إقرار موازنة عراقية جديدة بقفزة كبيرة في الإنفاق

الحكومة العراقية ستكون في وضع مالي جيد في ظل تحرك أسعار النفط عند مستويات تزيد كثيرا على السعر الذي استندت إليه الموازنة.
الاثنين 2018/10/29
أسعار النفط تعزز فرص نجاح الحكومة الجديدة
 

اتخذت الحكومة العراقية الجديدة أولى خطواتها الكبيرة بإقرار موازنة العام المقبل، التي فاجأت المراقبين بزيادة كبيرة في الإنفاق عن التقديرات الأولية السابقة. ويرى محللون أن الاستناد إلى سعر متحفظ للنفط عند 56 دولارا للبرميل قد يسمح لها بزيادة الإنفاق وإطفاء العجز المتوقع البالغ 19 مليار دولار.

لندن- قالت الحكومة العراقية أمس إنها أقرت مشروع الموازنة المالية الاتحادية لعام 2019 وأحالتها إلى البرلمان لمناقشتها وإقرارها، وذلك بعد أيام قليلة من تشكيل الحكومة، بشكل جزئي، حيث لا تزال 8 حقائب وزارية شاغرة بعد رفض تثبيتها من قبل البرلمان.

وكشفت مصادر مطلعة على مسودة مشروع الموازنة أنها تضمنت زيادة كبيرة حجم الإنفاق، الذي بلغ 128.4 تريليون دينار عراقي (نحو 108 مليارات دولار) بعد أن كانت التقديرات الأولية في مسودة الموازنة التي كانت تناقشها الحكومة السابقة تبلغ نحو 92 مليار دولار.

وتتوقع المسودة الجديدة أن يصل العجز في موازنة العام المقبل إلى نحو 19 مليار دولار. لكن استناد الموازنة إلى سعر متحفظ لبرميل النفط عند 56 دولارا، يمكن أن يؤدي إلى إطفاء ذلك العجز.

ويتضح ذلك في إشارة نص المسودة إلى أن العجز المالي سيتم تغطيته من الوفرة المالية المتحققة من الفارق الكبير في أسعار النفط المتوقعة، إضافة إلى خطط زيادة الإنتاج في العام المقبل.

ثامر الغضبان: العراق سوف يواصل خطط زيادة إنتاج النفط وتطوير المنشآت والبنية التحتية
ثامر الغضبان: العراق سوف يواصل خطط زيادة إنتاج النفط وتطوير المنشآت والبنية التحتية

ويرى محللون أن الحكومة العراقية ستكون في وضع مالي جيد في ظل تحرك أسعار النفط عند مستويات تزيد كثيرا على السعر الذي استندت إليه الموازنة، حيث تتحرك الأسعار قرب 80 دولارا للبرميل منذ عدة أشهر مع ترجيح بقائها أو ارتفاعها عن تلك المستويات بعد فرض العقوبات الأميركية على صادرات النفط الإيرانية.

وتم احتساب معدل تصدير النفط في العام المقبل عند 3.88 مليون برميل يوميا بينها، 250 ألف برميل يوميا عن كميات النفط الخام المنتج في محافظات إقليم كردستان العراق، المتوقفة حتى الآن.

ويمكن أن تسجل الحكومة العراقية صادرات أكبر في ظل الارتفاع السريع في الصادرات من جنوب العراق، والتي تجاوزت الشهر الماضي 3.62 مليون برميل يوميا ويمكن أن ترتفع أكثر في العام المقبل.

وكانت مصادر مطلعة قد كشفت أن الحكومة الاتحادية العراقية السابقة توصلت إلى اتفاق في منتصف أكتوبر الجاري مع حكومة إقليم كردستان لاستئناف تصدير الخام إلى ميناء جيهان التركي عبر المنطقة الكردية.

وأكدت أن الاتفاق ينتظر موافقة نهائية لانطلاق عمليات التصدير من رئيس الوزراء العراقي الجديد عادل عبدالمهدي ووزير النفط ثامر الغضبان، الذي أكد أن الوزارة ستواصل تنفيذ خطط زيادة إنتاج النفط الخام والغاز وتعزيز دور العراق في الأسواق العالمية.

وقال الغضبان في الأسبوع الماضي بعد تولّيه منصبه الجديد “علينا أن نمضي قُدما في زيادة الإنتاج وتطوير المنشآت النفطية وفق ما تقتضيه المصلحة الوطنية، فضلا عن النهوض بالبنى التحتية وتحديث برامج التدريب وتحسين الأداء للعاملين في هذا القطاع الحيوي”.

ويخطط العراق لرفع الطاقة الإنتاجية للعام المقبل من النفط الخام إلى 5 ملايين برميل يوميا والطاقات التصديرية إلى 4 ملايين، وهي أرقام غير مسبوقة في تاريخ الصناعة النفطية.

ويشير حجم الإنفاق في الموازنة الجديدة إلى زيادة كبيرة على إنفاق موازنة العام الحالي، الذي بلغ نحو 88 مليار دولار. وكانت تتضمن عجزا متوقعا بقيمة 10 مليارات دولار. ويرجّح محللون أن تكون موازنة العام الحالي قد أطفأت العجز لأنها كانت تستند إلى سعر 46 دولارا لبرميل النفط، وهو ما يقلّ كثيرا عن متوسط سعر الخامات العراقية منذ بداية العام الحالي.

وحققت وزارة النفط العراقية قفزات نوعية كبيرة في المشاريع الجديدة، التي أدت إلى زيادات كبيرة في الإنتاج إضافة إلى خفض كبير في حرق الغاز المصاحب، الذي نقل العراق إلى تصدير عشرات الشحنات من الغاز والمكثّفات منذ بداية العام الحالي.

56 دولارا سعر برميل النفط الذي استندت إليه الموازنة الأمر الذي يرجع إطفاء العجز وزيادة الإنفاق

ويأمل العراقيون بانطلاقة جديدة في إدارة الحكومة العراقية رغم استمرار الصراعات السياسية، وينتظرون تحرك أزمات الخدمات المتهالكة التي أدت إلى احتجاجات عارمة في مدن وسط وجنوب العراق.

وأعلنت بغداد عن إبرام صفقة كبرى مع شركتي سيمنز الألمانية وجنرال إلكتريك الأميركية لإنهاء أزمة الكهرباء المزمنة، والتي يمكن أن تنعكس على الكثير من النشاطات الاقتصادية الأخرى.

ويشير إقرار الموازنة خلال وقت قصير جدا من عمر الحكومة الجديدة إلى استنادها إلى عمل الحكومة السابقة برئاسة حيدر العبادي، التي وضعت تلك الموازنة. وقد أكد العبادي ذلك الأسبوع الماضي. وقال إن الوضع المالي جيد حاليا بسبب الطفرة الكبيرة في أسعار النفط العالمية.

وأضاف أن فاتورة العمليات الأمنية على الموازنة الاتحادية للعام المقبل ستكون قليلة بعد الانتهاء من الحرب على تنظيم داعش وأن التداول السلمي للسلطة سيقلل مخاوف المستثمرين لأن العراق أصبح بلدا آمنا. ويرى محللون أن الحكومة الجديدة ستجني ثمار الكثير من الخطوات التي أنجزتها الحكومة السابقة، إضافة إلى التحسن الكبير في العوائد النفطية.

11