رسائل قتل غير متعمد

“أخيرا.. أنت في طريقك لأن تكون سعيدا في الجنة، لا مزيد من الآلام.. لا بأس أن تشعر الآن بالخوف.. إنه أمر طبيعي.. أعني.. لأنك ستموت في الحال”.
هذا نص إحدى الرسائل الهاتفية التي بعثتها الفتاة الأميركية ميشيل إلى حبيبها، قبل ما يقارب خمس سنوات، تحثه فيها على مواصلة محاولة الانتحار داخل شاحنة مليئة بالغاز السام والمضي قدما للتخلص من مشاعر الاكتئاب التي تعرض لها في فترة قصيرة من حياته. لم تحاول الفتاة الاتصال بالشرطة أو بعائلة الصبي لطلب المساعدة، بل اكتفت بالصمت ومتابعة أنفاس حبيبها الأخيرة وهي تغادر جسده.
قبل أيام، حكم على الفتاة بالسجن 15 شهرا بعد أن أيّدت المحكمة العليا قرارا بإدانتها بالقتل غير المتعمّد لصديقها روي. واستند الحكم بصورة خاصة على طلب الفتاة من صديقها عبر رسالة هاتفية، العودة إلى شاحنته التي كانت معبأة بالغاز السام، بعد أن تردّد الشاب في ذلك وأخبرها بأنه ما زال خائفا من الإقدام على هذه الخطوة بسبب عدم استعداده النفسي. كانت الفتاة في تلك الأثناء مجرد مراهقة في سن السابعة عشرة بينما لم يكمل صديقها سن الثامنة عشرة.. عندما أنهى حياته.
في مجموعة من الرسائل التي تبادلها الاثنان وكشفت عنها التحريات، كان يبدو أن الفتاة قد واظبت على توبيخ حبيبها بسبب تردده في الإقدام على خطوة الانتحار. وحتى عندما حاول تقديم الأعذار لتأجيل النية في قتل نفسه، كانت رسائل الفتاة تزداد إلحاحا وتحريضا! ظهر هذا واضحا كما ورد في إحدى الرسائل “تقول دائما بأنك ستفعلها ولكنك لا تقوم بشيء أبدا، سيستمر الأمر على هذا النحو إذا لم تقم بأي إجراء فعلي”، وفي رسالة أخرى “اعتقدت بأنك تريد القيام بذلك، أرى أن الوقت الآن ملائم وأنت جاهز لذلك”.
يقال بأن المكالمات الهاتفية بين الحبيبين لم يتم تسجيلها، إلا أن رسالة كانت أرسلتها الفتاة إلى صديقة لها بعد مرور شهر على وفاة روي، تؤكد بلهجة انفعالية أنها تمادت في الخطأ لأنها دفعت روي للعودة إلى الشاحنة التي كانت معبأة بالغاز.
كافح الاثنان طويلا أعراض الاكتئاب النفسي وكانت للصبي محاولة سابقة للانتحار لم تكتمل، في حين كانت استمرارية علاقتهما العاطفية قائمة أساسا على التواصل عن طريق الرسائل النصية ووسائط التقنية الأخرى، وانتهت بالطريقة ذاتها عن طريق رسالة إلكترونية.
القتل الخطأ أو غير المتعمد؛ صار تعريفا قانونيا للتحريض على الانتحار بمساعدة الضحية على اتخاذ القرار الذي طالما تم تأجيله، يحدث هذا حتى لو كان التحريض من خلال رسالة قصيرة على الهاتف النقال.
انتبهوا لرسائلكم جيدا، فربما تنهي حياة إنسان أو كرامته بكلمة واحدة غير متعمدة.
على الرغم من سجل الفتاة الصحي الذي أيد خضوعها للعلاج النفسي ونصاعة سجلها الجنائي، إلا أن المحكمة أيدت قرارا بضرورة بدء تنفيذها حكم السجن. وتنتهي بعض قصص الحب هذه الأيام برسالة نصية هاتفية قد تتكون من كلمة واحدة، كلمة غير متعمدة ربما.. أو مليئة بالأخطاء اللغوية ربما.. لكن مفعولها سريع وقاتل.