"ما فيّي" اللبناني.. أكثر من علامة استفهام حول حدود الاقتباس

من بين الأعمال اللبنانية التي يتم عرضها حاليا ضمن موسم الشتاء، يحظى مسلسل “ما فيّي” للمخرجة رشا شربتجي بنصيب وافر من المتابعة الإعلامية والجماهيرية، وتمتد حلقات المسلسل كما أعلنت الشركة المنتجة إلى ستين حلقة، وهو من تأليف الكاتبة كلوديا مارشليان.
تقدم الكاتبة اللبنانية كلوديا مارشليان في المسلسل اللبناني “ما فيّي” خلطة درامية تقليدية مضمونة النجاح على المستوى الجماهيري، فالمسلسل قائم على تركيبة مكررة عن الحب والانتقام والخلافات العائلية التي تعصف بين العاشقين، حكاية روميو وجولييت، نموذجا.
والمسلسل الذي تخرجه السورية رشا شربتجي من نوعية الأعمال المشتركة، إذ تشارك فيه نخبة من الفنانين والفنانات من لبنان وسوريا، بينهم معتصم النهار وفاليري أبوشقرا ونادين خوري وزينة مكي وروزينا لاذقاني ومحمد قنوع وأحمد الزين وبيار داغر وكارلا بطرس وجو طراد ونتاشا شوفاني وإلسا زغيب.
وتدور أحداث المسلسل في لبنان حيث إحدى الضياع اللبنانية الهادئة، والتي تحكمها الأعراف والتقاليد، يتبدل حال هذه الضيعة فجأة حين يهبط عليها زائران غريبان، شاب وشقيقته جاءا لتفقد أملاكهما في الضيعة التي ينويان الإقامة فيها.
وتبدأ الأحداث ساخنة منذ الحلقة الأولى، لأسباب متعلقة بالزائرين الغريبين، وأخرى ليست لهما يد فيها، غير أنهما يشتبكان معها على نحو مثير ومتصاعد.
وفي الحلقة الأولى تطالعنا الفنانة زينة مكي في دور يمنى وهي تقود سيارتها في حالة سكر فتصدم بسيارتها مجموعة من الأطفال، وعلى خلفية هذا الحادث تتكشف ملامح الأحداث والصراعات اللاحقة، مشهد مربك ومتوتر، يسقط الأطفال أرضا غارقين في دمائهم، بينما يهرول أهل القرية لإنقاذهم، ويجد الشقيقان نفسيهما مشتبكين في خضم الأحداث التي تلت تلك الحادثة.
علامات استفهام، وتفاصيل كثيرة امتلأت بها الحلقة الأولى من هذا المسلسل منبئة بتصاعد واشتباك على جميع الأصعدة، وثمة إشارات غامضة في سبيلها إلى التكشف.
الشقيقان هما فارس وديما، ويلعب دوريهما الفنان السوري معتصم النهار والنجمة السورية روزينا لاذقاني، وقد عادا إلى الضيعة بعد أن تركاها وهما طفلان بعد مقتل والديهما، نعرف في ما بعد أن والد فارس وديما قد قتل أمهما قبل أن ينتحر هو الآخر بإطلاق النار على نفسه. ومع تسارع الأحداث خلال الحلقات الأولى تتكشف الكثير من الكوامن وأسباب الشقاق، إذ تستدعي عودة الشقيقين لبيتهما المهجور عداوات البعض، وتساؤلات مختلفة من قبل أهل الضيعة حول أسباب عودتهما وغيابهما طوال هذه السنوات.
سرعان ما يوطد فارس وشقيقته علاقاتهما مع أهل الضيعة، ما يثير غضب أحد أكبر أصحاب النفوذ والثروة في الضيعة وهو أبوفوزي الذي يلعب دوره الفنان أحمد الزين، يحاول هذا الأخير بشتى الطرق بالتعاون مع رئيس البلدية أن يقنع فارس وأخته بترك الضيعة والرجوع من حيث أتيا.
وسرعان ما تبدأ الشكوك تساور فارس وشقيقته حول الطريقة التي قتل بها والديهما، وفي حين تحوم الشكوك حول ذلك الثري العنيد تنشأ علاقة غرامية بين فارس وحفيدته يسمى (فاليري أبوشقرا) العائدة لتوها من باريس.
وعلى صعيد آخر تهرب الشقيقة الصغرى ليسمى بمساعدة السائق، لتستأجر حجرة صغيرة في بيت ريفي حيث تتعرف هناك على الدكتور شريف (يوسف حداد) الذي يقنعها بالعودة إلى أهلها مرة أخرى، وتكتمل أسرة فارس وديما بعودة خالتهما زكية للإقامة معهما في البيت، حيث يبدأ الصراع الحقيقي بين عائلة فوزي وعائلة فارس.
يضطرب بيت أبوفوزي هو الآخر بالعديد من الصراعات، فتحت هذا الترابط الأسري الظاهر تختبئ الكثير من علامات التوتر، إذ يتمرد أحفاده على طريقة جدهم في معالجة الأمور، وتتصاعد الخلافات بين الجد وابنته صباح (إلسا زغيب) التي تعيش بمفردها بعيدا عن والدها بعد موت زوجها، أما الابن الأكبر فوزي (بيار داغر) المستحوذ على رضا واهتمام الأب فيجد نفسه في صراع بين طاعة أبيه وإرضائه، وبين قناعاته الشخصية.
ويلعب الفنان جو طراد دور يوسف شقيق فوزي الأصغر، ويعاني من تململ زوجته لارا (ناتاشا شوفاني) وإلحاحها المستمر على الابتعاد عن بيت العائلة.
تتخوف لارا من التقلبات المزاجية لوالد زوجها، ومن أجل تأمين نفسها يهديها تفكيرها إلى سرقة كل ما يقع تحت يديها من أموال ومجوهرات تخص أفراد العائلة.
وتؤشر الحلقات التي تم عرضها من المسلسل حتى الآن رغم بطء إيقاعها إلى المزيد من الإثارة والأسرار التي سيتم الكشف عنها خلال الحلقات القادمة.
ويثير مسلسل “ما فيّي” الكثير من الجدل كونه مقتبسا عن مسلسل آخر تركي كان قد عرض قبل سنوات تحت عنوان “جسور والجميلة”، وعلى الرغم من نفي صناع العمل وأبطاله هذا الاقتباس في أكثر من مناسبة وتصريح، إلاّ أن ثمة العديد من الشواهد التي تدل على ذلك التشابه الكبير في سياق العملين، ما يضع علامة استفهام كبيرة حول مصداقية الشركة المنتجة.
القصتان تكادان تكونان متشابهتين تقريبا، حتى على مستوى أسماء الأبطال (جَسور/ فارس)، وفي كلا العملين جاء الشاب إلى إحدى القرى بعد غياب من أجل الانتقام، وهو يلتقي مع حبيبته في الحالتين إثر حادث، ومن دون أن يعرف أنها ابنة الرجل الذي يناصبه العداء.
كما أن “البوستر” الدعائي للمسلسل اللبناني يبدو متشابها مع المسلسل التركي، فهل يمكن أن يكون الأمر على هذا النحو مجرد مصادفة أو توارد خواطر مثلا؟