الإمارات تضفي المزيد من الفاعلية والتركيز على عمل قواتها في اليمن
إعادة نشر القوات التي أعلنت عنها دولة الإمارات العربية المتحدة قبل نحو شهر لم تكن بأي شكل من الأشكال انسحابا من اليمن، مثلما ذهبت إلى ذلك بعض القراءات المتسرّعة بقدر ما كانت عملية تقنية تنظيمية لم تمسّ من طبيعة المهامّ الموكولة إليها، ولا من جوهر التزامات الإمارات تجاه اليمن وشعبه.
معسكر الخوخة (غربي اليمن) – تظهر الوقائع الميدانية وخارطة انتشار القوات الإماراتية على الأراضي اليمنية توجّه دولة الإمارات نحو إضفاء المزيد من التركيز والنجاعة على عمل تلك القوّات في إنجاز مهامها، خصوصا مع تعدّد تلك المهام التي تمتد لتشمل جوانب إنسانية إلى جانب المهام العسكرية والأمنية الأساسية.
وأظهرت زيارة تفقّدية قام بها عدد من كبار ضباط القوات المسلحة الإماراتية لمختلف وحدات تلك القوات المنتشرة في العديد من المناطق اليمنية من حضرموت شرقا إلى الحديدة غربا، مواصلة دولة الإمارات الاضطلاع بالتزاماتها تجاه اليمن ومواطنيه، حيث ما تزال قوّاتها منتشرة في أرجاء اليمن وتقوم بأدوار مفصلية سواء في عملية تحرير تلك المناطق أو في تأمين وحفظ استقرار المناطق المحرّرة وتدريب وتأطير القوات اليمنية، فضلا عن مشاركتها الفاعلة في عمليات الإغاثة والعمليات الإنسانية من خلال حماية الفرق الميدانية المكلّفة بإغاثة السكان وتوزيع المساعدات الغذائية والدوائية والإيوائية عليهم، ومن بينها فرق الهلال الأحمر الإماراتي التي قامت بالدور الأكبر في هذا المجال.
كذلك شملت جولة كبار الضباط الإماراتيين قوات بلادهم في نجران والطائف بالسعودية، حيث كانت لهم أيضا لقاءات مع نظرائهم السعوديين في إطار مواصلة التنسيق بين قوات البلدين في نطاق التحالف العربي.
وفي المكلاّ مركز محافظة حضرموت بشرق اليمن أدّى اللواء الركن محمد مطر الخييلي نائب قائد حرس الرئاسة الإماراتي صلاة عيد الأضحى إلى جانب ضباط وضباط صف وأفراد قوة الإمارات العاملة هناك.
القوات الإماراتية ما تزال منتشرة في أنحاء اليمن وتقوم بأدوار مفصلية في تحرير المناطق وتأمينها وتدريب القوات اليمنية
وبحسب خبراء الشؤون الأمنية والعسكرية، فإنّ حالة الهدوء والاستقرار السائدة حاليا في المكلاّ تمثّل نموذجا عن النجاحات التي حقّقتها المهمّة الإماراتية في اليمن وأهمية الدور الإماراتي هناك في حفظ الأمن والاستقرار، ومنع تمركز التنظيمات المتطرّفة في اليمن لجعله منطلقا لتهديد المنطقة ككلّ.
فقد كانت مشاركة القوات الإماراتية سنة 2016 حاسمة في استرجاع المدينة ذات الموقع المهم المطلّ على بحر العرب من تنظيم القاعدة بعد أن سيطر عليها طيلة ما يقارب السنة، محاولا أن يتخذ منها مركزا لـ”إمارة” محلّية.
وبغرب اليمن قام اللواء ركن محمد سلطان المسايبة قائد سلاح الإشارة واللواء ركن عبدالرحمن سبت المري قائد الإمداد المشترك بزيارة الخوخة، حيث كان لهما لقاء بضباط وضباط الصف وأفراد القوات المسلحة الإماراتية.
وقالت وكالة الأنباء الإماراتية إنّ زيارة كبار الضبّاط للمناطق اليمنية “اشتملت على جولة بمواقع وحدات القوات المسلحة الإماراتية ومقرّات القيادة التي تدير عمليات التحرير بكافة محافظات اليمن، واطلع الوفد على سير عمليات المعارك”.
ونقلت الوكالة عن كبار الضباط تأكيدهم خلال الزيارات التزام الإمارات باستكمال دورها في اليمن في إطار التحالف العربي، ومواصلة قواتها المسلّحة القيام بـ”مهامها بكل كفاءة واقتدار بالشكل الذي يواكب أهداف المرحلة المقبلة، والاستمرار في إعادة بناء الجيش اليمني وتمكينه حتى يكون قادرا على الحفاظ على الأمن والاستقرار في المناطق المحررة”.
دور إماراتي فاعل في حفظ الأمن والاستقرار، ومنع تمركز التنظيمات المتطرّفة في اليمن لجعله منطلقا لتهديد المنطقة ككلّ
كما أكّد الضباط أنّ “الإمارات ستبقى دوما السند القوي للشعب اليمني، ولن تدخر جهدا في دعم جهود تحقيق السلام، والعمل على عودة مؤسسات الشرعية إلى ممارسة عملها في أجواء يسودها الأمن والاستقرار”، مشيرين أيضا “إلى استمرار الإمارات في عملياتها ضمن إطار التحالف العربي في اليمن بقيادة المملكة العربية السعودية وبمشاركتها لاستكمال الأهداف العسكرية وإعادة البناء في اليمن وتحقيق الأهداف الاستراتيجية ودعم الحل السياسي وإنهاء الصراع الدائر، وبما يستجيب لتطلعات الشعب اليمني في عودة الأمن والاستقرار والتنمية”. كذلك نقلت الوكالة عن تلك القيادات العسكرية تأكيدها على عامل “الشراكة القوية بين الإمارات والسعودية والتي ستظل مصدر قوة التحالف العربي، والرهان الحقيقي على تحقيق أهدافه الاستراتيجية والسياسية في اليمن خلال المرحلة المقبلة” على أساس أنّ “العلاقات القوية بين البلدين والتوافق في الرؤى بينهما هي أهم مرتكزات الحفاظ على الأمن والاستقرار في المنطقة بوجه عام وفي مواجهة مختلف المخاطر والتحديات”.
وقال معلّقون خليجيون ويمنيون عن الزيارة الميدانية لكبار الضباط الإماراتيين إلى مواقع قوات بلادهم في اليمن خلال عيد الأضحى تحديدا، إنّها تضمّنت إلى “جانب الرسالة المتعلّقة بعدم تراجع الإمارات عن التزاماتها تجاه اليمن وعدم تخلّيها عن شعبه في هذا المنعطف الدّقيق، رسالة روحية وأخلاقية بشأن الإيثار والتضحية نصرة للشقيق، كما تضمّنت تعبيرا على عقيدة القوات الإماراتية التي تقوم على النظر إلى الأمن القومي العربي كوحدة متكاملة”.
وقالت الوكالة الإماراتية إنّ كبار الضباط وقفوا خلال الزيارات على مدى ارتفاع معنويات أفراد القوّات الإماراتية العاملة في اليمن، وجاهزيتهم الكاملة لاستكمال المهمّة التي جاؤوا من أجلها.
