المباشرة منها وأهمها حينما أسقطت الدفاعات السورية في سبتمبر 2018 طائرة روسية من طراز “إيل-20” كانت تحلّق فوق البحر الأبيض المتوسط على بعد 35 كلم من الساحل السوري في طريق عودتها إلى قاعدة “حميميم”، وجرى ذلك على خلفية رد تلك الدفاعات على هجوم إسرائيلي.

وكادت تلك الأزمة أن تتسبب في إنهاء التنسيق الروسي الإسرائيلي لولا مسارعة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى احتواء الأزمة وتقديم وعود بتوسيع هامش الوقت في إعلام الجيش الروسي قبل أي غارة جوية داخل الأراضي السورية.

وتلفت الدوائر إلى أن من الأسباب الأخرى التي تجعلهم يخشون من إمكانية إعادة روسيا النظر في قرار التنسيق مع تل أبيب، هي الأنباء التي تحدثت عن اعتراض مقاتلات روسية لطائرات إسرائيلية قرب قاعدة “تيفور” العسكرية في محافظة حمص.

وذكرت صحيفة جيروزاليم بوست قبل أيام أن طائرات روسية من طراز “سوخوي 35” اعترضت هجوما إسرائيليا قرب قاعدة تيفور السورية بالتزامن مع نقل إيران أنظمة دفاع إيرانية متطورة إلى سوريا. ونقلت الصحيفة الإسرائيلية المعلومات من موقع روسي يرصد تحركات الطيران الروسي في سوريا.

وسبق وأن تعرضت قاعدة تيفور الواقعة شرق مدينة حمص والتي نقل إليها الحرس الثوري الإيراني معظم نشاطاته، إلى عدة هجمات إسرائيلية منذ العام 2018.

ويرى محللون أن المخاوف الإسرائيلية من إمكانية أن تقدم موسكو على تغيير موقفها لجهة التنسيق مع الجيش الإسرائيلي قد تنطوي على الكثير من المبالغة، في ظل هاجس إسرائيلي من الانسحاب الأميركي من شمال شرق سوريا.

أهداف واضحة
أهداف واضحة

ويعتبر المحللون أن روسيا تجد في الضربات الإسرائيلية على مواقع للحرس الثوري الإيراني والموالين له، مصلحة كبيرة بالنسبة لها، حيث أن تلك الضربات تشكل ورقة ضغط  مهمة على طهران التي تنازع لفرض وجودها في  الساحة السورية بما يخلق حالة من التنافس بينها وبين موسكو.

ويقول المحللون إنه على الرغم من عدم جواز مقارنة علاقة إسرائيل بالولايات المتحدة مع علاقتها بروسيا، بيد أن هناك تقاطعات بينهما كثيرة، وكل طرف يحرص على الحفاظ على توازنات معيّنة في العلاقة مع الآخر.

ويستدل هؤلاء بما كشف عنه مستشار نتنياهو، أريئيل بولشطاين، في مقابلة بثت الخميس، حيث قال إن إسرائيل امتنعت عن بيع أنواع من الأسلحة إلى جورجيا بناء على طلب من روسيا.

وسبق أن تحدث بولشطاين في أكتوبر الماضي عن أن  تل أبيب توقفت عن بيع أسلحة لأوكرانيا مقابل إلغاء صفقة أسلحة بين روسيا وإيران.

وأشار بولشطاين في مقابلة لمجلة “أبوستروف” الأوكرانية نقلها موقع “يديعوت أحرونوت”، الخميس، إلى أن “روسيا وافقت مرتين على الأقل على طلب إسرائيل بعدم بيع أسلحة متطورة لإيران. كما طلبت روسيا من إسرائيل أن تدرك الحساسيات وأن تستجيب لطلباتها بشأن بيع الأسلحة”.

ولفت إلى أن “إسرائيل لم تبع عدة أنواع من الأسلحة لجورجيا. وهناك مطالب روسية مشابهة من إسرائيل بشأن دول أخرى، وخاصة في أماكن تدور فيها نزاعات مع روسيا”. وأضاف مستشار نتنياهو أن “الحديث لا يدور حول إلغاء صفقات تمت ضمن اتفاقيات جرى التوقيع عليها. وواضح للجميع أنه كل السلاح الهائل الذي لدى إسرائيل ليس للبيع، وعندما تقرر إسرائيل ما ستبيعه لخارج البلاد تأخذ في الحسبان الوضع الجيوسياسي أيضا”.

وواضح أن امتناع إسرائيل عن بيع أسلحة إلى جورجيا وأوكرانيا يندرج في سياق محاولة تجنب ردود الفعل الروسية التي قد تترجم في صفقات أسلحة نوعية لإيران.

وجدير بالذكر أن إيران تسعى جاهدة للحصول على منظومة أس 400 الروسية بيد أن موسكو تتحفّظ على الأمر استجابة للمخاوف الإسرائيلية.

7