موازنة جزائرية قياسية لمعالجة الخراب الاقتصادي

الجزائر تعتزم اقتراض 13 مليار دولار لسد العجز المتوقع في موازنة 2020.
السبت 2019/09/28
عوائد شحيحة لا تسد الفجوات

وضعت الحكومة الجزائرية أهدافا طموحة في أضخم موازنة في تاريخ البلاد، تتضمن خفض العجز ومستويات البطالة وتعزيز الإنفاق على المشاريع وإعفاء الشركات الناشئة من الضرائب، في مسعى لتعزيز معدلات النمو المتعثرة بسبب شلل الاقتصاد وتراجع عوائد صادرات الطاقة.

الجزائر - وافقت الحكومة الجزائرية على مشروع الموازنة العامة للعام المقبل، بزيادة كبيرة في مستويات الإنفاق العام هي الأولى في تاريخ الدولة النفطية.

وذكرت وكالة الأنباء الرسمية، نقلا عن بيان صادر عن مجلس الوزراء المجتمع الخميس، أن موازنة 2020 تتجاوز 118.6 مليار دولار، وبعجز يقدر بحوالي 13 مليار دولار.

وفي حين تعاني الدولة العضو في منظمة أوبك من انخفاض أسعار النفط منذ منتصف عام 2014، شملت الموازنة الجديدة الحفاظ على النفقات الاجتماعية لدعم العديد من المواد الأساسية، وأمور متعلقة بالسكن والتربية والخدمات الطبّية.

ويتوقع أن تصل قيمة النفقات الإجمالية إلى نحو 66 مليار دولار، بينما من المرجح أن تبلغ الإيرادات 52.6 مليار دولار.

وتضمّن مشروع الموازنة أحكاما جديدة تهدف إلى الدفع بالاستثمار وتشجيع إنشاء المؤسسات الخاصة للشباب.

وأكدت الحكومة في مشروع الموازنة على تبني منهج شامل ينشد ترشيد الموارد المالية وتطهيرها بموازاة الحرص على إبقاء مستوى من النمو يحافظ على النشاط الاقتصادي وفرص العمل.

كما قررت الحفاظ على كل أشكال الدعم الموجه لمختلف الفئات الاجتماعية بهدف حماية القدرة الشرائية للمواطنين وتحسين إطارهم المعيشي.

ولعل أصعب قرار اتخذته الحكومة في ظل شح الموارد المالية هو شراء السلم الاجتماعي من خلال الإبقاء على الدعم عند مستويات الموازنة الحالية.

118.6 مليار دولار حجم موازنة 2020

وتبلغ كلفة النفقات الاجتماعية تحت يافطة الدعم نحو 16 مليار دولار، أي ما يقارب 8.4 بالمئة من إجمالي الناتج المحلي، ونحو 20 بالمئة من نفقات الدولة.

وتعد أسعار الوقود في الجزائر منخفضة للغاية بالمقارنة مع الأسعار العالمية، وهو بند أساسي في فاتورة الدعم إلى جانب السلع الأساسية الأخرى.

وفي محاولة لمكافحة البطالة من خلال تحفيز رواد الأعمال، قررت الحكومة إعفاء الشركات الناشئة التي تنشط في مجالات الابتكار والتكنولوجيات الجديدة من الضريبة على الأرباح والرسم على القيمة المضافة.

ولتنفيذ مشروعها، تخطط السلطات لإنشاء 4 أنواع من المناطق الاقتصادية تكون حاضنة للمؤسسات الناشئة والاستثمارات الأخرى بمزايا مالية وضريبية محفزة.

وتتمثل هذه الكيانات في مناطق اقتصادية لتنمية المناطق الحدودية بالجنوب ومناطق اقتصادية لتطوير التكنولوجيات العالية ومناطق اقتصادية لتطوير التجارة اللوجيستية والخدمات ومناطق صناعية مندمجة.

وكشفت الجزائر عن انقلاب كبير على السياسات المتبعة منذ عقود عبر تخفيف القيود على الاستثمارات الأجنبية في البعض من القطاعات لجذب المزيد من رؤوس الأموال الخارجية.

ويعد هذا التحرك هو الأول من نوعه للدولة في هذا المضمار بعد أن شكلت لوبيات الأعمال المقربة من الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة، جدارا عازلا أمام ذلك طيلة العقدين الماضيين.

واتخذت الحكومة قرار إلغاء القاعدة الاقتصادية، التي تعمل بها منذ سنوات في مجال الاستثمار التي تمنح للشريك الأجنبي 49 بالمئة على الأقل في أي استثمار مع شريك جزائري.

وتهدف الحكومة من وراء ذلك إلى تحسين مناخ الأعمال وجاذبية الاقتصاد المحلي ورفع القيود عنه. ويشمل إلغاء هذه القاعدة كل القطاعات عدا الاستراتيجية.

ولم تحدد الحكومة القطاعات المستهدفة بالتدقيق، لكنّ اقتصاديين يقولون إنها قد تشمل النفط والغاز والكهرباء والنقل والمياه والاتصالات.

ويدر النفط والغاز 94 بالمئة من إيرادات التصدير و60 بالمئة من الموازنة، لكنها انخفضت بنسبة 6.3 بالمئة إلى 17.65 مليار دولار في النصف الأول من هذا العام، إذ عمل استهلاك الطاقة المتزايد على تناقص الصادرات.

ولردم الفجوة في الموازنة القادمة، ستفتح الجزائر الأبواب أيضا أمام الاقتراض من أسواق المال الدولية، غير أنها لم تذكر كيف ستعمل على ذلك.

وقررت الحكومة لأول مرة منذ 14 عاما، إمكانية اللجوء إلى التمويل الأجنبي من المؤسسات المالية الدولية للتنمية من أجل تمويل المشاريع الاقتصادية “المربحة”.

وكانت الجزائر قد أوقفت الاقتراض من الخارج في العام 2005، وقررت دفع جميع ديونها الخارجية التي كانت في حدود 30 مليار دولار في 1999، وهي الآن أقل من 4 مليارات دولار.

وكانت الحكومة قد اقترضت من البنك الأفريقي للتنمية نحو مليار دولار لتمويل مشاريع في قطاع الطاقة.

وتكافح الجزائر لخفض فاتورة الواردات التي استنزفت مواردها الآخذة بالانكماش من العملة الصعبة، لكنها لا تحقق الكثير من النجاح.

وطيلة السنوات الماضية، كانت توفر الواردات السنوية، التي يبلغ متوسط قيمتها 50 مليار دولار أغلب احتياجات البلاد، جراء التردد في السماح بالاستثمار الأجنبي.

وقررت الحكومة تدعيم فرض ضرائب ورسوم على الثروة والممتلكات بناء على مؤشرات الثراء العقارية وغير العقارية، من أجل ضمان التقسيم الأمثل للأعباء الضريبية بين كل المواطنين.

وبدأت الجزائر، التي تتوقع نموا العام المقبل بنحو 1.8 بالمئة، في دراسة إصلاحات اقتصادية في السنوات الأخيرة مع تقوّض وضعها المالي بفعل انخفاض أسعار الخام في الأسواق العالمية قبل أربعة أعوام.

10