فض اعتصام الدستوري الحر لا يبدد مخاوف حل البرلمان

مراقبون يرون أن حركة النهضة تجد في الانتخابات المبكرة حلا لخروجها من مأزقها في ظل رفض الأحزاب الوازنة الدخول معها في ائتلاف حكومي.
الثلاثاء 2019/12/10
كتل نيابية على صفيح برلمان ساخن

يطارد شبح الانتخابات المبكرة البرلمان التونسي في ظل تصاعد الخلافات بين الأحزاب مع إثارة المناوشات والحساسيات الأيديولوجية بينها، ويتوقع المراقبون ألّا يصمد هذا البرلمان في ظل الانقسامات التي تشله، والتي تلقي بظلالها سلبا على مسار تشكيل الحكومة الجديدة.

تونس - لا يبدد فض اعتصام كتلة الدستوري الحر في مقر البرلمان التونسي، مخاوف التونسيين من حل البرلمان المنتخب حديثا، حيث يطارده شبح الانتخابات المبكرة، جراء الخلافات والانقسامات الأيديولوجية المتصاعدة بين الأحزاب.

وقررت كتلة “الحزب الدستوري الحرّ”، الاثنين، فضّ اعتصامها في مقر البرلمان التونسي الذي تواصل لمدّة أسبوع.

وكانت كتلة الحزب، التي تضم 17 نائبا من إجمالي نواب البرلمان البالغ عددهم 217، قد قررت، الأربعاء الماضي، تنفيذ اعتصام مفتوح داخل البرلمان، على خلفية مناوشات كلامية وقعت بين رئيسة الكتلة ونائبة عن حركة النهضة.

وقالت رئيسة كتلة الدستوري الحر عبير موسي، خلال مؤتمر صحافي عقدته، الاثنين، بالمركز الإعلامي في البرلمان، إن “ما يهم الكتلة أنه تم رد الاعتبار للدساترة، وتمت إدانة العبارات المسيئة التي وجّهت لهم”.

وأصدر مكتب البرلمان (أعلى هيكل)، الأحد،، بيانين منفصلين، أعلن فيهما “إدانة كل العبارات المسيئة الصادرة في حق كتلة النهضة، من قبل كتلة الدستوري الحرّ، والعبارات المسيئة الصادرة في حقّ كتلة الدستوري الحرّ”.

وحسب المصدر ذاته فقد قرّر المكتب “سحب تلك العبارات من مداولات الجلسة العامة المنعقدة بتاريخ الثلاثاء 3 ديسمبر الجاري”.

وعلى الرغم من فض الاعتصام وعودة البرلمان إلى أشغاله وجلساته، إلا أن متابعين لا يستبعدون سيناريو الانتخابات المبكرة في حال استمرت الخلافات الحزبية التي ألقت بظلالها سلبا على مسار تشكيل حكومة جديدة.

ويقول المتابعون إن حركة النهضة تجد في الانتخابات المبكرة حلا لخروجها من مأزقها في ظل رفض الأحزاب الوازنة الدخول معها في ائتلاف حكومي.

ولا يستبعد هؤلاء أن تعمد حركة النهضة إضافة إلى الأحزاب المحسوبة على القوى الثورية افتعال الخلافات وإثارة الحساسيات الأيديولوجية، بهدف تعطيل أشغال البرلمان وإحداث فوضى تنتهي بانتخابات سابقة لأوانها وتفرز برلمانا جديدا على المقاس.

ويعتقد المتابعون أن الغاية من خلق أزمة بالبرلمان والسعي إلى حله هو رغبة النهضة والأحزاب الصاعدة إلى إزاحة خصومهم من العائلة الوسطية المنافسة.

واعتبر النائب السابق بالبرلمان الصحبي بن فرج، أن البلاد تسير بثبات نحو حل مجلس نواب الشعب (البرلمان) وتنظيم انتخابات سابقة لأوانها.

 وتابع بن فرج في تصريح لـ”العرب” قائلا “ضغوط قانون المالية كان وراء فض الاعتصام، لكن قد يتكرر في مناسبات قادمة جراء الاستفزازات والاستفزازات المضادة بين الكتل النيابية، وهو ما سيعطل جلسات التصويت على مشاريع القوانين”.

Thumbnail

ويضيف “الحكومة أيضا في حال تشكيلها لن تكون لها أغلبية مريحة، ما يعني أن هذا البرلمان في كل الأحوال لا يستطيع أن يصمد”.

ومن شأن تقلص عدد الراغبين في الانضمام إلى الحكومة، أن يجعلها حكومة هشة للغاية حتى إذا ما حصلت على موافقة البرلمان، وقد لا يمكن لها مواجهة ضغط النقابات والمطالب الاجتماعية.

وهذا ما يدفع حسب بن فرج، إلى “انتخابات سابقة لأوانها في حال وقع تشكيل الحكومة أو حتى في حال تشكيلها، وستبقى هذه الفرضية واردة”.

وقالت حسناء بن سليمان، وهي من أعضاء الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس، إن البرلمان أشعر الهيئة بأن تظل على استعداد لإمكانية اللجوء إلى انتخابات برلمانية مبكرة، لكنها سرعان ما تراجعت ونفت تصريحها بذلك.

ويلفت بن فرج إلى أن “أكثر الأحزاب جاهزية لسيناريو الانتخابات المبكرة هي حركة النهضة”. ويتابع “الحزب الحر الدستوري يعوّل أيضا على معركته مع النهضة ليكون قائد الجبهة المناهضة للإسلاميين.. هذان الحزبان جاهزان لهذا السيناريو”.

 وحسب تقدير بن فرج فإن الغموض سيبقى حول الجبهة السياسية التي ستدعم الرئيس التونسي قيس سعيد، والتي من الممكن أن تتشكل في الفترة القادمة.

 ويستنتج أن “البرلمان الجديد سيفرز أكثر ما يمكن من إسلاميين وثوريين وأقل وسطيين”.

ويجمع المتابعون على أن صراعات الأحزاب داخل برلمان مشتت تشارك فيه عائلات سياسية متنوعة، ستعيق عمل الحكومة المرتقبة، وهي المهمة التي كلفت النهضة، الحزب المعني بتشكيل الحكومة، الحبيب الجملي للقيام بها.

لكن تبدو مهمة الجملي صعبة حيث يواجه مخاضا صعبا لمحاولته بإقناع أحزاب من أطياف سياسية مختلفة، بقبول المشاركة في حكومة ائتلافية ترأسها النهضة.

وكان حزبا التيار الديمقراطي وحركة الشعب وهما حزبان رئيسيان في تونس، قد أعلنا أنهما لن يشاركا في حكومة رئيس الوزراء المكلف، الحبيب الجملي، في خطوة قد تقود إلى ائتلاف حكومي هش وقد تلقي بالبلاد في أتون أزمة سياسية.

4