حزب النهضة يستنجد بمفردات الإسلام السياسي ليستعطف التونسيين

استنجدت حركة النهضة الإسلامية بعد هزيمتها في سباق الانتخابات الرئاسية بزعيمها راشد الغنوشي وجنّدته في حملتها للانتخابات التشريعية لاستحضار مفردات المسار الثوري وخطاب الإسلام السياسي تزامنا مع تعمق تخوفاتها من استقالات جديدة قد تضرب صفوفها ما لم تحقق طموحاتها في انتخابات البرلمان.
تونس - يقود رئيس حزب النهضة ذو التوجهات الإسلامية راشد الغنوشي الحملة الانتخابية لحزبه استعدادا لانتخابات البرلمان وجال مدنا تونسية عديدة دون أن يكتفي بصولاته في الدائرة الانتخابية العاصمة تونس التي يترشح فيها للانتخابات التشريعية.
واستعاد زعيم الحزب الإسلامي في خطاباته الموجهة لأنصاره مصطلحات يستشفها من مدرسة الإسلام السياسي كان قد تركها فترة تحالفه مع حزب نداء تونس، ليستعطف من جديد الخزان الانتخابي للنهضة.
وتُجري حركة النهضة حملتها الانتخابية البرلمانية بعد هزيمة تلقتها في انتخابات الرئاسة وعدم مرور مرشحها عبدالفتاح مورو إلى الدور الثاني من سباق الرئاسة وبالتزامن مع استقالات في صفوفها وخاصة من المقربين من الغنوشي وأهمهم مستشاره السياسي لطفي زيتون ورئيس مكتبه زبير الشهودي.
ويحاول كذلك حزب النهضة ذو المرجعية الإسلامية استعادة موقعه من خلال الانتخابات النيابية لسنة 2019 رافعا من جديد لواء الدفاع عن مبادئ ثورة 2011.
وقال راشد الغنوشي في جولات الحملة الانتخابية إن حزبه يتطلع إلى الحكم بمفرده أو مع قوى ثورية إذا فاز في انتخابات البرلمان، في إشارة إلى إنهاء الإسلاميين توافقا استمر خمس سنوات مع أحزاب علمانية.
وغازل التونسيين الداعمين للتوجهات الاقتصادية الإسلامية بتعهده باستحداث الهيئة الوطنية للزكاة تفعيلا لركن كبير من الثقافة الإسلامية.
كما حاول زعيم الحزب الإسلامي كسب تعاطف الطلبة وشباب تونس من خلال التعهد بتحويل أموال الزكاة منحا للطلبة ومساعدات للمقبلين على الزواج وأصحاب المهن الحرة.
ودعا رئيس حركة النهضة التونسية راشد الغنوشي، السبت، إلى عدم التصويت في الانتخابات التشريعية المقبلة، لما سماه “أحزاب الثورة المضادة” أو القوائم المستقلة.
وأطنب الغنوشي في تكرار مصطلحات الخطاب الديني واعتبر بعض الأحزاب المنافسة للنهضة من قوى “الردة” التي تعادي المسار الثوري وتقود ثورة مضادة، مرفّعا خلال كلماته أمام الجماهير في نبرة خطاباته.
وأقر الغنوشي بالتقلبات الحاصلة في مواقف حزبه وعدم تشبثها بمبادئ معينة، قائلا “المواقف في السياسة متغيرة وكنا مع التوافق لأنه ضروري آنذاك وجنبنا الاقتتال والصراع الداخلي.. التوافق أبقى ديمقراطية تونس مستمرة وذلك من أوجه الثورة.. ولكن الإصلاحات الاقتصادية ما زالت من بين أولوياتنا”.
إضافة إلى ذلك، اعتبر المحلل السياسي حمزة المدب أن إعلان النهضة دعمها للأستاذ الجامعي الذي حلّ أولا في نتيجة الدورة الأولى قيس سعيّد إثر هزيمة مرشحها التاريخي عبدالفتاح مورو شكلا من أشكال القول بأنها فهمت رسائل قواعدها التي لم تستسغ انحرافات الحزب والتنازلات التي قدمها عبر التحالف مع حزب نداء تونس.
وقال المدب لوكالة فرانس برس إن هذا الحزب الإسلامي خسر حوالي 80 ألف صوت بين الانتخابات البلدية منتصف 2018 والدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية في سبتمبر وأن قيادات الحزب تدرك جيّدا أن هذا التراجع سيتواصل خلال الانتخابات التشريعية.
ولاحظ المحلل السياسي أن النهضة تحدثت عن تحالفات مع “قوى الثورة” و”ضد الفساد” للتعبير عن معارضتها لنبيل القروي ولحزبه قلب تونس الذي يتوقع أن يحصل على موقع متقدم في الانتخابات التشريعية، وذلك لتطمين وتعبئة قواعدها الانتخابية التي لم تعد وفية لها تماما.
وستحاول النهضة استرجاع أصوات مئات الآلاف من الناخبين الشباب الذين صوّتوا لقيس سعيّد وللمحافظ المنفتح لطفي المرايحي في الدورة الرئاسية الأولى، وفق رأي المدب.
ولا تعني تصريحات قيادات النهضة المتعلقة برفض التحالف مع “الفاسدين”، أنها دخلت طور تغيير استراتيجيتها والتفكير في البقاء في المعارضة بين ليلة وضحاها بالرغم من أن هذا هو خيار بعض القيادات داخل الحزب، حسب قول حمزة المدب.
وقال المدب إن النهضة وصلت إلى منعطف في تاريخها وستصارع من أجل بقائها ليس في هذه الانتخابات ولكن على مدى متوسط لاسيّما أن انقسامات داخلية عديدة ظهرت منذ سنة حول سياسة التوافقات التي تتعرض لمعارضة متزايدة.
وتظهر مؤشرات الاستحقاقات الانتخابية التي جرت في تونس منذ الإطاحة بنظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي تقلصا كبيرا في نسبة الناخبين الداعمين للنهضة بعد أن كان عددهم سنة 2011 في حدود مليون ونصف المليون وتقلص في الدور الأول للانتخابات الرئاسية سنة 2019 إلى ما يقارب 400 ألف ناخب.
وتتعمق مخاوف النهضة من تواصل ذوبان خزانها الانتخابي ومعاقبتها شعبيا في انتخابات البرلمان باعتبارها شريكا رئيسيا في الحكومات التي تعاقبت على الحكم في تونس بعد ثورة 2011 ولم تفلح في تحقيق مطالب التشغيل والتنمية الاقتصادية.
ورفعت مجموعة من الشباب بولاية القيروان، الأربعاء، شعار “ارحل” في وجه القيادي بحركة النهضة علي العريض الذي زار المدينة للإشراف على الحملة الانتخابية للحركة.
وذكرت إذاعة تونسية خاصة (اكسبراس أف.أم) أن رجال الأمن تدخلوا لحماية علي العريض إثر الاحتجاجات التي رافقت زيارته لتأمين خروجه من المدينة.
وستجرى الانتخابات التشريعية التونسية يوم 6 أكتوبر الجاري في تونس للحسم في تركيبة البرلمان في الفترة النيابية القادمة.
وكشفت بعض استطلاعات الرأي أن النهضة ستنال أربعين مقعدا من مجموع 217 بعد أن كان لها 68 مقعدا في انتخابات 2014.