الزراعة الجزائرية تكافح لمواجهة التهديدات المناخية

خبراء اقتصاد يختزلون أسباب المشكلة الغذائية بالبلاد في عوامل تتعلق بعدم توفير استثمارات كافية في قطاعي الزراعة والصناعات الغذائية.
الجمعة 2019/08/02
البحث مستمر عن حلول بديلة

تزايدت الضغوط على الحكومة الجزائرية لمواجهة التهديدات المناخية، التي أصبحت تشكل تحديا كبيرا خاصة على إنتاج الحبوب، التي تعتمد على الأمطار، في تراجع متواصل منذ نحو عقدين بسبب السياسات الحكومية المرتبكة، التي أدت إلى تعميق فجوة الأمن الغذائي.

الجزائر - تواجه السلطات الجزائرية تحديات شاقة في طريق تحقيق الأمن الغذائي بسبب تفاقم مشكلة الاحتباس الحراري في ظل إرث قديم من السياسات الحكومية المكبلة لخطط تطوير قطاع الزراعة.

ورغم الوضع السياسي الضبابي في الدولة العضو بمنظمة أوبك، لكن حكومة تصريف الأعمال بقيادة نورالدين بدوي تعتقد أن الوقت قد حان للاهتمام بهذا القطاع وخاصة في مجال إنتاج الحبوب.

ويختزل خبراء اقتصاد أسباب المشكلة الغذائية بالبلاد في عوامل تتعلق بعدم توفير استثمارات كافية في قطاعي الزراعة والصناعات الغذائية.

وتعكس تحذيرات المختصين المستندة على أرقام وبيانات دولية عجز السلطات طيلة الأعوام الماضية في توفير أرضية صلبة لتحقيق الأمن الغذائي.

ولطالما أهملت الجزائر، مزارعيها وركزت على قطاع النفط والغاز، الذي يمثل نحو 60 بالمئة من موازنة الحكومة ويشكل أكثر من 95 بالمئة من عوائد الدولة.

ولكن انهيار أسعار النفط في منتصف 2014، جعل الجزائر أمام صعوبات في تمويل فاتورة وارداتها السنوية البالغة 50 مليار دولار، ودفع الحكومة للبحث عن وسائل لتخفيف الضغوط على المالية العامة.

وأكد وزير الموارد المائية علي حمام خلال ندوة حول “تنمية شعبة الحبوب” عقدت مؤخرا بالجزائر على ضرورة الاعتماد على توسيع المساحات الزراعية المسقية وتقنيات الري التكيملي لزيادة حجم محاصيل الحبوب.

وقال إن “إنتاج الحبوب في الجزائر مرتبط ارتباطا وثيقا بهطول الأمطار، كما تصعّب التقلبات المناخية من زراعتها دون اللجوء إلى الري التكميلي”.

علي حمام: يجب توسيع المساحات المسقية مع اعتماد التقنيات الحديثة
علي حمام: يجب توسيع المساحات المسقية مع اعتماد التقنيات الحديثة

وأشار إلى أنه من الضروري اليوم إعادة تأهيل وتطوير أنظمة الري المستعملة في المزارع وتوسيع المساحات المزروعة التي تستخدم فيها مياه السدود ومياه الآبار الجوفية خاصة في الهضاب وولايات الجنوب.

وبالموازاة مع ذلك، فإن التعويل على الري التكميلي لإنتاج الحبوب يجب أن يكون استنادا على خطط الديوان الوطني للسقي وصرف المياه أو على مياه ضفاف الوديان الواقعة أسفل السدود.

ويؤكد حمام أن ذلك سوف يسمح ببلوغ معدلات نمو “عالية ومستدامة” في إنتاج المحاصيل من شأنها خفض فاتورة الأغذية بشكل محسوس والمساهمة في تنمية الاقتصاد الوطني وتحوله نحو اقتصاد منتج للثروة.

وتأمل السلطات في زيادة إنتاج القمح، أحد المكونات الرئيسية في فاتورة واردات الغذاء، إلى 5.3 مليون طن بحلول 2022 من 3.5 مليون طن تم إنتاجها الموسم الماضي.

وتتوقع إدارة الخدمات الزراعية الدولية بوزارة الزراعة الأميركية أن تستهلك الجزائر، التي تعد أحد أكبر مستوردي القمح في العالم، 10.55 مليون طن من القمح في موسم 2018 - 2019.

وفي إطار جهودها لدعم الزراعة، تخطط الدولة لتوسعة المناطق التي تعتمد على مياه الري إلى مليوني هكتار هذا العام، من 1.3 مليون هكتار، وهو ما يساهم في تقليص اعتماد الأراضي الزراعية على مياه الأمطار، التي لا يمكن التنبؤ بها.

وذكرت وزارة الموارد المائية في موقعها الإلكتروني أنها تدرس بناء 30 بئرا عميقا في كل من ورقلة والوادي وبسكرة، مع استكمال مراحل تشييد خمسة سدود جديدة.

وكانت الجزائر قد قالت في العام الماضي إنها بصدد تشييد 15 سدا جديدا تضاف إلى 80 سدا قائما لري أراض مزروعة بالحبوب تغطي مساحة 600 ألف هكتار، ارتفاعا من 60 ألف هكتار فقط حاليا.

وأشارت وزيرة البيئة والطاقات المتجددة فاطمة الزهراء زرواطي في الندوة إلى أهمية الاهتمام بتأثيرات التغيرات المناخية على الأنشطة الزراعية وعلى رأسها الحبوب وفق نظرة استشرافية بعيدة المدى.

وعن دور الطاقات المتجددة في رفع أداء إنتاج الحبوب كشفت الوزيرة عن إطلاق عدة مشاريع لتلبية حاجيات الاستثمارات الزراعية من الطاقة لاسيما في المناطق المعزولة، سيموّلها الصندوق الوطني للبيئة والساحل.

كما كشفت عن الانتهاء من إعداد المخطط الوطني للمناخ والذي سيعرض على الحكومة بداية شهر سبتمبر المقبل.

ويرى محللون أن ذلك ليس كافيا لتحقيق هدف الحكومة المتمثل في زيادة مساهمة قطاع الزراعة في الناتج المحلي الإجمالي من معدلاته الحالية والمقدرة بنحو 12 بالمئة، طالما لم يتم تنفيذ ذلك على أرض الواقع وبعناية شديدة.

ورصدت الدولة في موازنة العام الحالي نحو ملياري دولار للإنفاق على الزراعة رغم ما تعانيه من متاعب بسبب الحراك الشعبي الذي أدى إلى الإطاحة بنظام الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة قبل أشهر.

وتتعرض المالية العامة للجزائر لضغوط شديدة رغم تعافي أسعار النفط في الفترة الأخيرة، حيث تم إلغاء أو تأجيل العديد من المبادرات والبرامج الاقتصادية لأجل غير مسمى.

10