تونس تترقب الترشحات الوازنة بالسباق الرئاسي

مع بدء تقديم الترشيحات للانتخابات الرئاسية المبكرة في تونس ينتظر الشارع التونسي قرار شخصيات وازنة بالمشهد وهي محل الأنظار في الآونة الأخيرة بشأن مشاركتها في السباق الانتخابي من عدمه، وهو ما سيحدد ملامح المنافسة على كرسي قرطاج في الدور الأول منها.
تونس - تترقب الأوساط السياسية والرأي العام في تونس الترشحات الوازنة بالسباق الرئاسي، مع انطلاق الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في قبول ملفات المرشحين للانتخابات الرئاسية المبكرة.
وتقرر تنظيم الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية المبكرة التي كانت مرتقبة أساسا في نوفمبر، في الـ15 من سبتمبر إثر وفاة الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي في الـ25 من يوليو الماضي.
وعلى الرغم من تقديم 10 مرشحين ملفاتهم، الجمعة، لهيئة الانتخابات ينتظر الرأي العام حسم شخصيات فاعلة ووازنة بالمشهد مسألة حسم مشاركتها في الانتخابات من عدمه، وأيضا الشخصية التي سيلتف حولها أكبر الأحزاب في البلاد وهما حركتا نداء تونس وحزب حركة النهضة ذو المرجعية الإسلامية.
ويرجح متابعون للشأن التونسي أن المنافسة حول كرسي الرئاسة ستنحصر بين شخصيات صاعدة مثل وزير الدفاع التونسي عبدالكريم الزبيدي أو كمال مرجان وزير الوظيفة العمومية الذي يراه كثير من المراقبين أنه من أبرز الكفاءات السياسية بالبلاد وله حظوظ واسعة حال ترشحه، أو رئيس الحكومة يوسف الشاهد الذي يبقى منافسا بارزا على الرئاسية رغم ما يتعرض له من انتقادات واسعة بسبب طموحه السياسي.
غير أن عدم تقديم هؤلاء ترشحهم بصفة رسمية يجعل الغموض يحيط بمآلات السباق الرئاسي. ويقول المراقبون إن الانتخابات الرئاسية في تونس مقبلة على عديد السيناريوهات وهي فرضية يدعمها صعود أسهم شخصيات جديدة من بينها عبدالكريم الزبيدي.
وتلقى الزبيدي مناشدات وتزكيات لخوض السباق الرئاسي. ورغم أنه لم يفصح رسميا عن نيته الترشح، إلا أن تخطيه سقف التزكيات البرلمانية المطلوبة، يدخله منطقيا حيز المرشح الرسمي للاقتراع المقبل.
وسيتضح طريق المنافسة حول الرئاسية مع إعلان هيئة الانتخابات قائمة المقبولين أوليا في 14 من أغسطس الجاري.
وقدم، الجمعة، 10 مرشحين ملفاتهم بينهم عبير موسي ونبيل القروي ومحمد عبو. ونبيل القروي رجل الأعمال ومالك قناة إعلامية خاصة، يقدم نفسه باعتباره مرشح الفقراء. وكانت وجهت إليه مؤخرا تهمة تبييض أموال.
وكاد القروي الذي سبقت ترشحه الكثير من الحملات الخيرية، أن يستبعد من السباق بعد مصادقة البرلمان منتصف يونيو على تعديل القانون الانتخابي الذي نص في صيغته الجديدة على منع ترشح كل من منح امتيازات نقدية أو عينية لمواطنين في السنة السابقة للاقتراع.
لكن الرئيس الراحل قائد السبسي لم يوقع القانون قبل وفاته، ما سمح للقروي بالترشح. وينظر إلى القروي باعتباره منافسا جديا ليوسف الشاهد رئيس الحكومة الذي لم يعلن حتى الآن ترشحه للانتخابات الرئاسية، رغم أن حزبه “تحيا تونس” قال، الأربعاء، أنه سيترشح.
رغم أن عبدكريم الزبيدي لم يفصح رسميا عن نيته الترشح، إلا أن تخطيه سقف التزكيات البرلمانية المطلوبة، يدخله منطقيا حيز المرشح الرسمي
كما قدم محمد عبو المحامي والمعارض السابق لنظام زين العابدين بن علي وأمين عام حزب “التيار الديمقراطي” الذي كان انبثق عن حزب الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي، ترشحه.
وبين الذين قدموا ترشحهم كذلك عبير موسي الأمينة العامة لـ”الحزب الدستوري الحر” ترشحها. وهي حتى الآن هي التونسية الوحيدة التي ترشحت لهذه الانتخابات الرئاسية المبكرة.
وكان المنجي الرحوي، النائب بالبرلمان وعضو المكتب السياسي لحزب “الوطنيين الديمقراطيين الموحد” والمنتمي حاليا إلى ائتلاف الجبهة الشعبية، وهو تجمع أحزاب يسارية وقومية، بعد تفتته، أول الوافدين إلى مقر الهيئة لتقديم ملف ترشحه للسباق الرئاسي.
ومن المنتظر أيضا أن يقدّم حمّة الهمامي بدوره في الأيام القليلة القادمة ملف ترشّحه للانتخابات الرئاسية بعدما أعلن حزب حزب العمال عن ذلك في انتظار استكمال بعض الإجراءات من أهمها تحصيل العدد الكافي من التزكيات التي حدد عددها بـ10 آلاف تزكية.
ومن ضمن قواعد الترشح للانتخابات الرئاسية أن “تتم تزكية المترشّح من عشرة نواب من مجلس نواب الشعب (البرلمان)، أو من أربعين من رؤساء مجالس الجماعات المحلية المنتخبة أو من 10 آلاف من الناخبين الموزعين على الأقل على عشرة دوائر انتخابية على أن لا يقلّ عددهم عن خمسمئة ناخب بكل دائرة.
وتختتم فترة تقديم الترشحات في التاسع من أغسطس، وتعلن الهيئة العليا للانتخابات في 31 أغسطس على أبعد تقدير، أسماء المرشحين النهائيين لهذه الانتخابات. ثم تنطلق الحملة الانتخابية من 2 إلى 13 سبتمبر، وبعد يوم الصمت الانتخابي، يدلي الناخبون بأصواتهم في 15 سبتمبر.
وبالتزامن مع قبول ملفات الترشح للرئاسية تسارع هيئة الانتخابات الخطى لإنجاج تنظيم الانتخابات الرئاسية المرتقبة. وفي خطوة غير مسبوقة، أعلن التلفزيون الرسمي التونسي أنه سيخوض لأول مرة تجربة المناظرات التلفزيونية بين المرشحين للانتخابات الرئاسية، وذلك خلال الأيام الأولى لحملة الرئاسية السابقة لأوانها.
وأوضح التلفزيون الرسمي أنه سيخصص حصة مباشرة عنوانها “الطريق إلى قرطاج”، ستبث خلال الفترة المتراوحة بين 2 و7 سبتمبر، حيث سيقع استدعاء كل المرشحين للاستحقاق الرئاسي للتناظر حول برامجهم الانتخابية.
وفي سياق متصل أعلن الاتحاد الأوروبي أنه سيقوم بإرسال بعثة إلى تونس لمراقبة الانتخابات الرئاسية السابقة لأوانها والانتخابات التشريعية المقررة في السادس من أكتوبر القادم، استجابة لدعوة وجهتها له هيئة الانتخابات التونسية.
وأضاف الاتحاد الأوروبي، أن فريقا من الإطارات يضم 10 محللين سيصلون إلى تونس بداية من 23 أغسطس الجاري، في انتظار التحاق فريق ثان في 2 سبتمبر القادم يتكون من 28 ملاحظا (لفترة طويلة) سيتوزعون على مختلف أنحاء البلاد، سيقع تعزيزهم بـ28 ملاحظا (لفترة قصيرة) لتأمين تغطية أيام الاقتراع، مشيرا إلى أن بعثة الاتحاد الأوروبي لملاحظة الانتخابات في تونس ستعمل في كنف التحاور والتنسيق مع مختلف بعثات مراقبة الانتخابات المحلية والدولية.
وذكر بيان نشر على الموقع الرسمي لبعثة الاتحاد الأوروبي بتونس، بأن الممثلة العليا للشؤون الخارجية وللسياسة الأمنية للاتحاد الأوروبي، نائب رئيس المفوضية الأوروبية فيدريكا موغريني، قامت بتكليف عضو البرلمان الأوروبي، فابيو ماسيمو كاستالدو، برئاسة هذه البعثة لملاحظة الانتخابات الرئاسية والتشريعية في تونس.
وأكدت موغريني أهمية الانتخابات الرئاسية والتشريعية لهذه السنة، التي تمثل مرحلة جديدة على درب تعزيز الديمقراطية في تونس، قائلة إن “مرافقة تونس في مسارها الديمقراطي باعتبارها شريكا مميزا، تعد أولوية بالنسبة إلى الاتحاد الأوروبي، وهو ما تجلى سابقا في إرسال بعثات ملاحظة في انتخابات 2011 و2014 و2018”.
وتقوم هذه البعثة الأوروبية بملاحظة الحملات الانتخابية، وإجراء تقييم للوضع يوم الاقتراع، ويستمر عملها إلى غاية إعلان النتائج الرسمية.
إقرأ أيضاً: سقف عال في رئاسية تونس بعد الباجي قائد السبسي