الليكود يقاوم ضغوطا تطالب بتنحي نتنياهو

تل أبيب – يحاول حزب الليكود مقاربة الأزمة التي فجرها المستشار القضائي للحكومة أفيخاي مندلبليت بتوجيه لائحة اتهام ضد زعيمه بنيامين نتنياهو، بهدوء، بيد أن ذلك لا يخفي حالة الارتباك داخل الحزب، خاصة وأن التوقيت ليس في صالحه لجهة تزامنه مع المهلة المحددة للكنيست لاختيار مرشح لرئاسة الوزراء بعد فشل كل من نتنياهو ومنافسه زعيم تحالف أزرق أبيض بيني غانتس في تشكيل حكومة.
وعكست خطوة القيادي في حزب الليكود والنائب في الكنيست جدعون ساعر، بتقديمه طلبا الأحد، لرئيس اللجنة المركزية للحزب حاييم كاتس لإجراء انتخابات تمهيدية قبل الحادي عشر من ديسمبر المقبل، عمق الأزمة داخل الحزب القابض على السلطة في إسرائيل منذ العام 2009.
وهذه هي أول محاولة رسمية داخل الليكود للإطاحة بزعيمه منذ إعلان مندلبليت الأسبوع الماضي توجيه اتهامات لرئيس الوزراء تتضمن الحصول على رشى والاحتيال وخيانة الأمانة في ثلاث قضايا فساد.
وترافقت خطوة ساعر مع ضغوط من خارج الحزب تطالب بإقالة نتنياهو تقودها بعض الأحزاب والمنظمات على غرار “حركة من أجل جودة الحكم في إسرائيل” التي قدمت الأحد التماسا للمحكمة العليا تدعو فيه إلى ترك نتنياهو الحكومة، معتبرة أن توجيه اتهامات جنائية لرئيس وزراء لا يزال في منصبه “تجاوز للخط الأحمر وصفعة قوية لثقة الرأي العام في مؤسسات الحكم”.
ويتشكك كثيرون في قدرة القيادي في الليكود على الترويج لمقترحه، في ظل التفاف لافت من الحزب وقواعده حول زعيمهم رئيس الوزراء المنتهية ولايته الذي أبدى تمسكا بمنصبه، بيد أنه أمام تزايد متوقع لحجم الضغوط خاصة بعد تقديم الرئيس ريفلين طلبا إلى مندلبليت، بشأن أهلية نتنياهو لتشكيل حكومة، فإن كل السناريوهات واردة.
ونقلت هيئة البث الإسرائيلي عن ساعر القول إن اقتراحه بإجراء انتخابات حزبية سيقود إلى “تشكيل حكومة ضمن الكنيست الحالي وينهي الأزمة السياسية المستمرة منذ عام تقريبا، وسيمنع الانجرار لانتخابات نحن في غنى عنها”.
ووجه ساعر الذي يعد أحد أبرز منتقدي نتنياهو داخل الليكود في وقت سابق، انتقادات شديدة اللهجة للأخير حيال اعتباره لائحة الاتهام الموجهة ضده محاولة انقلابية، مشددا على أن نتنياهو لن ينجح في تشكيل حكومة، وأنه يجب إجراء انتخابات تمهيدية بسرعة خلال الـ21 يوما.
وبدا واضحا أن عين ساعر على زعامة الحزب، ويرى في الاتهامات الموجة لنتنياهو فرصة لا يمكن تفويتها، بيد أن الأصداء القادمة من الليكود حتى الآن تؤكد أن الرجل يغرد وحيدا.
وقال القيادي في الليكود في لقاء إعلامي “نحن حزب ديمقراطي ولسنا مثل حزب ‘يوجد مستقبل’، الذي ليست لديه انتخابات داخلية”، مضيفا “أنا أستطيع تشكيل حكومة وتوحيد الدولة والسياسة”.
ويراهن ساعر لتعزيز حظوظه على القوى السياسية الأخرى المؤثثة للكنيست حيث أن جزءا مهما منها يرفض إعادة تولي نتنياهو لرئاسة الوزراء، معتبرا أنه حان الوقت لإنهاء احتكار الأخير للسلطة منذ أكثر من 10 سنوات متتالية هذا دون احتساب المدة التي قضاها في هذا المنصب بين عامي 1996 و1999.
وعن الانتقادات الموجهة للمستشار القضائي للحكومة أشار إلى “أنه كان سكرتير حزبنا ونتنياهو هو من عيّنه، وأنا أعرف استقامته، هذه ليست محاولة للانقلاب في الحكم، هذا ليس صحيحا وليس مسؤولا”.
وتطرق ساعر إلى إمكانية إجراء انتخابات ثالثة، حيث قال “أنا لم أسمع شخصا واحدا يقول إنه يعتقد أنه وبعد انتخابات ثالثة وحتى رابعة أو خامسة سيستطيع نتنياهو تشكيل حكومة”. وأضاف “هناك إمكانيتان، الأولى الاستمرار بالمأزق الذي تمر به الدولة منذ سنة أو إعطاء الحكم لمنافسينا السياسيين ونحن لسنا بعيدين عن ذلك، فلأول مرة منذ عدة سنوات خسرنا الأكثرية في الكنيست وأصبح الحزب المنافس يملك مقاعد أكثر منا”.
وللمرة الأولى منذ العام 2009، يفشل حزب الليكود في تصدر الانتخابات التشريعية حيث حل في الاستحقاق الذي جرى في سبتمبر الماضي في المرتبة الثانية بعد تحالف “أزرق أبيض” بقيادة الوافد الجديد على الساحة السياسية الجنرال بيني غانتس.
ورغم ذلك كلف الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين زعيم الليكود بتشكيل حكومة جديدة إلا أن الأخير فشل في مهمته لتؤول إلى غانتس الذي لم يحالفه الحظ هو الآخر في ظل تباينات بينه وبين الليكود، الأمر الذي اضطر الرئيس الإسرائيلي إلى الذهاب في خيار تكليف الكنيست باختيار رئيس للوزراء لتجنب خيار السير في انتخابات هي الثالثة خلال أقل من عام.
ووفق القانون الإسرائيلي، بإمكان رئيس الوزراء المنتهية ولايته الاستمرار في منصبه، وحتى الترشح لولاية جديدة ما لم يصدر قرار بإدانته.
وتقول أوساط سياسية إسرائيلية إن نتنياهو ليس في وارد تقديم استقالته، أو القبول بخيار الذهاب في انتخابات حزبية استنادا إلى استشارة قدمها له المستشار القضائي لليكود تقول إنه ليس مضطرا للسير في هكذا خيار قبل أن تتضح معالم إجراء انتخابات تشريعية جديدة.
ويستند نتنياهو على دعم معظم أعضاء حزب الليكود وقاعدته التي تنظر إليه على أنه الزعيم الأوحد الذي بفضله نجح الحزب في السيطرة على السلطة طيلة سنوات، وأن تنحيه سيعني تآكل الحزب وخروجه عن الحلبة السياسية.
وبات اسم الليكود مقترنا حتما بزعيمه نتنياهو الذي تولى رئاسته منذ العام 1993، وبالتالي مغادرته وبهذه الطريقة ستكون ضربة قاصمة للحزب.
وقالت وزيرة الثقافة، ميري ريجيف، من حزب الليكود، الأحد ردا على الدعوات إلى إجراء انتخابات تمهيدية “لقد أبلغ جدعون ساعر منذ الآن، أن بيبي (نتنياهو) هو من سيفوز برئاسة الليكود”. وانتقدت ريجيف دعوة ساعر قائلة إن ذلك “يعني جلب التوتر إلى صفوف الليكود بأسره، بدلاً من الاستعداد لمهمة واحدة فقط، وهي الفوز في الانتخابات البرلمانية”.
من جهته قال رئيس كتلة الليكود في البرلمان، ميكي زوهر، “لو كانت لدي أية شكوك أن رئيس الحكومة يعمل من أجل النهوض بمصالحه الاقتصادية، سأحثه على الاستقالة، ولكن عندما أرى كيف يجري التحقيق، أدرك أنه كان تحقيقا سيئا ومجنونا”.
وأضاف زوهر “رئيس الحكومة بحاجة لطلب الحصانة بسبب الملاحقة السياسية، والشرطة تلاحق رئيس الحكومة بسبب تعرضها لضغوطات من قبل وسائل الإعلام”. وتابع “هناك شوائب لا نهاية لها خلال سير التحقيقات، وأريد أن يحكم الجمهور على من سيكون رئيس الحكومة وليس أي جهة أخرى”.