أوروبا تبحث آلية جديدة لحل أزمة المهاجرين بحرا

روما وباريس تدعمان توزيعا آليا مؤقتا للمهاجرين الذين يتم إنقاذهم في البحر.
الثلاثاء 2019/09/24
أزمة تنتظر حل سياسي

لا تزال الحكومات الأوروبية تسعى لتصميم نظام جديد للهجرة، بدل نظام دبلن القائم الآن، لتجنب المساومة والاتهامات المتبادلة في كل مرة يتجه فيها قارب شمالا حاملا مهاجرين إلى أوروبا بحثا عن ميناء آمن ولجوء. وتطالب إيطاليا واليونان بتوزيع آلي للمهاجرين بحرا في انتظار إدخال تعديلات على نظام دبلن المثير للجدل.

فاليتا – عقد وزراء داخلية خمس دول أوروبية اجتماعا الإثنين في مالطا في مسعى للتفاهم بشأن توزيع آلي للمهاجرين، وهي آلية طالبت بها إيطاليا بغية إنهاء مفاوضات الحالة بحالة التي تتم عند كل عملية إنقاذ في البحر المتوسط.

ومن المقرر أن يضع وزراء داخلية ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وفنلندا (التي تتولى الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي) ومالطا، خلال اجتماعهم، نظاما يتيح لدول أوروبية متطوعة أن توزع بينها آليا الأشخاص الذين يتم إنقاذهم في البحر.

وقال المفوض الأوروبي للهجرة ديميتريس افراموبولوس الذي شارك في الاجتماع “يجب على أوروبا أن تستعد بشكل أفضل والوقوف في الخط الأول مع دول مثل إيطاليا واليونان ومالطا وإسبانيا وقبرص”.

وأضاف افراموبولوس “اليوم سنركز على الوضع في هذا القسم من البحر المتوسط (وسط المتوسط) لكن علينا ألا ننكر وجود أوضاع مشابهة في أجزاء أخرى من المتوسط”.

ويراد لآلية التوزيع الآلي التي طالبت بها بإلحاح إيطاليا متهمة شركاءها بعدم دعمها في مواجهة تدفق المهاجرين، أن تكون مؤقتة في انتظار إعادة التفاوض على اتفاق دبلن الذي يوكل التعاطي مع طلبات اللجوء إلى البلد الذي يصل إليه المهاجر.

ديميتريس افراموبولوس: علينا الوقوف في الخط الأول مع دول مثل إيطاليا واليونان ومالطا وإسبانيا
ديميتريس افراموبولوس: علينا الوقوف في الخط الأول مع دول مثل إيطاليا واليونان ومالطا وإسبانيا

واعتبرت هذه القاعدة ظالمة لأنها تضع، لأسباب محض جغرافية، عبء الاستقبال على إيطاليا واليونان وإسبانيا ومالطا البوابات الرئيسية لدخول المهاجرين الى أوروبا.

والنظام الجديد المدعوم من فرنسا وألمانيا ونسّقته المفوضية الأوروبية، يفترض أن “يضمن لإيطاليا أو مالطا تنظيما أكثر تضامنا ونجاعة”، بحسب ما قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أثناء زيارة لروما الأربعاء.

وتدافع باريس وروما داخل الاتحاد الأوروبي عن “موقف مشترك يقوم على مشاركة كافة الدول بطريقة أو أخرى” في الاستقبال “أو أن تعاقب ماليا”، بحسب ماكرون.

ورأى رئيس الحكومة الإيطالية جوزيبي كونتي أنه يتعين “إخراج ملف الهجرة من الدعاية المناهضة لأوروبا”.
ومع تولي الحكومة الجديدة المكونة من الحزب الديمقراطي (يسار) وحركة خمس نجوم (المناهضة للمنظومة)، باتت سياسة إيطاليا في مجال الهجرة أكثر مرونة بعد سلسلة من الإجراءات المناهضة للهجرة كان اتخذها وزير الداخلية السابق ماتيو سالفيني (يمين متطرف).

وأعادت روما فتح موانئها لسفن الإنقاذ في البحر. وسمحت مساء الأحد لسفينة أوشن فيكينغ للعمل الإنساني بالرسوّ في ميسيني بصقلية لإنزال 182 مهاجرا أنقذتهم في البحر.
وأشادت منظمتا “أس.أو.أس متوسط” وأطباء بلا حدود اللتان تديران السفينة بهذا القرار لكنهما اعتبرتا أن “التوصل إلى اتفاق أوروبي أمر ملح” وأنه “من غير المقبول أن يبقى أشخاص نجوا من عملية عبور خطرة جدا عالقين لأيام وحتى أسابيع قبل العثور على ميناء آمن يستقبلهم”.

وكانت مالطا قد استقبلت أكثر من 300 مهاجر من سفينة الإنقاذ أوشن فايكنغ في أغسطس بشرط توزيعهم على دول أخرى بالاتحاد الأوروبي، لكن معظمهم ما زالوا على الجزيرة ويقيمون في منشآت الاستقبال المحدودة.

ولطالما أصرت مالطا على ضرورة نقل المهاجرين لأقرب ميناء آمن، وهو في هذه الحالة جزيرة لامبيدوسا الإيطالية.

الهجرة

ورفضت مالطا في 17 سبتمبر الجاري، قبول 90 مهاجرا أنقذتهم سفينة تابعة لخفر السواحل الإيطالي في منطقة البحث والإنقاذ التابعة لها.

وقال خفر السواحل الإيطالي إنه أنقذ المهاجرين من قارب كان يشرف على الغرق قبالة سواحل ليبيا استجابة لطلب من مركز تنسيق الإنقاذ المالطي.

وأضاف أن سفينته أقلت المهاجرين إلى مياه مالطا التي رفضت أن ترسل سفينة لنقلهم.

وقالت متحدثة عسكرية دون الخوض في تفاصيل إن القوات المسلحة المالطية تراقب الوضع وإن الإيطاليين ضالعون في الأمر.

وخلال جلسة غير رسمية في يونيو بباريس وافقت 15 دولة على وضع “آلية تضامن أوروبية”. وعبرت ثماني دول عن الاستعداد للمشاركة فيها “بشكل فعال” وهي فرنسا وألمانيا والبرتغال ولوكسمبورغ وفنلندا وليتوانيا وكرواتيا وأيرلندا.

وفي المقابل رفض رئيس الحكومة المجرية فيكتور أوربان (يمين متطرف) هذه الآلية السبت أثناء زيارة لروما. ووحدها الدول المتطوعة ستكون ضمن الآلية الجديدة التي لا تشمل إلا المهاجرين الآتين بحرا. غير أنه لا زالت هناك نقاط استفهام؛ مثل من سيتولى فرز الذين يمكن أن يحصلوا على حق اللجوء والمهاجرين “الاقتصاديين” الذين يفترض ترحيلهم من أوروبا؟ هل هو البلد الذي ينزل فيه المهاجر كما تريد فرنسا، أم البلد الذي يستقر فيه؟

الهجرة

ويتعين أيضا توضيح القصد من الميناء الآمن “الأقرب” الذي ينص عليه القانون الدولي. وتدعو إيطاليا إلى “تناوب” بشأن موانئ الاستقبال لتضم مرسيليا مثلا، بهدف تخفيف العبء عن دول جنوب أوروبا، لكن فرنسا لا تبدي حماسا للأمر.

ويرى ماتيو فيلا الباحث في معهد دراسات السياسة الدولية في ميلانو، أن أي اتفاق لا يشمل المهاجرين الذين تتم نجدتهم في وسط البحر المتوسط “سيعتبر غير منصف” من الدول المستقبلة التي توجد على طريقي (هجرة) آخرين في غرب المتوسط (إسبانيا) وشرقه (اليونان).

ومنذ بداية 2019 نزل 13 بالمئة فقط من 67 ألف مهاجر غير شرعي وصلوا إلى أوروبا في إيطاليا أو مالطا، مقابل 57 بالمئة في اليونان و29 بالمئة في إسبانيا.

وكانت رئيسة المفوضية الأوروبية الجديدة فون دير لاين أعلنت اعتزامها إزالة الأخطاء الهيكلية في قواعد دبلن لإجراءات اللجوء في الاتحاد الأوروبي، وإصلاح النظام الحالي لصالح دول الاتحاد المطلة على البحر المتوسط.
وقالت “لم أفهم مطلقا لماذا بدأت قواعد دبلن بالمعادلة البسيطة: حيثما يطأ مهاجر الأراضي الأوروبية، يتعيّن أن يظل هناك… تحدث الهجرة عبر الطرق البحرية أو البرية. لا يمكن أن يكون لدينا حدود خارجية مستقرة إلا إذا قدمنا مساعدة كافية للدول الأعضاء، التي تتعرّض للضغط الأكبر بسبب موقعها على الخارطة، يتعين علينا إصلاح قواعد دبلن، لتحقيق مزيد من العدالة وتوزيع الأعباء”.

وبحسب قواعد نظام دبلن السارية حتى الآن بالاتحاد الأوروبي، فإن أول دولة يصل إليها طالب اللجوء هي المسؤولة عن إجراءات اللجوء الخاصة به. وكانت إيطاليا واليونان، مثقلتين بصفة خاصة بأعباء زائدة جراء ذلك خلال ذروة أزمة اللاجئين في عامي 2015 و2016.

5