فنان سوري أتقن التراجيديا ويسعى إلى ترسيخ حضوره في الكوميديا

النجم السوري رشيد عساف يقول إن شخصية أبونايف فتحت طاقاتي على دراما مغايرة.
الثلاثاء 2018/12/04
"شوارع الشام العتيقة".. بيئة شامية غير فولكلورية

بدأ النجم السوري رشيد عساف حياته الفنية في الفرق المدرسية، وأثناء دراسته الجامعية نشط في المسرح الجامعي مشاركا في العديد من المسرحيات، قدم أعمالا في المسرح والتلفزيون، وكذلك السينما التي يحضر لها الآن أعمالا جديدة، كما ظهر بأدوار تراجيدية شهيرة، وحديثا كوميدية، شكلت له حضورا لافتا على الشاشة العربية.

دمشق – ينتمي الفنان رشيد عساف للجيل الثاني لفناني سوريا في الحقل الدرامي التلفزيوني، الذي تلا جيل المؤسسين للدراما السورية، وساهم بدور فاعل في بداية تسعينات القرن الماضي في انتشارها عربيا على المستوى الأوسع.

“العرب” التقت عساف، وهو يصور المسلسل الأحدث له “شوارع الشام العتيقة” لتحاوره عن العمل وكذلك عن حضوره الفني عموما، تسأله عن عمله الجديد وعن رهاناته فيه، فيقول “العمل فيه جديد ما، تجلى في الجدية الكبيرة التي عملنا عليها، حاولنا فيه أن نتقدم خطوة إلى الأمام، ليست بالضرورة أن تكون قفزة نوعية، لكنها خطوة إلى الأمام، ابتعدنا في هذا العمل عن البيئة الشامية الفولكلورية، فقدمنا بيئة أكثر نضجا وحيوية وأقرب إلى الحقيقة”.

ويضيف “الجو الجميل للثلاثينات هو السائد في المسلسل، هنالك على مستوى الحوار وعي أعلى، وهناك علاقات حقيقية بين الناس ووجود لشخصيات غير نمطية، المجالس المجانية والحوارات المكررة غير موجودة، والعمل فيه طرافة وجدية، لم نذهب فيه نحو التوثيق كما فعل المسلسل الشهير ‘حمام القيشاني’، وأيضا لم نكرس حالة الفولكلور، ذهبنا وسطا فقدمنا المادة البيئية التي تقدم معلومات ثقافية وتوثيقية ما، أرجو أن ينال المسلسل رضاء المشاهد العربي عند عرضه في رمضان القادم”.

رشيد عساف: "شوارع الشام العتيقة" يقدم بيئة أكثر نضجا وحيوية وأقرب إلى الحقيقة
رشيد عساف: "شوارع الشام العتيقة" يقدم بيئة أكثر نضجا وحيوية وأقرب إلى الحقيقة

عن وجهة نظره في ما يمكن أن تفعله الدراما والفن عموما، في عملية مقاومة ما يجري وكذلك في إعادة إعمار البلد، يقول رشيد عساف “الدراما هي عنصر من عناصر عديدة لإرجاع حالة البلد كما كانت عليه، الدراما تساعد على خلق مناخ جيد، عند حدوث الأزمة السورية، تداعى الفنانون لفعل شيء ما، حيث كان عليهم القيام بهذا الدور كأي مواطن سوري آخر، الفنان يمكنه أن يشير إلى نقاط الخلل”.

ويؤكد عساف أن الدراما السورية لم تتراجع في عملها عن تأدية وظيفتها، بل كانت ومازالت تقوم بهذا العمل، ويقول “ربما تراجع دورها في مرحلة ما، سابقا كان التلفزيون العربي السوري يعرض كل الأعمال التي تقدمها الدراما السورية، كنا نقول سابقا، إنه لا بد من عرض الأعمال السورية على قناة واحدة تستقطب كل النتاج الدرامي السوري، وسوف تتابع الجماهير العربية هذه القناة، لأن الدراما السورية مطلوبة وجدية وممتعة، والجمهور العربي ينظر إليها على أنها تُوجد لديه حالة إشباع على الأقل فكريا، حتى الكوميديا التي تقدمها الدراما السورية فيها رقي، في الموسم الماضي قدمنا ‘أزمة عائلية’، وفوجئنا بحجم المتابعة الممتاز الذي كان له عربيا، من كل هذا أؤكد أن الفن بجانب كل الفعاليات الموازية تستطيع بناء البلد بالجدية والتعاون”.

وعن بقاء الفنان كضمير شعبي ونهوضه بقيمته الفنية الدائمة، يوضح “الاستمرار في الحالة الفنية هو الأبقى، الكبار لهم قاماتهم وزمنهم لكنهم متغيرون، أنا الآن موجود، ولكن الفن لن يتوقف، لو لم أعد أعمل لسبب أو لآخر، لأن هناك مواهب جديدة يحفل بها الحقل الفني السوري في هذه الأيام”.

ويقر الفنان السوري المخضرم أنه لاحظ منذ العام 2011 وحتى الآن توفر العشرات من الأسماء الجديدة الموهوبة في سوريا، والمستقبل لها، معتبرا أن الدراما السورية تعيش اليوم حالة نهوض جديدة، وهي تحتاج في كل عام إلى ما يقارب الخمسة وعشرين عملا، ولتكن منها خمسة عشر نوعية وجيدة، على اعتبار أنه لا يمكن أن تكون كل الأعمال بسوية عالية لأسباب مختلفة، لذلك يرى أن هدف ومسؤولية الفنان وشركات الإنتاج يكمنان في تقديم هذه الأعمال التي من خلالها سيكون الفن وإلى جانبه الاقتصاد والتجارة والمعمار وغير ذلك في خدمة هدف إعادة إعمار سوريا.

عن تجربته المتفردة في مجال الكوميديا عبر مسلسلي “الخربة” و“الواق واق” مع ممدوح حمادة والليث حجو، يقول “كانت تجربة متفردة لي، عندما قدم لي الصديق الليث حجو نص الخربة، وأنا أحييه والكاتب ممدوح حمادة على هذه الفرصة، كانت تجربة مدهشة، الشخصية في السن تكبرني عمرا، لكنني عملت على إنجاحها، البعض قال إنني أحسنت اللهجة، والجواب كان لأنني أستحضر بيئة اللهجة، وهي أبعد من الصوت المحكي، مثلا يمكنني أن آتي باللهجة وأنا أدخن الغليون أو آكل بالشوكة، لكن أبونايف يأكل بيديه مغمسا بالطعام، بدأت بالعودة لكبار السن في المنطقة الجنوبية لسوريا، ولم أتوقف عندها، بل رحلت إلى البيئات السورية والعربية”.

ويسترسل “لذلك يحدثني أشخاص عرب في سفري ويسألونني عن أسباب نجاح هذه الشخصية، فأقول إنها شخصية موجودة في كل العالم، ذاك الكبير المشاكس، اللطيف واللعوب، لكنه طيب القلب”. معترفا أن التجربة كانت مفيدة له، بل وصنعت له نقلة كبيرة في حياته الفنية، كما حصل معه في مسلسل “البركان” سابقا.

ويوضح “مسلسل الخربة حقق لي نقلة مهنية مفصلية، بحكم أنني كنت أقلد الفنانين، مثل فهد بلان وغيره، كانوا يقولون لي إنك تجيد التقليد الكوميدي، ولكن هل لك أن تلعب دورا كوميديا، وجاء الجواب هنا، فقدمت شخصية أبونايف الجميلة، كذلك شخصية المارشال عرفان في مسلسل الواق واق، ولكنني لحد الآن لا أقيمه، كونه لم يشاهد على نطاق واسع، ننتظر قليلا ثم نتحدث عن المكانة التي سيتركها لدى الجمهور”.

Thumbnail

وهنا يؤكد عساف أن دور المارشال عرفان أتعبه كثيرا، بوصفها شخصية حساسة، على اعتبار أنها عسكرية وقيادية، وهو الذي حرص على عدم تقديمها بإسفاف، بل بجو خاص يحمل تفاصيل جميلة وجاذبة، تجمع بين الجدة والطرافة، ويقول “هي الحالة التي قدمناها في العمل من خلال شخصية المارشال، فهي شخصية جدية تماما، لكنها حتما تعاني من لوثة ما”.

ولدى سؤال “العرب” عن السينما وموقعه منها الآن، قال “السينما لم تعد كما كانت، ما يصور حتى الآن بمعظمه هو سهرات تلفزيونية، المحاولات ليست ناضجة تماما، هنالك شيء أعمق أتمنى أن نصل إليه، السينما تحتاج للمزيد من العمل، الشيء الأعمق يأتي برأيي من خلال تناول الأدب، الذي هو روح السينما، مثلا أن تقدم رواية لحنا مينة في السينما السورية، النفس الروائي في السينما لا أجده الآن، في ذهننا العشرات من المحاولات السينمائية التي أخذت عن الأدب الروائي كالكرنك، ثرثرة فوق النيل وغيرها الرواية في السينما هي الأصل، والمعالجة البصرية في السينما لم تواكب الحالة الروائية في الأدب، عندما يأتي المخرجون الجدد يقدمون أول فيلمين بشكل جيد ويكون ذلك بسبب أنه مشروع روائي قديم لهم، ثم يبدأ العمل بالتراجع غالبا”.

ويعترف رشيد عساف في آخر حواره مع “العرب” أنه يتمنى العمل في السينما، وهو الذي عرضت عليه العديد من المشاريع، لكنه في المقابل لم يجد نفسه فيها، مضيفا “كما أن الشرطية الإنتاجية في السينما السورية مازالت لم تنضج بعد، وهذا لا ينفي أنه ظهرت في الآونة الأخيرة تجارب لافتة تعد بالكثير”.

16