إخوان ليبيا يعودون إلى التصعيد في الوقت الضائع

محمد صوان يرفض انفراد أي طرف بالجيش، و"البنيان المرصوص" تستنفر قواتها في محيط سرت.
الأربعاء 2019/03/13
القادم أسوأ

تعكس تصريحات رئيس حزب العدالة والبناء الليبي محمد صوان، تراجعا عن دعم اتفاق أبوظبي، بين القائد العام للجيش المشير خليفة حفتر ورئيس المجلس الرئاسي فايز السراج، وهو ما يربطه مراقبون بزيارات قامت بها شخصيات محسوبة على تيار الإسلام السياسي إلى قطر الأيام الماضية.

تونس – عاد القيادي الإخواني، محمد صوان، رئيس  حزب العدالة والبناء، الذراع السياسية لتنظيم الإخوان المسلمين في ليبيا، إلى إثارة الغبار بتصريحاته التي تتسم في كثير من جوانبها بتصعيد في الوقت الضائع، عبر التلويح بعبارات تهديد تفيض بالخداع والمناورات، بينما تسلك الوقائع الميدانية والسياسية مسارات مغايرة لأجندات الإسلام السياسي، وتتعارض مع كل ما يروج له تنظيم الإخوان.

وهاجم صوان في تصريحات له مساء الإثنين، الجيش الوطني الليبي، كما اتهم قيادته بأنها “أداة تحركها دول إقليمية للعب دور كبير في الدولة”، وذلك في الوقت الذي ارتفع فيه منسوب التوتر في محيط مدينة سرت بشرق ليبيا، وترافق ذلك مع تضارب شديد للأنباء حول تعرض موكب رئيس المجلس الرئاسي فايز السراج لإطلاق نار فور وصوله إلى مطار معيتيقة بالعاصمة طرابلس غرب البلاد.

وقال محمد صوان في تصريحاته التي أدلى بها في أعقاب زيارته لقطر حيث اجتمع بعدد من رموز تنظيم الإخوان المُسلمين، إن حزبه، العدالة والبناء، “لن يقبل بانفراد أي طرف من أطراف الصراع بالجيش”، وذلك في إشارة إلى قائد الجيش الليبي، المشير خليفة حفتر.

واعتبر مراقبون أن مثل هذا التصعيد يعكس نكوصا عن المواقف السابقة التي تم فيها الترحيب بمُخرجات الاجتماع الثلاثي الذي جمع في نهاية الشهر الماضي، في أبوظبي، بين فايز السراج والمشير خليفة حفتر وغسان سلامة، رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا.

وتم خلال ذلك الاجتماع الاتفاق على ثلاث نقاط رئيسية لحل الأزمة الليبية، تبدأ بـ”عدم إطالة الفترة الانتقالية”، و”توحيد المؤسسات”، و”تنظيم انتخابات عامة قبل نهاية العام الجاري”، مع التأكيد على ضرورة توفير المناخ الملائم لإجرائها.

ولم يستغرب عزالدين عقيل، رئيس حزب الائتلاف الجمهوري الليبي، في تصريح لـ”العرب”، هذا النكوص الذي وصفه بأنه “انقلاب” على المواقف السابقة لهذا الحزب الإخواني.

كمال المرعاش: نتائج اجتماع أبوظبي أزعجت الإخوان وأطرافا أخرى متحالفة معهم
كمال المرعاش: نتائج اجتماع أبوظبي أزعجت الإخوان وأطرافا أخرى متحالفة معهم

وقال إن تصريحات صوان “جاءت بعد زيارته لقطر، حيث تلقى هناك التعليمات لإفشال تفاهمات أبوظبي”، وهي بذلك تعكس إفلاس أجندات الإسلام السياسي التي بدأت تتبعثر على وقع العمليات العسكرية الناجحة للجيش الليبي الذي بات يُسيطر حاليا على نحو 90 بالمئة من الأراضي الليبية.

وفي المقابل، لم يتردد في ربط تلك التصريحات بحالة التوتر السائدة في محيط مدينة سرت شرق ليبيا، التي قال إنها تشهد “تحشيدات استعراضية تقوم بها تنظيمات محسوبة على الإسلام السياسي في محاولة لإعادة خلط الأوراق العسكرية.

لكنه اعتبر أن تلك المظاهر العسكرية في محيط سرت، وما رافقها من تهديدات صادرة عن قوات “البنيان المرصوص”، ليست سوى صدى صوت لنجاح العمليات العسكرية للجيش الليبي في جنوب البلاد، وهي بذلك تعكس حالة الارتباك والتشنج التي باتت تسود تنظيمات الإسلام السياسي.

وكانت قوة حماية سرت المحسوبة على قوات “البنيان المرصوص” المنحدرة من مدينة مصراتة، قد أعلنت في وقت سابق حالة “النفير العام”، وشرعت في تسيير دوريات في كامل المنطقة، وذلك في أعقاب الاختراق الذي حققته مساء الاثنين سرايا عسكرية تابعة للجيش، في اتجاه التقدم نحو منطقة “بوهادي” التي تبعد حوالي 15 كيلومترا جنوب المدينة. وأكد مصدر عسكري، في تصريحات نشرتها صحيفة “الوسط” الليبية، وصول قوة عسكرية تابعة للقيادة العامة للجيش الليبي إلى منطقة “الوادي الأحمر” شرق سرت، لافتا في هذا السياق إلى أن المدينة تشهد حالة استنفار، لاسيما على مستوى مدخلها الشرقي.

واعترف العميد النعاس عبدالله النعاس، آمر قوة حماية وتأمين سرت، بهذا الاختراق، حيث قال في تصريحات له إن “قيام مسلحين تابعين للكرامة بالتقدم جنوب سرت يعد اختراقا أمنيا وانتهاكا للحدود التابعة للقوة”.

وعلى وقع هذه التطورات، لم يتردد المحلل السياسي الليبي، كمال المرعاش، في القول إن تصريحات صوان وغيره من رموز الإسلام السياسي التي تتالت منذ أكثر من أسبوعين، عكست هلع وخوف الإخوان من التحركات العسكرية للجيش الليبي باتجاه الشمال الغربي للبلاد، وتحديدا في محيط مدينة الزاوية، وقاعدة الوطية، ومنطقة الجفرة، وأخيرا الاقتراب من سرت.

وأعرب في اتصال هاتفي مع “العرب”، عن اعتقاده أن نتائج اجتماع أبوظبي هي التي أزعجت الإخوان وأطرافا أخرى متحالفة معهم، لأنها تخشى صفقةً تفضي إلى دخول الجيش إلى العاصمة طرابلس، وبعدها يتم إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية.

وبحسب كمال المرعاش، فإن “ضغوط الإخوان لم تتوقف على السراج حتى ذهب إلى قطر وطلب من أميرها الضغط عليهم “، مُعربا في هذا السياق عن اعتقاده أن “شكوى السراج سربها القطريون إلى الإخوان الذين دبروا لاغتياله حال وصوله إلى مطار معيتيقة ليلة الاثنين-الثلاثاء، وهي محاولة فاشلة دون شك”.

وفي ساعة متأخرة من مساء الاثنين، ترددت أنباء عن تعرض موكب فايز السراج لإطلاق نار فور وصوله إلى مطار معيتيقة بالعاصمة طرابلس، قادما من الدوحة على متن طائرة قطرية.

وأشارت إلى أن إطلاق النار وقع في محيط هذه البوابة رقم 9 أثناء مغادرة السراج وحراسه على متن سيارة مُصفحة، الأمر الذي تسبب في حالة من الذعر والهلع في محيط المطار تواصلت عدة ساعات.

وسارع محمد السلاك، المتحدث باسم رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، إلى نفي تلك الأنباء، حيث قال في تصريحات له، “لا صحة للأنباء التي ترددت حول إطلاق النيران على موكب فايز السراج”.

ومع ذلك لم تهدأ التكهنات حول هذه الحادثة بالنظر إلى الأوضاع المُعقدة التي تعترض مسالك العملية السياسية بسبب المناورات الإخوانية التي لا تحيد عن مقاس الأجندات القطرية.

4