ممثل سوري يقتحم الإخراج السينمائي بفيلم عن الحب والحرب

تدور عجلة كاميرا المؤسسة العامة للسينما السورية في دمشق حاليا لتصوير أحدث إنتاجاتها “يحدث في غيابك” عن نص كتبه سامر محمد إسماعيل، ويخرجه الفنان سيف الدين سبيعي، في أول تجاربه السينمائية على صعيد الإخراج السينمائي، بعد أن شارك في العام الماضي ممثلا في فيلم “رجل الثورة”، قام فيه بدور البطولة تحت إدارة المخرج نجدة إسماعيل أنزور.
دمشق - تنوعت تجارب الفنان السوري سيف الدين سبيعي بين التمثيل في المسرح والتلفزيون والسينما، ومن ثم عمل في الإخراج التلفزيوني، حيث قدم العديد من الأعمال التي حققت جماهيرية كبرى، خاصة في مسلسله “الحصرم الشامي” وهو من أعمال البيئة الشامية، وقد كتبه فؤاد حميرة عن نص دمشقي قديم “يوميات بدير الحلاق” الذي وثق فيه للحياة بمدينة دمشق في أواخر القرن الثامن عشر، كما قدم عملا شاميا هاما تحت عنوان “طالع الفضة” عن نص لعباس النوري وعنود الخالد، وبعده “قناديل العشاق”.
وفي تجربته السينمائية الأولى، يلج سيف الدين سبيعي الزمن السوري النازف، الذي باعد بين أهل الوطن الواحد، وفرق الكثير منهم وسط استقطابات حادة، جعلتهم على طرفي نقيض، ولكن الكاتب سامر محمد إسماعيل، أراد أن يبني قصة في الاتجاه المخالف، حيث أوجد قصة فيلمه الجديد “يحدث في غيابك” من خلال شخصيتين رئيسيتين، رجل وامرأة، “صحافي وطبيبة” ينتميان إلى طائفتين مختلفتين، تجمع بينهما الأقدار السورية الساخنة، فيخطفها طلبا للانتقام من مأساة ألمّت به، ليجد نفسه مسؤولا عنها وهما في مكان واحد شبه مهجور، ثم تسير الأحداث على وقع الحياة اليومية الصاخبة والخطرة التي تعيشها مدينة حمص إلى أن تصل إلى نهايات غير متوقعة، راسمة الكثير من الدهشة لدى المتلقي.
يبيّن سبيعي أنه يعمل في الفيلم الذي تنتجه المؤسسة العامة للسينما السورية، ويقع تصويره حاليا بدمشق، بطريقة هادئة ورصينة، وهو يسعى من خلال هذا النص، الذي ابتعد عن تنفيذه العديد من المخرجين السينمائيين السوريين، إلى تقديم عوالم سينمائية تنبض بالحياة والحب، والتطلع إلى المستقبل بعين المحبة والاعتراف بالآخر.
“إنها الحياة الحقيقية التي لا يمكن إلاّ أن تكون قائمة على التشارك”، كما يؤكد أنه يعي تماما حجم المسؤولية الملقاة على عاتق بطلي العمل، لكونهما سيقدمان الجهد الأكبر في أحداث الفيلم، لكنه واثق من قدراتهما على الوصول به إلى النجاح.
وفي بطولة العمل يقدم سبيعي ممثليْن، أولهما يزن الخليل، الفنان السوري الشاب الذي قدم من خلال العشرات من المسلسلات التلفزيونية السابقة حضورا جيدا في الساحة الفنية السورية.
والخليل سيقدم من خلال فيلم “يحدث في غيابك” دورا صعبا، وهو ما يذكرنا بالتجربة المتميزة التي قدمها الفنان الراحل نبيل المالح عام 1993 في فيلمه الشهير “الكومبارس” بطولة بسام كوسا وسمر سامي، والذي حصد العديد من الجوائز، ويعتبر أحد تحف السينما السورية قاطبة.
يقول الخليل لـ”العرب”، وقد تجاوز وعكة صحية ألمت به بعد بداية تصوير الفيلم بأيام، “متفائل بالفيلم، وسعيد كوني سأقدم أول بطولة سينمائية لي بعد مشاركات متنوعة في العديد من الأفلام القصيرة مع ندين تحسين بيك والمهند حيدر وسواهما، أرى أن فن السينما يرتبط بالخلود ويقدم مساحات إبداعية هامة لمن يحسن استثمار الموقف، وبالتالي تقديم فن سينمائي إنساني راق”.
وعن آماله حول الفيلم عند عرضه على الناس، يبيّن “أتوق إلى الزمن الذي أحضر فيه عرض الفيلم مع الناس في الصالة، هي لحظات حميمية بين المبدع ومنتجه الفني والجمهور، وسوف نلمس من خلال كل هذا الجهد، ما سيقوله الجمهور عن الفيلم حينها، وهو الحكم الأول والنهائي، أنا متلهف للوصول إلى هذه الحالة مهما كانت بعيدة زمنيا”.
أما البطلة الثانية للفيلم، والتي ستقاسم يزن الخليل بطولة “يحدث في غيابك”، فهي الفنانة اللبنانية ربى زعرور، إحدى الطاقات اللبنانية الجديدة التي تسعى إلى شق طريقها في الساحة الفنية عبر السينما السورية التي قدمت في السابق العديد من الوجوه اللبنانية، لعل أبرزها ما قدمه المنتج السوري الراحل نادر بيك الأتاسي في ستينات القرن العشرين، وهو الذي أنتج كل النتاج الرحباني الموسيقي في السينما كـ”بياع الخواتم”، و”سفر برلك” و”بنت الحارس” وقد ظهرت فيروز في هذه الأفلام مغنية وممثلة، ثم قدم رابع تجاربه مع منصور الرحباني عندما نقل مسرحية “هالة والملك” إلى فيلم سينمائي باسم “سيلينا”، وقد أخرجه حينها حاتم علي وقدمت بطولته الفنانة اللبنانية الشابة مريام فارس إلى جانب الفنان السوري الشهير دريد لحام.
وتقدّم ربى في الفيلم دور شخصية امرأة تجد نفسها في حراسة رجل لا تعرفه، يقوم بخطفها، وتدور بينهما أنواء الحياة بتشعباتها اليومية الحارة والغريبة وصولا إلى مفاجآت غير متوقعة.
تقول ربى عن المشاركة في الفيلم “اعتذرت عن مسلسلين في التلفزيون بلبنان، حتى أقدم هذا العمل، لكوني تواقة إلى العمل في السينما التي أراها أكثر دفئا وأهمية من العمل في التلفزيون، عملت سابقا في المسلسلات السورية، منها “الهيبة”، إلّا أنني لأول مرة أعمل فيها من خلال السينما وبهذه الطريقة الجميلة التي أحبها وأحترمها؛ الزملاء هنا متجاوبون، عندما عرض عليّ المخرج العمل، قرأت النص، وأحببته وقررت فورا التوجه إلى دمشق لتصويره، لم أخش مسألة اللهجة، لكونها أولا قريبة من لهجتي الأم إضافة إلى أنني تدربت جيدا عليها والزملاء في الموقع يساعدونني عندما تكون هناك حاجة إلى ذلك”.
ومن ضمن الطاقم المشارك في الفيلم، يحضر مدير التصوير الشهير وائل عزالدين الذي صور العديد من الأعمال السينمائية السورية الناجحة، كان أحدثها “أمينة” في أولى التجارب الإخراجية للفنان أيمن زيدان، وسبق أن نال وائل مؤخرا جائزة أحسن صورة عن فيلم “مسافرو الحرب” في أيام قرطاج السينمائية مع المخرج جود سعيد، وهو الذي عمل في العديد من المسلسلات التلفزيونية الشهيرة في لبنان منها “تشيلو”.