ما سرّ تواصل الود بين ترامب وأردوغان في أجواء مشحونة

الأغلبية الساحقة في الكونغرس الأميركي ترفض اللقاء الذي سيجمع ترامب بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
الأربعاء 2019/11/13
أردوغان يضع ترامب في موقف حرج

أنقرة – لا شيء سيكسر في ما يبدو العلاقة بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب والرئيس التركي رجب طيب أردوغان. فبغض النظر عن مدى توتر العلاقات بين البلدين، يقول البعض إن علاقة غامضة تبقي الاثنين سويا، وهو ما يعني أنهما يدعمان بعضهما البعض.

فقد تحدى أردوغان حلف شمال الأطلسي (الناتو) بشراء النظام الدفاعي الصاروخي الروسي (أس- 400) وعبّر عن اهتمامه بطائرات سو- 35 الروسية ونفّذ توغلا تركيا في سوريا.

في مثل هذه الظروف، فإن اجتماعا بين زعيم القوة العظمى الوحيدة في العالم ورئيس دولة حليفة غريب الأطوار ومثير للمشكلات على نحو متزايد يخبرنا بما فيه الكفاية إلى أي مدى أصبحت السياسة الواقعية معيارا عالميا، وذلك في وقت قال فيه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بحكمة إن حلف الناتو يمر في ما يبدو بحالة “موت إكلينيكي”.

فلا توجد دولة واحدة على الساحة العالمية -باستثناء قطر وأذربيجان المترددة وروسيا التي تحسب حساباتها في صمت- توافق على النمط السلوكي لأردوغان الذي يعزز حكمه الحديدي دون أي تردد، ويواجه الأكراد بعنف في الداخل وعبر حدود تركيا، ويخطط لإقامة طويلة الأجل في سوريا. مما لا شك فيه أنه يستفيد من الخراب الدبلوماسي الذي يحطم الحمض النووي للغرب.

ويتساءل كثيرون بعد ذلك لماذا لم يُلغ أردوغان أو يؤجل زيارته إلى واشنطن في حين تعارضها الأغلبية الساحقة في الكونغرس الأميركي بشدة. فقد أقرّ مجلس النواب الأميركي قرارين بعد التوغل التركي، أحدهما يعترف بالإبادة الجماعية للأرمن، والآخر يوصي بفرض عقوبات واسعة النطاق على حكومة أردوغان. في الفترات الطبيعية السابقة، كان كل فعل من هذا النوع قد أدى إلى تراجع العلاقات، واستدعي السفير التركي من الولايات المتحدة لإجراء “مشاورات”، وكان يبلغ الأمر إلى مطالبة الدبلوماسيين الأميركيين بمغادرة البلاد.

ومع ذلك، فإن أردوغان، بعد تقييم ماكر، فعل عكس ذلك تماما. يبدو أنه هو الذي أصرّ على زيارة واشنطن ووافق ترامب تحت ضغط هائل من تحقيق المساءلة. الأمر محيّر حقا.

بالنسبة إلى أردوغان، لا يمكن للمرء أن يتحدث عن الإحراج. وكان التوغّل التركي نصرا كبيرا في الداخل. لقد راهن على العملية العسكرية وصعد عليها. كان يعرف أن كتلة المعارضة، المؤلفة من حزب معارضة رئيسي مشوّش، حزب الشعب الجمهوري، وجميع الأحزاب الأخرى على المستوى القومي والمحافظ غير قادرة على الطعن في قراره لأن أردوغان كان يعرف الجنون القومي الكامن في تركيا.

نائب أميركي يتسائل عن سرّ العلاقة
نائب أميركي يتسائل عن سرّ العلاقة 

وأشار استطلاع رأي أجرته مؤسسة تركيا رابورو في أنقرة إلى دعم هائل للتوغل في مختلف التكتلات الحزبية. ولم يكن مفاجأة تأييد 97.6 في المئة من المشاركين في الاستطلاع من حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه أردوغان. ولم يكن مفاجئا أيضا أن الناخبين من حزب الحركة القومية، الشريك الأصغر في حكم أردوغان، كان دعمهم أكثر أو أقل من نفس المستوى. بالإضافة إلى ذلك، عبر أكثر من ثلث المشاركين في الاستطلاع الذين صوتوا لصالح حزب الشعب الجمهوري العلماني عن تأييدهم لخطوة أردوغان.

وعند جمع هذه النسب، يصل تأييد الحرب إلى ما يقرب من 85 في المئة. ويستعدي هذا الجنون أكراد تركيا أكثر. وفي ظل هوس أردوغان بتعزيز سلطته بعد الهزيمة في الانتخابات المحلية التي أجريت في الربيع الماضي، ما كان له أن يبالي بدرجة أقلّ من ذلك. لقد زاد المخاطر وحقق فوزا كبيرا في العلاقات العامة. وفي حين يصرّ على زيارة البيت الأبيض، فإن هذا الاعتبار هو عامل أساسي يمنع أردوغان من أن يغمض عينيه.

ما الخطوة التالية؟ يعرف أردوغان أن ترامب هو الشخص الوحيد الذي يمكنه التعامل معه، لكن ما العمل؟

ستكون هناك ثلاثة أشياء على جدول الأعمال على الأرجح. لا يزال أردوغان مهووسا بقضية غسل الأموال سيئة السمعة لبنك خلق في محكمة اتحادية في نيويورك، والتي قد تضعه مع وزرائه في انتهاك للحظر المفروض على إيران. أردوغان، الذي نجح في أن يجعل القضية تتبخر في الداخل، سيجعل ترامب يفعل الشيء ذاته، أو على الأقلّ سيحاول إبرام صفقة، من خلال مساومة صعبة (إطلاق سراح بعض موظفي السفارة الأميركية المحتجزين)، بما في ذلك بعض المغريات، مثل العقود التجارية الجديدة.

ثانياً، سيطلب من ترامب وقف الدعم للمقاتلين الأكراد. ثالثاً، سيطلب اتفاقية تجارة حرة، حتى لو لم يكن من المحتمل أن يتم تنفيذها لبعض الوقت.

إن الاستمرار في البقاء على مقربة من رجل قوي يواجه استياءً عالمياً يضع ترامب في موقف حرج لأنه لا يوجد سبب يدعو إلى زيادة نسب تأييده من خلال ارتباطه بأردوغان. فلم يقنع دعمه للتوغل التركي الكونغرس ولا الناخبين الإنجيليين، إذ ظلت الأخيرة متعاطفة مع الأكراد. ثم هناك شائعات حول ما إذا كان لدى أردوغان بعض أوراق المساومة لتوجيه ترامب بطريقته الخاصة.

7