إصلاح أوروبي لحقوق النشر يوجه ضربة لشركات التكنولوجيا

شركات الإنترنت تخشى تراجع نشاطها وانحسار عوائدها، وإنصاف منتجي المحتوى على حساب فيسبوك ويوتيوب وغوغل.
الأربعاء 2019/03/27
"أنقذوا الإنترنت" شعار معارضي القانون الجديد

دخل نشر المحتوى من أخبار وموسيقى وبرامج مصورة على مواقع الإنترنت مرحلة جديدة بعد إقرار إصلاحات أوروبية توجه ضربة شديدة إلى شركات الإنترنت العملاقة، يمكن أن تؤدي لتقليص حركة المرور فيها وتقلّص عوائدها من الإعلانات بشكل كبير.

ستراسبورغ (فرنسا) - صادق البرلمان الأوروبي الثلاثاء على تبني إصلاحات مثيرة للجدل لحقوق الملكية الفكرية، بعد مطالبات من كبرى شركات الأخبار والموسيقى، التي تشكو من ضياع حقوقها في فوضى النشر الإلكتروني.

ويمثل إقرار الإصلاحات صفعة شديدة لشركات الإنترنت العملاقة، يمكن أن تقلص عوائدها من الإعلانات بشكل كبير. وقد ظهرت مخاوفها في الجهود الكبيرة التي بذلتها لمنع تمرير الإصلاحات.

وتجاهل نواب البرلمان الأوروبي، الذين اجتمعوا الثلاثاء في مقر البرلمان في مدينة ستراسبورغ، الجدل المحتدم واحتجاجات شركات التكنولوجيا، وأقروا مشروع القرار بأغلبية 348 صوتا مقابل 274 صوتا وامتناع 36 عن التصويت.

وتتضمن إصلاحات قانون النشر الإلكتروني إجبار المواقع الإلكترونية مثل فيسبوك ويوتيوب ومنصات إلكترونية على إزالة المحتويات غير القانونية، التي تتجاهل حقوق منتجيها بوسائل تلقائية.

كما تضمن إجبار شركات الإنترنت على دفع المزيد من الأموال لوسائل الإعلام لقاء الوصول إلى محتواها الإخباري وإعادة إنتاجه بطرق أخرى، بعد أن ضغطت وسائل إعلام على رأسها وكالة الصحافة الفرنسية من أجل تلك الإصلاحات.

وأشار مشروع القانون إلى أن شركات مثل فيسبوك وغوغل تكسب المليارات عبر الترويج لقصص صحافية فيما يعاني ناشروها الأصليون من ضيق الموارد.

وينص إصلاح الفقرة 13 من قانون حقوق النشر الأوروبي على تشديد المُساءلة بالنسبة للمنصات الإلكترونية، التي سيكون عليها مراجعة ما ينشره المستخدمون مثل مقاطع الفيديو، للتأكد مما إذا كانت تتضمن أجزاء لا يملكون حقوق ملكيتها الفكرية.

وأثار التشريع الجديد انقساما واسعا في البرلمان، حيث تعرض المؤيدون والرافضون لحملات مكثفة للتأثير على آرائهم وبدرجة لم يسبق أن شهدها البرلمان الأوروبي في تاريخه.

وجاء أبرز تلك الحملات من شركات الإنترنت العملاقة ونشطاء حرية الإنترنت في مقابل شركات الإعلام وإنتاج المحتوى الفني والموسيقي والبرامج المصورة.

وكان مشروع قانون إصلاح حقوق الملكية الفكرية قد أطلق في عام 2016 واعتبر ضروريا بسبب تقادم القانون وعدم تحديثه منذ عام 2001، أي قبل ولادة موقعي يوتيوب وفيسبوك.

ودعم الفنانون وشركات الإعلام مشروع الإصلاحات، التي تستجيب لمطالبهم بالحصول على عائدات أفضل من منصات الإنترنت مثل يوتيوب وفيسبوك التي تسمح للمستخدمين بتوزيع المحتوى الذي ينتجونه دون إعطائهم أي حقوق تذكر.

وكانت 260 مؤسسة تضم دور نشر وصحفا ووكالات أنباء ومحطات إذاعية وشركات إنتاج ومؤسسات إعلامية، قد وقعت على مبادرة من أجل إصلاح قواعد حماية حقوق الملكية الفردية في الاتحاد الأوروبي.

260 من مؤسسات إنتاج المحتوى كانت قد أطلقت مبادرة الإصلاح الأوروبي لقواعد حقوق الملكية

ونشرت تلك المؤسسات نداء بعد لقاء في برلين تطالب فيه بمشاركة عادلة في نشاط الإنترنت وعوائده من أجل ضمان توفير شبكة إنترنت ثرية ومتنوعة ويكون للمعلومات والثقافة فيها مكان ثابت.

وفي بولندا دعا أكثر من 200 من صانعي الأفلام في كتاب مفتوح نواب البرلمان الأوروبي لتمرير مشروع القانون، بهدف تنظيم استخدام مواد الملكية الفكرية على منصات الإنترنت مثل يوتيوب.

في المقابل واجهت الإصلاحات معارضة شديدة من شركات الإنترنت العملاقة ومن بينها غوغل المالكة لموقع يوتيوب، والتي تحقق أرباحا طائلة من الإعلانات التي تجنيها من المحتوى الذي تنشره وكذلك مواقع التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وتويتر.

كما واجهت الإصلاحات معارضة مؤيدي حرية الإنترنت الذين يخشون من أن تتسبب الإصلاحات في وضع قيود غير مسبوقة على حرية الشبكة، والإضرار بقنوات حصول المستخدمين على المحتوى والبيانات.

ويخشى المنتقدون من عدم تمكن المنصات من تطبيق اللوائح إلا باستخدام تقنية “مرشحات التحميل” التي تتيح إمكانية التحقق خلال التحميل مما إذا كانت الصور أو الفيديوهات أو المقاطع الموسيقية محمية بحقوق النشر.

كما ستحد القواعد الجديدة من قدرة شبكات الإنترنت العملاقة مثل غوغل على استخدام عناوين الأخبار أو القصص الإخبارية دون الحصول على إذن من المؤسسة الإعلامية صاحبة الخبر أو حتى دفع مقابل لاستخدام ذلك المحتوى.

وكان عشرات الآلاف قد تظاهروا في مدن ألمانية بينها برلين وميونيخ يوم السبت تحت شعار “أنقذوا الإنترنت” داعية البرلمان الأوروبي لرفض إقرار الإصلاحات. كما نظمت تجمعات أخرى في النمسا وبولندا والبرتغال، ولوّح المشاركون بلافتات كتب عليها “لا تكسروا الإنترنت”.

وتؤكد شركات الإنترنت والمتظاهرون أن الإصلاح القانوني سوف يضر بحرية المعلومات والناشرين الصغار على الإنترنت ويؤدي إلى فرض رقابة على الإنترنت.

وحذر الاتحاد الألماني للشركات الناشئة من مخاطر هذا الإصلاح على الاقتصاد الرقمي. وقال إنه سيتعين على الشركات الناشئة أن تستخدم مستقبلا “مرشحات التحميل” لرصد المحتوى تلقائيا من أجل تفادي انتهاك القانون.

وأضاف أن ذلك سوف يحمل تلك الشركات تكاليف مرتفعة لأنها لا تستطيع تطوير تلك التقنية بنفسها، بل سيتعين عليها شراؤها بأسعار باهظة.

10