مخاوف ألمانية من فشل مؤتمر برلين

ألمانيا تسعى إلى التوسط لحل النزاع والحيلولة دون حدوث حرب بالوكالة في ليبيا غير أن التطورات الميدانية الأخيرة في العاصمة طرابلس تعرقل تنظيم قمة برلين.
الثلاثاء 2019/11/26
المشكل أمني بالأساس

تتزايد مخاوف ألمانيا من فشل المؤتمر الذي تستعد لتنظميه في برلين لبحث الأزمة الليبية وإيجاد تسوية سياسية بين الفرقاء. وتكشف فرضية إرجاء مؤتمر برلين إلى العام المقبل، عن فشل المباحثات الأولية في اجتماعات المؤتمر التحضيرية، كما أن تغيّر الموقف الأميركي الذي يتجه لدعم الجيش الليبي في مواجهة فوضى الميليشيات وغياب حماس أميركي، يفقده الدعم المطلوب.

برلين- تصطدم الجهود الدولية الرامية إلى عقد مؤتمر في العاصمة الألمانية يهدف إلى تهدئة النزاع الليبي، باستمرار التوتر الأمني الذي تحرض عليه ميليشيات حكومة الوفاق في مواجهة جهود الجيش الوطني الليبي لتحرير العاصمة طرابلس من الإرهاب من جهة، وبتضارب مواقف القوى الإقليمية الكبرى بشأن الأزمة الليبية من جهة ثانية.

وترجح مصادر إعلامية تأجيل مؤتمر برلين إلى مطلع العام المقبل. بحسب معلومات وكالة الأنباء الألمانية فإنه من المخطط عقد اجتماع تحضيري بين دبلوماسيين رفيعي المستوى منتصف ديسمبر المقبل، ومن المحتمل أن يُتخذ بعد ذلك قرار نهائي بشأن القمة.

وتسعى ألمانيا منذ سبتمبر الماضي إلى التوسط لحل النزاع والحيلولة دون حدوث حرب بالوكالة في ليبيا على غرار سوريا بعدما كشفت تقارير إعلامية عن تزويد تركيا وقطر حكومة الوفاق بالعتاد والأسلحة، وهو ما يتطلب أولا حظر توريد أسلحة إلى هناك.

ويتولى مساعي الوساطة، ديوان المستشارية في برلين ووزارة الخارجية الألمانية. وتم عقد أربعة اجتماعات تحضيرية من قبل، وكان آخرها الأسبوع الماضي.

وذكرت المصادر أن القمة ستُعقد على الأرجح، لكن هناك حاجة إلى المزيد من الوقت حتى مطلع العام المقبل. وتهدف القمة إلى الجمع بين الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن على طاولة المحادثات على أعلى مستوى ممكن لمناقشة الملف الليبي.

ويشير المتابعون إلى أن تأجيل المؤتمر إلى مطلع العام القادم يكشف ضمنيا عن فشل اجتماعاته التحضيرية الأولى، ما يعني صعوبة التوصل إلى حل سياسي وإنهاء الأزمة.

عزالدين عقيل: واشنطن حسمت أمرها وعزمت على دعم الجيش الليبي
عزالدين عقيل: واشنطن حسمت أمرها وعزمت على دعم الجيش الليبي

ويلاحظ هؤلاء أن التطورات الميدانية الأخيرة مع تواصل التوتر الأمني في العاصمة طرابلس، تعرقل تنظيم المؤتمر، أمام تزايد المخاوف الألمانية من فشلها في بلورة حل سياسي للأزمة على غرار المؤتمرات الدولية السابقة حول لبيبا.

وما زاد من المخاوف الألمانية غياب حماس أميركي لعقد المؤتمر، حيث تتجه الولايات المتحدة لتوضيح موقفها في التعاطي مع الأزمة الليبية والاصطفاف مع الجيش في مواجهة الميليشيات والجماعات الإرهابية.

واتسم الموقف الأميركي بالتردد في التعاطي مع الأزمة الليبية، فهي أحيانا تظهر دعمها لقائد الجيش خليفة حفتر، وأحيانا أخرى لحكومة الوفاق برئاسة فائز السراج.

لكن التطورات الأخيرة، وخاصة دخول روسيا على خط الأزمة في تكرار للمشهد السوري، جعلت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تتجه لحسم موقفها بدعم الجيش القادم من الشرق والتخلي عن حكومة طرابلس التي باتت رهينة عند ميليشيات مسلحة صنفت بعض قياداتها على قوائم أميركية للإرهاب.

وأوضح المحلل السياسي عزالدين عقيل لـ”العرب” أن “العامل الرئيسي لتعطيل انعقاد مؤتمر برلين هو تضارب مواقف الدول الكبرى حوله”، مشيرا إلى أن “صعوبات انعقاد المؤتمر قد تجلت في فشل اجتماعاته التحضيرية”.

 ويعتقد عقيل أن “واشنطن حسمت أمرها وعزمت على دعم الجيش الليبي”.

ويعزو المحلل الليبي ذلك إلى وعي أميركي متزايد بقدرة الجيش على حسم الصراع في مواجهة فوضى الميليشيات وعصابات الجريمة المنظمة خاصة غرب البلاد.

وألمحت واشنطن مؤخرا عن دعم جهود التغيير بليبيا مع مساع ليبية واسعة لتشكيل حكومة جديدة تتولى مرحلة انتقالية تعقب دخول الجيش إلى العاصمة طرابلس وطرد الميليشيات منها.

وسبق أن استبعدت مصادر لـ”العرب”، “انعقاد مؤتمر برلين خلال هذه الفترة بسبب غياب الدعم الدولي له، وخاصة الأميركي”.

واعتبرت المصادر أن الولايات المتحدة تشترط تأجيل مؤتمر برلين إلى السنة المقبلة، وهو ما يشير إلى أن واشنطن تريد منح المزيد من الوقت إلى أحد الأطراف كي يحسم الصراع عسكريا.

ويلفت المراقبون أن النجاحات الميدانية الخيرة للجيش الليبي، أسهمت في تغيير الموقف الأميركي تجاه أطراف النزاع في ليبيا.

 وحقق الجيش الليبي نجاحات ميدانية من خلال استهدافه ذخيرة أسلحة تركية ثم إسقاطه لطائرة مسيرة إيطالية الأسبوع الماضي، إضافة إلى فرضه حظرا جويا فوق طرابلس.

تهدف القمة إلى الجمع بين الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن على طاولة المحادثات على أعلى مستوى ممكن لمناقشة الملف الليبي

وأكد الناطق باسم القيادة العامة للقوات المسلحة الليبية، اللواء أحمد المسماري، فرض حظر جوي فوق منطقة العمليات في طرابلس وحولها، مرجعا ذلك إلى “تقدم قوات القيادة نحو طرابلس”.

ويراهن الجيش الليبي على الحسم العسكري لحل النزاع، وسبق أن وجّه رسائل إلى المجتمع الدولي، تؤكد ضرورة القضاء على الميليشيات قبل الدخول في تسوية سياسية.

وكانت قيادة الجيش الليبي أصدرت بيانا، الأربعاء، بـ“شأن مؤتمر برلين حول الأزمة الليبية“، لـ“توضيح بعض النقاط للمجتمع الدولي والبعثة الأممية“، مؤكدة مضيها في العملية العسكرية في طرابلس لتحريرها من الإرهاب، ودعت فيه المجتمع الدولي إلى ضرورة تمييز وتحديد الجماعات الإرهابية والأطراف الخارجية التي تقف وراءها، والتي تعمل على تأجيج الصراع في البلد.

 وخلص عزالدين عقيل بالقول “العملية السياسية ستطلق بالكامل بعد أن ينتهي الجيش من مهمته ويحرر العاصمة من الميليشيات”.

4