الوحمة تؤرق الأسرة نفسيا واجتماعيا وماديا

العلوم أثبتت أنه لا علاقة تجمع بين ما يظهر من وحمات على الجنين وبين ما تعيشه المرأة في أشهر حملها الأولى.
الأربعاء 2019/11/13
الأسر تسعى إلى تلبية كل ما تشتهيه الحامل خوفا من الوحمة

عمان - تعيش المرأة في شهور حملها الأولى حالة غريبة تعرف في الكثير من الدول بالوحم وتغيّر تأثيرات الوحم عاداتها الغذائية، وتسعى الكثير من الأسر إلى تلبية كل ما تشتهيه الحامل من أكلات. ولا يقتصر هذا الحرص على تلبية رغبات الحامل ولكن الأسر تخشى من ظهور الطعام الذي اشتهته الحامل على جسم المولود ويحدث ما يسمى بالوحمة، مما يتسبب له في تشوّهات تؤثر على مجرى حياته وحياة أسرته نظرا إلى تأثيراتها النفسية والاجتماعية والمادية.

وعلى الرغم من تأكيد العلم أنه لا علاقة تجمع بين ما يظهر من وحمات على الجنين وبين ما تعيشه المرأة في أشهر حملها الأولى، إلا أن أول سؤال تواجهه الأم لحظة الولادة إن كان ظهر على محيّا طفلها أو أي جزء من جسده، مساحة مغطاة ببقع حمراء قانية “على ماذا توحمتِ؟”، وهو ما يوصف علميا بـ”الوحمة الدموية” التي قد تحيل إلى متلازمة نادرة العلاج والتشخيص هي “متلازمة الورم الوعائي الدماغي”.

ويعاني أفراد أسر المصابين بمتلازمة الورم الوعائي الدماغي، نادرة الحدوث في الأردن والعالم، من ضعف معرفتهم الطبية بحالة أطفالهم، وارتفاع تكاليف التشخيص سواء كان سليما أم لا.

وأبصرت الصغيرة سلمى التي رصدت حالتها مندوبة وكالة الأنباء الأردنية “بترا”، النور منذ 9 أشهر في أحد المستشفيات الخاصة، وكان وجهها متشحا بلون أحمر، ما أطلق سيلا من أسئلة المحيط الأسري والاجتماعي التي تحيل إلى النقص والشفقة، وفي مقدمتها “على ماذا توحّمت؟”، ويعتبر هذا التساؤل بمثابة توجيه الاتهام إلى الأم وكأنها هي المسؤولة عن هذه الوحمة.

وتقول دينا أبولبدة والدة سلمى “لاحظت إضافة للوحمة الحمراء أن عين ابنتي اليسرى مائلة للون الأزرق ومنتفخة وغريبة، وللأسف لم يعرف الأطباء في المستشفى طبيعة مرض ابنتي، وكلها كانت احتمالات مرهونة بحدوث مضاعفات تثبتها أو تنفيها”.

أفراد أسر المصابين بمتلازمة الورم الوعائي الدماغي، يعانون من ارتفاع تكاليف التشخيص سواء كان سليما أم لا

وتضيف الأم دينا، “حتى عمر 8 أشهر بقي حال سلمى كما هو دون حدوث أية مضاعفات، إلا أنني طيلة هذه الفترة كنت أقرأ عن حالتها وبدأت أتعمق فيها حتى فهمتها، وزرت العديد من الأطباء الذين اختلفت تشخيصاتهم، حتى حدث تشنج في دماغ سلمى بسبب ضغط العين المسمى طبياً بـ”الغلوكوما”، لافتة إلى أن سلمى تعاني من 3 أمراض؛ هي الوحمة الدموية التي غالباً ما ترافقها الغلوكوما في العين والتشنجات وهذه جميعها تشكل معاً متلازمة اسمها ستيرج ويبر.

وأوضحت أن “علاج سلمى سيستمر مدى الحياة على نفقتنا الخاصة، ولكن هذا لا يعني أن العلاج غير مكلف، فهناك من هو غير قادر على تغطية تكاليفه، ومن هنا لمعت في ذهني فكرة إنشاء مجموعة على فيسبوك تشارك فيها أسر المرضى معاناتهم مع هذا المرض وأبرز التحديات وكيفية التعامل معه”.

أما ربى ذات السنتين ونصف السنة فقد ولدت في أحد المستشفيات الحكومية في إربد، ولم تكن أمها تعرف بحالتها خلال فترة الحمل، وعند الولادة تقول إنها ذهلت وفوجئت من أن نصف وجهها وجسدها لونه أحمر قانٍ، وبعد الفحوصات الاعتيادية للأطفال عند الولادة، تبين أن ربى سليمة وبكامل عافيتها، واللون الأحمر سببه وحمة دموية، وهو ما سبب لها ضغطاً في العين تعالجه بقطرات خاصة.

وأضافت، “بدأنا نُخضع ربى لجلسات ليزر لوجهها وجسدها حين أصبح عمرها ثمانية أشهر، ونحن الآن نواظب على الجلسات كل شهرين أو ثلاثة”، مشيرة الى أن “الوحمة خفت إلا أنها لم تختفِ نهائيا، لكن المشكلة أن تكلفة الجلسة الواحدة باهظة جداً، إذ تصل إلى 500 دينار، ذلك أنها تُجرى في غرفة عمليات وبتخدير كامل كونها طفلة صغيرة”.وقالت، “تأميننا حكومي، فزوجي معلم في وزارة التربية، ولكن حسبما أخبرنا جميع الأطباء فإنه لا يوجد أي تأمين، مهما كان نوعه، يغطي الليزر على اعتبار أنه علاج تجميلي مهما كانت الحالة”.

وقال مدير إدارة التأمين في وزارة الصناعة والتجارة وائل محادين لـ”بترا”، إن اعتبار الليزر علاجا تجميليا وليس علاجياً أمر مصنّف طبياً، وبالنسبة لقطاع التأمين الخاص فالأمر مختلف بحسب العقد بين الشركة وطالب التأمين، إذ كلما دفعْتَ كلما حصلتَ على منفعة، وبعض الشركات تعتبره مع ذلك علاجاً تجميلياً ولا يغطى إلا باستثناءات الأطباء وبحسب الحالة وتصنيفها وضرورتها.

وأكدت البحوث أن حوالي نصف النساء الحوامل قد شعرن خلال حملهن برغبة كبيرة في تناول نوع محدد من الطعام، واختلفت هذه الأطعمة بأنواعها وأشكالها، وفسرت هذه الظاهرة بالتغيرات الهرمونية الشديدة والحادة التي تحدث في جسم المرأة.

18