غانتس لنتنياهو: أنا الرئيس

الرئيس الأميركي دونالد ترامب يدير ظهره للصديق "بيبي".
الجمعة 2019/09/20
غانتس يزيح غريمه عن العرش

تل أبيب - تتواصل ارتدادات الزلزال الانتخابي في إسرائيل، الذي أفرز فارقا طفيفا لا يتجاوز المقعدين بين معسكري “اليمين” و”الوسط يسار” المتنافسين في انتخابات الكنيست الـ22، بعد فرز نحو 97 بالمئة من الأصوات، وهو الأمر الذي يحول دون قدرة أي من الطرفين على تشكيل حكومة بمفرده، ما يفتح الباب أمام سيناريوهات عدة لعل أبرزها تشكيل حكومة وحدة.

وسارع زعيم معسكر اليمين ورئيس الوزراء الحالي بنيامين نتنياهو، إلى التحرك في محاولة لتجاوز نكسة الانتخابات، من خلال تقديم مقترح يقوم على التناوب بينه وبين رئيس معسكر اليسار الجنرال السابق بيني غانتس على رئاسة حكومة وحدة، وهو ما رفضه الأخير.

وسبق أن شكل اليساري الراحل شمعون بيريس ائتلافا مع إسحاق شامير الذي كان من التيار اليميني وتناوبا فيه على رئاسة الوزراء خلال الفترة من 1984 إلى 1988.

دان شابيرو: ترامب يشعر بضعف نتنياهو وينوي النأي بالنفس عنه
دان شابيرو: ترامب يشعر بضعف نتنياهو وينوي النأي بالنفس عنه

ويرى محللون أن رفض غانتس لعرض نتنياهو متوقع، فالانتخابات التي جرت الثلاثاء الماضي كان هدفها الأساسي قطع الطريق على ولاية جديدة لرئيس الوزراء الحالي الذي يواجه ثلاث قضايا فساد، سيبدأ النظر فيها الشهر المقبل.

وأظهرت النتائج الأولية للانتخابات العامة في إسرائيل، تصدر تحالف “أزرق أبيض” بزعامة بيني غانتس الاستحقاق بـ33 مقعدا فيما حصل حزب الليكود بزعامة رئيس الوزراء الحالي بنيامين نتنياهو على 32 مقعدا.

وكشفت النتائج أيضا أن تحالف يسار الوسط حصد 56 مقعدا، فيما نال الليكود والأحزاب اليمينية القريبة منه 55 من مقاعد الكنيست البالغة 120، وعلى ضوء ذلك من الصعب على أي من الطرفين تشكيل حكومة بمفرده، حيث يتطلب تشكيل الحكومة نيل ثقة 61 عضوا في الكنيست كحد أدنى.

في المقابل حصل حزب “إسرائيل بيتنا”، برئاسة وزير الدفاع السابق أفيغدور ليبرمان غير المحسوب على المعسكرين، على 8 مقاعد، مقارنة بالانتخابات السابقة التي جرت في أبريل الماضي حيث اقتصر على خمسة مقاعد، ما يعني أنه سيكون هو “صانع الرئيس المقبل”.

ويبدأ الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين الأحد مشاورات لاختيار رئيس للوزراء يشكل الحكومة المقبلة.

وردا على مقترح نتنياهو بشأن التناوب على “المنصب” قال غانتس القادم من خارج الطبقة السياسية إن تحالف “أزرق أبيض” “من فاز بالانتخابات، وسأقيم حكومة وحدة ليبرالية موسعة برئاستي ولن أستسلم للإملاءات”.

وأعلن رئيس هيئة الأركان السابق أنه سيبدأ مفاوضات مع الأحزاب الإسرائيلية الفائزة بالانتخابات، لتشكيل حكومة وحدة.

وبدأ غانتس بالفعل إجراء مفاوضات مع القوى التي تدور في فلكه وحتى مع القائمة العربية المشتركة التي حققت نتائج استثنائية جعلتها تحتل المرتبة الثالثة بعد “أزرق أبيض” والليكود، بحصد 13 مقعدا في الكنيست.

ولئن كان من غير المرجح أن تكون القائمة العربية المشتركة المكونة من أربعة أحزاب، ضمن التشكيل الحكومي إلا أنه من غير المستبعد أن تدعم توليفة حكومية لا تضم الليكود والأحزاب الحريدية.

ويرى مراقبون أن حظوظ غانتس هي الأوفر في تشكيل الحكومة، لجهة توفر إمكانية كبيرة لحصوله على دعم القائمة العربية

المشتركة، كما أن هناك خيارا لا يقل أهمية وهو استمالة حزب “إسرائيل بيتنا” الذي أعلن زعيمه مرارا عن رغبته في تشكيل حكومة وحدة تضم الليكود و”أزرق أبيض” شريطة عدم ترشيح نتنياهو لمنصب رئيس الوزراء، أو إشراك الأحزاب الحريدية.

ويعتبر كثيرون أن نتنياهو قد يلجأ إلى الإدارة الأميركية في محاولة لإقناع غانتس بقبول عرض “التناوب”، خاصة وأن المبعوث الأميركي لشؤون الشرق الأوسط جيسون غرينبلات حط الرحال الخميس في تل أبيب، وسط حديث عن أنه سيجري لقاءات مع غانتس ونتنياهو بصفة منفردة.

ويقول هؤلاء إن غرينبلات بالتأكيد سيتطرق إلى هذه المسألة خلال لقائه مع زعيم تحالف “أزرق أبيض” ولكن الأمر لن يصل إلى ممارسة ضغوط عليه، خاصة وأنه في الأشهر الماضية برز فتور في العلاقة بين الرئيس دونالد ترامب ونتنياهو، رغم أن الأخير حاول إخفاءه.

وفي أول تعقيب له على انتخابات الكنيست بعد مرور يومين على الاستحقاق اعتبر ترامب أن تحالفهم مع إسرائيل وليس مع نتنياهو، في رسالة قوية تؤكد تخليه عن الصديق بيبي، وأنه كما التزم النأي بنفسه قبيل الاستحقاق -على خلاف انتخابات أبريل- فإنه سيواصل في ذلك.

هزيمة مدوية
هزيمة مدوية

وقال سفير الولايات المتحدة السابق لدى إسرائيل، دان شابيرو في تصريحات صحافية إن ترامب “يشعر بضعف نتنياهو وينوي النأي بالنفس عنه، كي لا تكون لديه أي صلة بالخاسر”.

ونقلت صحيفة “واشنطن بوست” عن مسؤول إسرائيلي قوله “نعم، لديه (ترامب) علاقات صداقة مع ‘بيبي’ (نتنياهو) لكنه يحب الفائزين وينوي طرح خطته للسلام مهما كان من سيتولى منصب رئيس الوزراء في إسرائيل”.

ويعتقد على نطاق واسع أن زيارة غرينبلات لإسرائيل في هذا التوقيت تهدف إلى استطلاع المواقف بشأن التوقيت الملائم لعرض خطة السلام التي أعدتها إدارة ترامب لحل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني والمعروفة بصفقة القرن.

ونقلت قناة “13” عن مسؤولين أن هدف زيارة غرينبلات هو فحص ما إذا كانت هناك شروط لنشر الخطة الموعودة، على الرغم من نتائج الانتخابات الإسرائيلية.

ويكاد المتابعون يجمعون على أن حظوظ نتنياهو تقارب الصفر في تولي منصب رئيس الوزراء، وأن محاولاته لإنقاذ نفسه من هذا الوضع لن تجدي نفعا إلا في حالة واحدة وهي إقناع ليبرمان بدعمه.

وسبق أن كان زعيم إسرائيل بيتنا قد أجهض محاولات نتنياهو تشكيل حكومة ما بعد انتخابات أبريل، ما دفع الأخير إلى حل الكنيست والذهاب في خيار انتخابات جديدة تبدو وفق جميع المؤشرات أنها ستكون مكلفة بالنسبة له ليس فقط على صعيد مستقبله السياسي بل وحتى الشخصي حيث أن فشله في الحصول على تكليف بتشكيل الحكومة سيعني فقدانه الحصانة وبالتالي فتح المجال أمام محاكمته في القضايا الموجهة ضده.

2