مصر: اتفاقية أردوغان والسراج تعطل العملية السياسية في ليبيا

القاهرة – قال وزير الخارجية المصري سامح شكري إن الاتفاقين اللذين وقعتهما تركيا مع حكومة الوفاق الليبية يعطّلان العملية السياسية في البلاد.
وذكر، الثلاثاء، بيان للمتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية أن ذلك جاء خلال اتصال هاتفي أجراه شكري ،الاثنين ، بالمبعوث الأممي لليبيا غسان سلامة بحثا خلاله التطورات الخاصة بالأزمة الليبية والجهود المبذولة نحو إنجاح “عملية برلين” لتأمين الحل السياسي لاستعادة الاستقرار على الساحة الليبية.
وشدّد شكري على سبيل التحديد على أن الاتفاقين اللذين وقّعهما فايز السراج رئيس حكومة الوفاق الليبية المدعومة دوليا، رغم عدم امتلاكه للصلاحيات اللازمة مع تركيا، من شأنهما تعميق الخلاف بين الليبيين، ومن ثم تعطيل العملية السياسية، وأن هذا جاء في وقت بدأ يتشكّل توافق دولي حول كيفية مساعدة الأخوة الليبيين على الخروج من الأزمة الحالية.
وأكد شكري دعم مصر الكامل لسلامة في مهمته والحرص على نجاحها، مشددا على أهمية الحيلولة دون إعاقة العملية السياسية في المرحلة القادمة بأي شكل من الأشكال من قبل أطراف على الساحة الليبية أو خارجها.
بدوره هدّد وزير الخارجية اليوناني نيكوس ديندياس بطرد السفير الليبي في أثينا، إذا لم يكشف تفاصيل الاتفاق العسكري الذي وقّعته حكومة الوفاق الليبية مع تركيا الأسبوع الماضي، في خطوة تكشف تصاعد الغضب اليوناني من الاتفاق المبرم بين حكومة السراج وأنقرة.
وصرح ديندياس لتلفزيون سكاي، الاثنين، بأن اليونان تريد الاطّلاع على الاتفاق في مهلة أقصاهاالجمعة، “وإلا (فإن السفير) سيعتبر شخصا غير مرغوب فيه وسيغادر البلاد”.
وقال ديندياس، “لا يقتصر الأمر على عدم إطلاعنا على مضمون (الاتفاق) بل يتعدّاه إلى إخفائه عنّا”، مضيفا أن أثينا شعرت بأنها “خدِعت” بعدما أبلغتها حكومة طرابلس في سبتمبر بأن أي اتفاق من هذا النوع لن يوقّع.
كما أعلن رئيس الوزراء اليوناني، الأحد، أن أثينا ستطلب الدعم من حلف شمال الأطلسي خلال قمّته المنعقدة حاليا في لندن بعد توقيع أنقرة الاتفاق مع حكومة الوفاق الليبية.
وبالفعل سعت أثينا إلى الحصول على دعم من الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، الذي قال إنه “لا يمكن أن نقف مكتوفي الأيدي بينما تنتهك إحدى الدول الأعضاء فيه القانون الدولي بشكل صريح”.
وأبرم فايز السراج رئيس حكومة الوفاق الليبية والرئيس التركي رجب طيب أردوغان اتفاقية حول التعاون الأمني والعسكري، وترسيم الحدود البحرية بينهما، أواخر الأسبوع الماضي، وسط غضب شعبي ورسمي وتنديد دولي من اتفاقية تتيح لأنقرة اختراق أجواء ليبيا وأراضيها ومياهها الإقليمية دون إذن.
وأثارت اتفاقية السراج وأردوغان جدلا إقليميا كبيرا، خاصة ما يتعلق بترسيم الحدود البحرية بشكل يتحدّى الخرائط المعترف بها والقانون الدولي، وبالتوازي مع سعي الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى استثمار الاتفاقية في تصريحاته لاستفزاز الدول المعنية بالمنطقة البحرية مثار الاتفاقية، ومن بينها مصر واليونان وقبرص.
وتتوجّس اليونان، من أن تمسّ الاتفاقية من حقوقها السيادية وتتدخّل في رسم الحدود البحرية بشكل غير قانوني ويتجاوز حقوق الدول المتشاطئة.
وترى أثينا أن الاتفاق غير منطقي من الناحية الجغرافية لأنه يتجاهل وجود جزيرة كريت اليونانية بين الساحلين الليبي والتركي.
واعتبر ديندياس أن “اتفاق الحدود البحرية يقارب المهزلة” لعدم أخذه في الاعتبار جزيرة كريت اليونانية.
وكانت اليونان قد أعربت الأسبوع الماضي عن استيائها من الاتفاق، واستدعت سفيري تركيا وليبيا في أثينا لطلب “معلومات عن مضمونة”.
والعلاقات بين اليونان وتركيا حساسة، خصوصا أن الثانية شكّلت بوابة دخول للآلاف من اللاجئين الذين وصلوا إلى الجزر اليونانية.
ومن جهته أبدى الجيش الوطني الليبي، الذي يخوض معركة لتحرير العاصمة من الإرهاب وفوضى الميليشيات، استنكاره من الاتفاق الذي يهدد أمن ومصالح ليبيا.
وأعلن الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر أن توقيع حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا بقيادة فائز السراج على مذكرتي تفاهم أمنية وبحرية مع الحكومة التركية، باطلة ولا تنتج أي أثر في مواجهة الدولة الليبية.
وحذّر الجيش في بيان، الاثنين، من أن الاتفاقية تهدد السلم والأمن الدوليين والملاحة البحرية، وتؤثر بشكل مباشر على مصالح دول حوض البحر المتوسط من خلال محاولة تركيا توسعة نفوذها وتحقيق أطماعها في المنطقة، بحسب موقع بوابة أفريقيا الإخبارية الليبي.
وأكد البيان “أن تركيا أصبحت طرفا مباشرا يهدد مصالح الشعب الليبي في قيام الدولة من خلال تهريبها لكافة أنواع الأسلحة لصالح المجموعات الإرهابية والميليشيات المسلحة، بالإضافة إلى تهديدها لمصالح دول المنطقة من خلال محاولتها السيطرة على مقدرات المنطقة الاقتصادية بحوض البحر المتوسط”.
وكان رئيس مجلس النواب الليبي المنتخب عقيلة صالح قد وجّه خطابا لأمانة الجامعة العربية طالب فيه بسحب اعتماد “حكومة الوفاق”، ومقرّها طرابلس، وذلك بعد توقيع السراج مذكرتي التفاهم، لمواجهة النفوذ التركي المتزايد بليبيا وللتصدي لاتفاقية تتيح لأنقرة امتهان السيادة البحرية لليبيا وتشرّع لتدخّلها العسكري.