الفنان التشكيلي جمال مليكة: بينالي شرم الشيخ جسر تواصل بين فناني أوروبا ومصر

مليكة يؤكد أن العالم الأوروبي أثر فيه على مستوى حرية التعبير وجرأة التفكير والانفتاح على الفنون وثقة الإلقاء مع الاحتفاظ بشخصيته الفنية الخاصة.
الأحد 2018/12/02
جمال مليكة في محترفه: واحة فنية مصرية في لحظة إيطالية معاصرة

يجمع التكوين الفني لأعمال الفنان التشكيلي المصري المقيم بإيطاليا جمال مليكة بين الحضارتين المصرية والغربية، فهو ينسج عالمه بروح تمزج بين الرؤى الحداثية والرؤى المفعمة بتجليات الروح المصرية المولعة والمعتزة بتاريخها ووطنها وشعبها، الأمر الذي جعل تجربته محل تقدير غربي عامة وإيطالي خاصة.

 بل إن مرسمه في إيطاليا يعد مزارا للمصريين والعرب والإيطاليين والأوروبيين، وانطلاقا من مسؤوليته الوطنية تجاه مصر وما تواجهه من إرهاب أسود أثر عليها على كافة المستويات، كان أن أسس بينالي شرم الشيخ للفنون لنشر ثقافة الفنون على مستوى راق يليق بسمعة مصر العالمية عام 2013 بإرادة اللواء خالد فودة، وذلك تأكيدا على أن مصر بلد الأمن والأمان، خاصة بعد توقف بينالي القاهرة لعدة سنوات وتوقف بينالي الإسكندرية وترينالي الحفر والعديد من المهرجانات الفنية على الساحة المصرية.

وقد أكد مليكة أن بينالي شرم الشيخ الدولي يهدف إلى المشاركة الوجدانية والثقافية والفنية لأهم الأحداث التي تدور على الساحة المصرية، حيث كانت دورته الأولى عام 2013 تأكيدا على أن مصر بلد الأمن والأمان والذي كان ضمن أسبابه رفع الحظر عن بلدنا الحبيب من قبل بعض البلاد الأوروبية وقتها، وفي دورته الثانية عام 2017 جاء صرخة ضد الإرهاب، وهذه الدورة لعام 2018 تحت شعار “شرم الشيخ مدينة السلام” والتي تنادي بالسلام العالمي ومركزه مدينة شرم الشيخ.

وأوضح مليكة أن هذه الدورة وللمرة الثانية على التوالي يستضيفها فندق “دومينا كورال باى”، حيث أكد رجل الأعمال الإيطالي برياتوني صاحب الفندق أن استضافة فناني البينالي القادمين من أوروبا ومصر تعد بمثابة فخر واعتزاز حيث العائد المثمر في تنشيط السياحة الثقافية المصرية.

جانب من محترف فنان معاصر مرتبط بإرثه الفني القديم
جانب من محترف فنان معاصر مرتبط بإرثه الفني القديم

وأشار إلى أنه ضمن فاعليات البينالي الهامة هو خروج الفنانين للرسم في أهم الأماكن المفتوحة والرسم المباشر من قبل الفنانين أمام جمهور السياح بمناطق خليج نعمة والسوق القديم، كذلك الخروج للرسم في الأماكن الساحرة بين الجبال بجانب الرسم في الأيام الأخرى داخل الفندق بمصاحبة ندوات و”افنتات” وعمل “شو آرت” من قبل الفنانين على المسرح الكبير للفندق.

وحول تجربته وولعه بالرموز التاريخية المصرية ذات البعد الحضاري، أبوالهول على سبيل المثال، قال مليكة “أبوالهول له في ذكرياتي أثر كبير، ورسمه يعيشني لحظة بلحظة ذكرياتي التي أفتقدها، هذا الأثر العظيم يردني للتو إلى أيام المرحلة الابتدائية حيث كنت أزور منطقة الأهرامات يوم الجمعة وأخص فيها أبوالهول الذي كنت أجلس تحت رجليه وأتساءل وأتناقش وأتحاور معه”.

ويعتمد أسلوب مليكة الفني على طاقة الانفعال الفوري في مواجهة مسطح اللوحة الأبيض، حيث تلعب الخبرة الجمالية دورا في ترشيد هذه الطاقة الارتجالية التلقائية، ومن ثم إنضاج الشكل الفني ليتحقق التوازن الجمالي المنشود للشكل، وقد رأى أن “مسطح اللوحة الأبيض بالنسبة لي ليس مسطحا أبيض، بل هو عبارة عن حكايات وأنا بتلقائيتي وارتجالي أجسد كلماتها بألوان حتى أعطي لها شكلا ومضمونا تعبيريا لتحقق تأثيرها”.

وأكد مليكة أن العالم الأوروبي أثر فيه على مستوى حرية التعبير وجرأة التفكير والانفتاح على الفنون على اختلاف مدارسها وثقة الإلقاء مع الاحتفاظ بشخصيته الفنية الخاصة و”شخصيا لا أفضل التردد كثيرا على المعارض أو المتاحف وإن حدث يكون بطريقة سريعة جدا ولا أقف عند التفاصيل حتى لا أتأثر بالطاقات التعبيرية لفناني هذه المعارض أو أن أقع أسير مدرسة من مدارس الفنون التي تنتمي إليها لوحات هذه المتاحف، وهذا ساعدني كثيرا في الحفاظ على هويتي الفنية وعلى أسلوبي الخاص الذي ينتمي إلى جذوري المصرية”.

فنان ينطلق من لحظة فنية فورية
فنان ينطلق من لحظة فنية فورية

ولفت مليكة إلى أن “فكرة إقامة البينالي نشأت باتفاق فكري مع اللواء خالد فودة محافظ جنوب سيناء على أن تعود السياحة الإيطالية بطريق ثقافية، وبما أنني أقيم في إيطاليا منذ فترة كبيرة، كان باستطاعتي تحت رعايته وإشرافه تحقيق هذه الفكرة باستضافة فنانين إطاليين وأوروبيين بما أنه مجالي، وساعدني في ذلك احتكاكي بفناني أوروبا. وكل دورة من البينالي تحمل الجديد حيث أنها تنتمي إلى الوضع الراهن وهذه الدورة الثالثة تنتمي إلى السلام، حيث أن مدينة شرم الشيخ هي مدينة السلام العالمي”.

للبينالي بعد فني وسياحي ووطني، وقد تمكن مليكة بتوافقه مع اللواء خالد فودة تحقيق الانسجام بين هذا الثالوث، وأضاف مليكة “البعد الفني للبينالي أنه أتاح لفناني أوروبا التمتع بأجواء مدينة شرم الشيخ الساحرة والتعبير عنها والتأثر بها في أعمالهم. ففضلا عن اللوحات التي يرسمونها خلال البينالي هم بالنهاية يعودون إلى بلادهم برسالة هامة وهي أن مصر بلد أمن وأمان وشرم الشيخ مدينتها السلام”.

 وأكد مليكة أن بينالي شرم الشيخ الدولي للفنون أول بينالي دولي وفريد يحمل صفات الرسم المباشر والتعبير عن اللحظة في مكانها ووقتها، وقال “في بداية حياتي الفنية كنت أشارك في العديد من الملتقيات المحلية الفنية في الدول الأوروبية المختلفة والتي تحمل هذا الفكر من الفن، وكنت أتمنى يوما أن أجمع بين فناني أوروبا في حدث واحد دولي.

 وهنا ولدت الفكرة الأساسية التي أنتجت بينالي شرم الشيخ الدولي والذي يجمع بين فناني أوروبا، ويتيح لهم خلق حالة نموذجية من التبادل الفكري والثقافي والفني بين حضارات وفنون دولهم على اختلافها، هذا فضلا عن امتداد هذه الحالة لتشمل مختلف أجيال الفنانين المصريين، ومن هنا أعتقد أن البينالي يساهم في إعطاء فرص للتفاعل والتواصل والمقارنة والتطلع إلى ما وصلت إليه ساحات الفنون في أوروبا ومصر”.

وعن المعوقات التي تواجه البينالي وكيف استطاع التغلب عليها؟ وما هو المطلوب حتى يستمر البينالي في أداء دوره ومهامه بسلاسة وحب؟ قال مليكة “أبرز هذه المعوقات الأساسية هو عدم التعاون من قبل وزارة الثقافة في رعاية البينالي أو التعاون لتسهيل بعض المتطلبات، على الرغم من أن البينالي ظهر إلى النور بصورة مشرفة برعاية ومساندة الرجل المحب لوطنه اللواء خالد فودة محافظ جنوب سيناء، في وقت أغفلت فيه وزارة الثقافة المصرية وأهملت مهرجاناتها الرسمية وفشل بينالي القاهرة في دورات عديدة وتوقف بينالي الإسكندرية وترينالي الحفر وغيره من المهرجانات التابعة لوزارة الثقافة”.

14