التوهم بأن الأربعين بداية الشيخوخة ظلم لهذه السن

القاهرة - الحياة تبدأ بعد الأربعين.. مقولة أكيدة وصحيحة، ورغم ذلك نجد أن البعض يخشى هذه السن ويعتبرها خريف العمر، وذهاب ربيع الحياة، ويتمنى أن يظل الزمن في مكانه ليصبح شابًا يتمتع بالصحة والعافية، وهذا محال، والحقيقة أن الصحة ليس لها ارتباط بالعمر، خصوصا وأن التقدم في السن لا يبدأ فجأة.
يقول الدكتور يسري عبدالهادي، أستاذ الطب النفسي، إن “سن الأربعين هي السن التي يكون فيها الإنسان أكثر نضجا، وأكثر إدراكا، والبعض يظلم تلك السن ويتوهم أنها سن بداية الشيخوخة خصوصا وأن كثيرين يعانون في هذه السن من الأمراض والكسل والخمول، ويبتعدون عن جميع الأنشطة، وهم لا يعلمون أن هذه السن ما هي إلا السن التي يجني فيه الإنسان ثمرة ما تعوّد عليه في الصغر.
ويتابع الدكتور عبدالهادي موضحا أن سن الأربعين هي سن القيادة الفكرية والعاطفية، ففيها تتبلور الأفكار، وتختزن التجارب، ويتحدد مسار الحياة، ويكون الإنسان قد اكتسب لنفسه الوسيلة التي تحقق له النجاح والأمن والسعادة.
أما الدكتور عبدالرحمن كاظم، استشاري أمراض النساء والتوليد، فيقول بأن أزمة منتصف العمر، أو سن التغير التي أطلق عليها اسم سن اليأس خطأ، ما هي إلا خرافات بالية وتعقيدات شائعة، وقد تأخذ الحياة الزوجية في تلك الفترة منحى عنيفا وحادا أحيانا، والعامل الهرموني له دور في هذه التغيرات.
العامل النفسي المرتبط بالمعتقدات ينسي المرأة أنها تشهد في الأربعين نضج أفكارها وشعورها بأهميتها في الحياة
ويبين أن العامل النفسي المرتبط بالمعتقدات أيضا له نصيب كبير، ففي هذه المرحلة تطرأ تغيرات على المزاج العام من تقلبات نفسية مصحوبة باكتئاب عام، وترسم سنوات العمر خطوطا على الوجه، وتغزو الشعيرات البيضاء الرأس، وتشعر بعض السيدات بأن عمرها الافتراضي قد انتهى، وتنسى الواحدة منهن أن المرأة تشهد في سن الأربعين تبلور ونضج أفكارها وشعورها بأهميتها في الحياة، وأن بلوغها تلك السن لا يؤثر على أنوثتها، ولا يقلل من جمالها وعطائها. فقيمة المرأة كإنسانة لا تحدده حالات الحمل والولادة وحدها.
والنظرة السلبية للمرأة في سن الأربعين غير موجودة عند الغرب، بينما نجدها في مجتمعاتنا الشرقية تحاصر المرأة وتظلمها، أمّا هناك فنجدها تهيئ نفسها لعبور تلك السن بأمان.
وتقول الدكتورة نادية رأفت، أستاذة الأمراض الباطنية، إن “أهم مرض يصيب الإنسان في مرحلة ما بعد سن الأربعين هو السكر”.
وتؤكد أن الاستمتاع بعد الأربعين يستلزم من الشخص أن يتوخى الاعتدال في كل شيء، خصوصا في التغذية، مشيرة إلى بعض الأمراض التي قد تظهر بعد سن الأربعين، فمرض تصلب الشرايين قد يكون بداية لما مارسه الإنسان من كثرة تناول المواد الدهنية.
وحتى لا يتعرض الإنسان لمرض القلب مثلا عند تقدم العمر يؤكد الدكتور عصام فتحي استشاري أمراض القلب والأوعية الدموية على ضرورة الابتعاد عن الدهون الحيوانية والعادات السيئة كالتدخين.
كما يشدد على أهمية ممارسة الرياضة البدنية لأنها تزيد كفاءة القلب والدورة الدموية لتمنح الإنسان حياة أفضل عند تقدم العمر. كما أن الابتعاد عن الانفعالات النفسية له أهمية كبيرة لتقليل نسبة تدمير أنسجة الجسم.
ويوضح الدكتور عزت عبدالعاطي أستاذ العلاج الطبيعي بجامعة القاهرة أن الرياضة الخفيفة بعد الأربعين واجبة وضرورية كوقاية لحدوث الأمراض التي تبدأ حين بلوغ هذه السن.