المغرب يقود جهود تنمية الثروات البحرية في أفريقيا

كثف المغرب جهوده الرامية إلى دعم الثروات البحرية في أفريقيا من خلال حزمة مبادرات جديدة لإقناع دول القارة بضرورة مواجهة المخاطر المتنامية نتيجة الإفراط في عمليات الصيد، الذي يمثل خطرا كبيرا على مستقبل تنمية الاقتصاد الأزرق، فضلا عن تسريع وتيرة التحرك بشكل أوسع لجذب المزيد من الاستثمارات للقطاع.
الداخلة (المغرب) - تسارعت تحركات المغرب لوضع أسس مستدامة للاقتصاد الأزرق بأفريقيا عبر جذب الاستثمارات ومواجهة استنزاف الثروة السمكية بعد تصاعد التحذيرات من المخاطر المحدقة بمستقبل القطاع الاستراتيجي لدول القارة.
وشكلت الدورة الأولى للملتقى الدولي لرجال البحر، الذي احتضنته على مدار يومين مدينة الداخلة في الصحراء المغربية، بمشاركة 27 بلدا فرصة لإطلاق منظمة إقليمية للدفاع عن الاقتصاد الأزرق في أفريقيا.
وسلط الملتقى الضوء على عدد من القضايا والتحديات في مجال الصيد البحري في المياه الأفريقية ودور القارة في القطاع البحري الدولي، والتجارة البحرية بين الدول، والسياحة البحرية كاقتصاد في نمو صاعد، فضلا عن تطوير الموانئ.
وأكد المشاركون في ختام فعاليات الملتقى المنظم من طرف مجلس جهة الداخلة-وادي الذهب، على ضرورة إطلاق هذه الهيئة بدعم سياسي وحكومي مع مدها بالموارد اللازمة لكي تضطلع بدورها كاملا في هذا المجال.
وقال رئيس مجلس الجهة الخطاط ينجا خلال افتتاح الدورة تحت شعار “آفاق الاقتصاد الأزرق بأفريقيا” إن “الاقتصاد الأزرق يقدم رؤية جديدة للمجال البحري، وفي طريقه ليصبح محركا حقيقيا للاقتصاد، وضمانا للتنمية المستدامة”.
وأوضح أن قطاع الصيد البحري يمثل المصدر الرئيسي للتنمية السوسيو-اقتصادية في جهة الداخلة-وادي الذهب، من خلال استحواذه على 65 بالمئة من الإنتاج المحلي. وهذا الملتقى تم تنظيمه بالشراكة مع المرصد الوطني لرجال البحر وجمعية حماية الثروة البحرية ووكالة الاتصال والتعاون الدولي، إلى جانب جهة الداخلة-وادي الذهب
ويهدف الحدث الأول من نوعه، الذي شكل مناسبة للاحتفاء بفعاليات نسائية مغربية وأجنبية اضطلعن بأدوار مهمة في مجال تنمية الاقتصاد البحري، إلى تعزيز وإدماج مفهوم الاقتصاد الأزرق ضمن الاستراتيجيات الإنمائية للدول.
وتزايدت المطالب بشأن توحيد جهود دول أفريقيا للدفاع عن مصالحها الاقتصادية البحرية، عبر إحداث مجموعات بحرية أفريقية، وتفعيل دور الميثاق البحري والعمل على إنشاء أساطيل بحرية محلية وتعزيز ديناميكية النقل البحري بين البلدان.
واعتبر خبراء أن هناك حاجة إلى التنسيق المستمر بين جميع الأطراف المعنية بالقطاع البحري في أفريقيا، مع إشراك الاتحاد الأفريقي في مهمة تنمية الاقتصاد الأزرق في القارة، والاستفادة من دعم مؤسسات مالية مثل البنك الأفريقي للتنمية والبنك الدولي.
وتتسلح السلطات المغربية بحزمة من المبادرات المتنوعة مع شركائها ومن بينها المنظمات الدولية المهتمة بهذا المجال من أجل الدخول بشكل أسرع في ثورة استزراع الأسماك، وبالتالي تنمية الاقتصاد الأزرق.
ويقول خبراء إن دعم تطوير مجال استزراع الأسماك وتشجيع الاستثمار فيه وزيادة الالتزام بمنع الصيد العشوائي خلال فترات تكاثر الأسماك وتلبية الطلب المتزايد خلال الموسم السياحي، كلها عوامل ستساعد دول المنطقة على تعزيز عوائدها.
وتتقاسم الحكومات ومنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) والعديد من الهيئات الأفريقية والعاملون بالقطاع والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني هاجس تعزيز استدامة مصايد الأسماك.
وسعت الدورة إلى المساهمة في مقاربة اقتصادية بحرية ترتكز على الاستعمال المستدام والتدبير الجيد للنظم الإيكولوجية المائية والموارد الطبيعية البحرية. كما أن الدول المشاركة في هذه الدورة ترمي إلى تعزيز التعاون في ما بينها لإرساء استراتيجية بحرية متكاملة لقارة أفريقيا بحلول 2050.
وتؤكد الدراسات أن كميات الأسماك، التي تم صيدها منذ 1990 شهدت تزايدا كبيرا خاصة الأسماك الصغيرة، وهو ما ينذر بالخطر بسبب التغييرات المحتملة التي قد تطرأ مستقبلا مع استمرار الصيد العشوائي.
ومن هذا المنطلق، اختار المغرب اعتماد استراتيجية قوية ومندمجة لضمان حوكمة ثرواته السمكية تتمثل في استراتيجية “أليوتيس” التي حققت، بعد 10 سنوات من اعتمادها، تقدما ملحوظا، كما أن الآفاق المستقبلية لهذا القطاع تظل واعدة.
وكانت الرباط قد أطلقت إلى جانب عدد من الشركاء، مبادرة مناخية أطلق عليها اسم “الحزام الأزرق” تهدف إلى الاستجابة بشكل ملموس للرهانات والتحديات ذات الصلة باستدامة الصيد البحري وتربية الأحياء المائية بأفريقيا وحوض المتوسط.
وتعتبر استدامة مصائد الأسماك من بين أبرز القضايا، التي تؤرق جميع مناطق العالم، وفق وزير الفلاحة والصيد البحري المغربي، عزيز أخنوش، الذي قال في وقت سابق إن “الوضع الحالي يحتاج إلى المزيد من العمل من أجل حماية النظم الإيكولوجية الأرضية والبحرية”.