نموذج وكالات الأنباء المجانية مهدد بالاندثار

المدير العام لوكالة المغرب العربي للأنباء يدعو وكالات الأنباء للإنصات لمتطلبات السوق واحترام أخلاقيات المهنة والإقبال على الابتكار.
الاثنين 2019/12/02
بيع الخدمة الإعلامية نموذج سليم

الرباط - دعا رئيس الفيدرالية الأطلسية لوكالات الأنباء الأفريقية (فابا)، المدير العام لوكالة المغرب العربي للأنباء، خليل الهاشمي الإدريسي، السبت بالرباط، إلى إعادة ابتكار نموذج اقتصادي لوكالات الأنباء يقوم على الأداء مقابل الخدمة الإعلامية.

وأكد الإدريسي في كلمة، خلال اختتام أشغال الدورة الخامسة للجمعية العامة للفيدرالية الأطلسية لوكالات الأنباء الأفريقية التي انعقدت يومي 29 و30 نوفمبر الماضي، أن “النموذج الشمولي لوكالة الأنباء المجانية، التي تقدّم محتوى دون قيمة مادية، مهدد بالاندثار بالقارة الأفريقية”.

وشدد على أن نموذج الوكالة العمومية، التي تبيع الخدمة الإعلامية (الخبر والمعلومة)، يعدّ “نموذجا سليما أكثر على المستوى الاقتصادي”، مشيرا إلى أنه يتعين على الوكالة تقديم منتوج إعلامي بأنماط ودعائم متنوعة.

ولاحظ رئيس الفيدرالية الأطلسية لوكالات الأنباء الأفريقية في هذا السياق، أن توافر استراتيجية تجارية يحسّن المنتوج الإعلامي ويفتح مجالا للتسويق ويمكّن من إرساء علاقة مع الزبون، مؤكدا ضرورة إدراج الوكالات في إطار هذه الرؤية الاقتصادية لجعلها أكثر جاذبية.

كما دعا وكالات الأنباء إلى أن تكون أكثر إنصاتا لمتطلبات السوق، وأن تشتغل في احترام لأخلاقيات المهنة وتُقبل على الابتكار، مشددا على ضرورة أن تتم بلورة ومناقشة مستقبل الوكالة بشكل جماعي من خلال إشراك جميع الأطراف المعنية في تحديد وإرساء المشاريع.

 واعتبر مهنيون في الإعلام داخل وخارج المغرب، شاركوا في أشغال الدورة  أن مهنة الصحافة تتجاذبها مسؤولية توفير المعلومة الدقيقة من جهة، وضرورة احترام أخلاقياتها من جهة ثانية، بالموازاة مع إكراهات ظروف العمل التي تعرف تغييرات عميقة بفعل تأثرها القوي بوسائل التكنولوجيا الحديثة.

وبحضور مسؤولين بمجالس الصحافة الأجنبية وخبراء وطنيين ودوليين من 12 دولة، ناقش المجتمعون،  في ندوة دولية الإشكالات المتعلقة بالعمل الصحافي، وعلى رأسها إشكالات المهنة في حد ذاتها، ثم كيفية تجديد مفاهيم وفلسفة الأنظمة والأخلاقيات على ضوء التحولات الحاصلة في المواثيق واستعمالات التكنولوجيا الحديثة والإنترنت وما يترتب عليها بخصوص مستقبل المهنة في ضوء هذه التحولات.

وفي ذات الندوة، تحت عنوان “إعادة تشكيل الصحافة: ما السبيل إلى المواءمة بين الأنظمة الأخلاقية ومسؤولية وسائل الإعلام؟”، أكدت فاطمة الزهراء ورياغلي، نائب رئيس المجلس الوطني للصحافة بالمغرب، ضرورة تناول موضوع الأخلاقيات في إطار الزخم التقني، لتحديد مسؤولية الصحافي من خلال استحضار تجارب دولية.

وجوب تقديم منتوج إعلامي بأنماط ودعائم متنوعة
وجوب تقديم منتوج إعلامي بأنماط ودعائم متنوعة

من جانبها، طالبت كولد الخوري، المدير العام لمنظمة اليونيسكو بالمغرب، بالدفاع عن الصحافيين والسماح لهم بالعمل في جوّ يمكّنهم من التعبير عن رأيهم دون ضغوط من أي نوع، مشيرة إلى أن المغرب يعرف تطورا للمساحة الإعلامية، لكن في نفس الوقت يشهد تضييقا في مجالات معينة.

وأشارت الخوري، إلى أن أخلاقيات الصحافة مهمة جدا، خاصة مع سيطرة الأخبار الزائفة في العالم بأكمله.

في سياق آخر، استعرض المشاركون الواقع الصحافي في تونس، مؤكدين تطور الإعلام في هذا البلد بعد ثورة 2011.

وقال زياد الدبار، عضو نقابة الصحافيين التونسيين، إن “الحرية يجب أن تكون لها ضوابط أخلاقية وقانونية لحماية الصحافيين والجمهور والقارئ وتأخذ بعين الاعتبار الصالح العام، مؤكدا أن “الصحافة في تونس عرفت تطورات عديدة، من بينها ظهور الصحافة الصفراء التي تخدع وتغشّ وتنشر معطيات شخصية جدا حول المسؤولين والنقابيين، وتمارس العنصرية والابتزاز في حق شخصيات عامة من قضاة ووزراء وشخصيات سياسية”.

ومن جهته، استعرض الكاتب العام للفيدرالية الدولية للصحافيين، المؤرخ والنقابي الفرنسي أنطوني بلانجر، في مداخلة ثرية، دور الفيدرالية التي تأسست سنة 1926، لتسلّط الضوء مبكرا على حقوق الصحافيين، وتحديدا بعد الحرب العالمية، حيث طرح موضوع الرواتب والتكوين والحماية والأخلاقيات.

وذكر بلانجر أن الفيدرالية بادرت إلى إصدار ميثاق أخلاقي دولي للصحافيين، يؤكد أن الصحافة “مهنة تتطلب ممارستها الوقت والوسائل وتوفّر أمن معنوي ومادي لا غنى عنه لاستقلاليتها”.

وكانت أشغال الجلسة الثانية ركزت على التحديات الجديدة التي تعيشها الصحافة في العهد الرقمي.

يُذكر أن الميثاق الأخلاقي الذي انبثق عن الندوة مهمّ لتعزيز حرية الصحافة بشكل عام، وفق الخوري، التي اعترفت  أنه غير كاف، لأن “الدفاع عن حرية التعبير هو مسؤولية الجميع”.

18