ملفات ثقيلة داخلية وإقليمية تنتظر الحكومة الأردنية القادمة

ستواجه الحكومة الأردنية القادمة، التي يعمل على تشكيلها جعفر حسان، حزمة من التحديات على كافة الأصعدة جراء التصعيد في المنطقة. والبلد أصلا متأثر بالتوترات في الدولتين المجاورتين العراق وسوريا، والتي انعكست على أوضاعه الداخلية.
عمان - أعلن الديوان الملكي الأردني، الأحد، قبول الملك عبدالله الثاني استقالة رئيس الوزراء، بشر الخصاونة وحكومته، وتكليف جعفر حسان بتشكيل حكومة جديدة، تنتظرها ملفات ثقيلة تبدأ بالأوضاع الداخلية الصعبة أمنيا واقتصاديا دون أن تنتهي بتداعيات حرب غزة ومخاطرها مع مخاوف التصعيد في أي لحظة.
وكلف العاهل الأردني عبدالله الثاني الأحد مدير مكتبه ووزير التخطيط الأسبق جعفر حسان بتشكيل الحكومة الجديدة خلفا لحكومة بشر الخصاونة التي قدمت استقالتها، على ما أفاد الديوان الملكي الأردني. وقال بيان الديوان إن “الملك عبدالله كلف الأحد الدكتور جعفر حسان بتشكيل حكومة جديدة، خلفا لحكومة دولة الدكتور بشر الخصاونة التي قبل جلالته استقالتها”.
ويعاني الأردن الذي تأثر بشدة جراء التصعيد في المنطقة وهو أصلا متأثر بالتوترات في الدول المجاورة العراق وسوريا، أوضاعا اقتصادية صعبة فاقمتها جائحة كوفيد-19 وديون فاقت خمسين مليار دولار. ومن أهم التحديات معالجة البطالة في ظل وجود نسبة كبيرة من السكان في الأردن هم من الشباب، وهذا يتطلب تحسين التعليم والتدريب المهني ليتناسب مع متطلبات السوق، وتوفير فرص العمل أمر ضروري، والتركيز أيضاً على تحسين البنية التحتية والخدمات العامة، مثل الصحّة والتعليم.
وتأثر اقتصاد المملكة بالحرب بين إسرائيل وحركة حماس التي دخلت شهرها الثاني عشر، ولا سيما في قطاع السياحة الذي تشكل مداخيله نحو 14 بالمئة من إجمالي الناتج المحلي. وتستضيف المملكة 1.3 مليون لاجئ سوري، وتؤكد أن كلفة هذه الاستضافة فاقت عشرة مليارات دولار. ويعتمد اقتصاد المملكة إلى حد ما على المساعدات وخصوصا من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول الخليج.
◙ العاهل الأردني دعا حسان إلى العمل على الإعداد للانتخابات المحلية القادمة، ومراجعة وتجويد منظومة التشريعات المتعلقة بها
ومنذ اندلاع الحرب في غزة يشهد الأردن تظاهرات تدعو إلى إلغاء معاهدة السلام الموقعة مع إسرائيل عام 1994. واستدعت عمّان مطلع نوفمبر سفير المملكة لدى إسرائيل، كما أبلغت إسرائيل بعدم إعادة سفيرها الذي سبق أن غادر المملكة.
كما يواجه الأردن محيطا إقليميا مضطربا سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وأمنيا. فإسرائيل تخضع لسياسات ائتلاف يميني متطرف بقيادة بنيامين نتنياهو وحليفيه بتسلئيل سموتريتش، زعيم حزب الصهيونية الدينية، وإيتمار بن غفير، زعيم حزب عوتسيما يهوديت.
وأكدوا هؤلاء صراحة على الرغبة في تصفية القضية الفلسطينية على حساب الأردن وتهجير الفلسطينيين من الضفة الغربية وفرض سيادة إسرائيل على كامل المسجد الأقصى. ويشير اختيار العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني لمدير مكتبه السابق، إلى ثقته بإمكانية أن يقود الحكومة إلى التعامل مع هذه التحديات الكبيرة.
وبحسب الموقع الرسمي للديوان الملكي، وجّه الملك رسالة إلى جعفر حسّان أعرب فيها عن تطلعه إلى أن يقوم رئيس الحكومة المكلف بمهمته بـ”عزم وإرادة صلبة وعمل وتنفيذ مؤسسي كفء، مبني على الرؤية الواضحة التي أرستها مسارات التحديث السياسي والاقتصادي والإداري خلال الأعوام الماضية”، وأضاف أن “ذلك يتطلب فريقاً وزارياً طموحاً ومؤمناً برؤية التحديث، وعلى قدر من الكفاءة والمسؤولية الوطنية والجرأة والمثابرة في اتخاذ القرارات وإيجاد الحلول التي تخدم المواطنين لتجاوز العقبات، ويجب أن تكون مهام الوزراء واضحة ومحددة بأهداف سنوية قابلة للقياس، تخضع للمتابعة والتقييم المستمرين وفق رؤية التحديث الشاملة”.
ودعا الملك في رسالته إلى “العمل على الإعداد للانتخابات المحلية القادمة، ومراجعة وتجويد منظومة التشريعات المتعلقة بها لتمكين هياكل الإدارة المحلية من القيام بدورها التنموي والخدمي على أفضل وجه”، وأكّد “أهمية تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي لتحقيق النمو الشامل المستدام، الذي يكفل مضاعفة الاستثمار وزيادة فرص التشغيل لأبناء الوطن وبناته، ولضمان نوعية حياة أفضل، وعلى الحكومة أن تعمل بشفافية وتوضح آليات عملها بدقة ومسؤولية”.
اقرأ أيضا:
أردنيان اختطفا في سوريا يعودان إلى المملكة
وخاطب العاهل الأردني، رئيس الحكومة المكلف قائلا “أمامكم وفريقكم الوزاري كذلك مسؤوليات في تكثيف التواصل الميداني المباشر مع المواطنين والاشتباك مع قضاياهم وأولوياتهم، والاستماع إلى آرائهم ومشاركتهم التوجهات والرؤى، بحيث يتم التعامل مع التحديات والاحتياجات والتطلعات وإيجاد الحلول الممكنة والبناء على الفرص المتاحة”.
ويحمل حسان (56 عاما) دكتوراه في العلوم السياسية والاقتصاد الدولي من جامعة جنيف، وماجستير في الإدارة العامة من جامعة هارفارد، وماجستير في العلاقات الدولية من جامعة بوسطن، وبكالوريوس في العلاقات الدولية من الجامعة الأميركية في باريس، وفق قناة المملكة وصحيفة الدستور. وقبل تكليفه برئاسة الحكومة، شغل منصب مدير مكتب الملك منذ مايو 2021. وكان قد شغل هذا المنصب أيضا بين عامي 2014 و2018.
وتتجه الأنظار حاليا إلى رئيس الحكومة الجديدة والتشكيلة الحكومية التي سيختارها للتعامل مع المرحلة الراهنة التي تتطلب توافق وتعزيز الحوار السياسي، وأن تحظى بدعم شعبي واسع وتعاون مع مختلف القوى السياسية والاجتماعية لضمان النجاح”. وقدم الخصاونة الأحد، استقالة حكومته للملك تمهيدا لتشكيل حكومة جديدة بعد الانتخابات البرلمانية.
وجرت العادة بعد كل انتخابات برلمانية تجري كل 4 سنوات أن تقدم الحكومة استقالتها للعاهل الأردني، الذي يكلف رئيس وزراء جديدا تشكيل حكومة جديدة. وجرت الانتخابات وفق قانون جديد تم إقراره في يناير 2022، خصص 41 مقعدا للأحزاب في محاولة لإعطاء دفع للعمل السياسي. وتقدم الإسلاميون في الأردن على الأحزاب الأخرى التي شاركت في الانتخابات البرلمانية بحصولهم على 31 مقعدا من أصل 138.
وأرجع محللون هذه النتائج إلى عوامل عديدة، على رأسها حرب غزة، حيث كانت الأحزاب الإسلامية تنشط في الشارع دعما للفلسطينيين وتنظيما للمسيرات المناهضة لإسرائيل، التي دعت في أغلبها إلى إلغاء اتفاق السلام مع إسرائيل. لكن رغم هذه النتائج البارزة، فإنه قد لا يكون لها تأثير كبير على ملفات السياسة الخارجية والتوجهات الأردنية بشكل عام، لكنها “ستتطلب حكومة أقوى، وقادرة على مواجهة برلمان لن يكون مثل سابقيه”.