موسيقي سوري يستعرض في ندوة غنائية: ألوان الطرب في حلب

الباحث عبدالحليم الحريري يعتبر أن التراث الغنائي في حلب هام جدا ولكن لا يجب النظر إليه نظرة تقديس، فهناك جوانب توجد فيه لا تحمل قيما فنية كبيرة.
الأربعاء 2018/10/03
ندوة فكرية مطعمة بالموسيقى والغناء المباشر

حلب (سوريا)- عبدالحليم الحريري، أحد أهم العازفين والباحثين في الفن الحلبي، هو عازف فذ على آلة الكمان، وقد نال شهرة كبيرة في الوسط الفني السوري عموما، عندما أحرز لقب فنان وهو ابن الرابعة عشرة من عمره، كان ذلك عام 1974، وهي حالة لم تتكرر حتى الآن في تاريخ النقابة. قدم الحريري العديد من الإسهامات في مجالي العزف على آلة الكمان والقيثارة، لكنه برز في الكمان، وقدم العديد من الحفلات في العالم وكذلك العديد من المشاركات التوثيقية الموسيقية، وهو يشغل الآن منصب مدير معهد صباح فخري للموسيقى، التابع لوزارة الثقافة السورية في حلب.

وفي نهاية شهر سبتمبر الماضي قدم الحريري ندوة موسيقية غنائية ضمن نشاطات مهرجان “ليالي قلعة حلب”، عن ألوان الطرب في حلب مع المطرب عمر سرميني، وقد لاقت الندوة استحسان من حضرها للمعلومات الهامة التي استعرضتها، وكذلك الفن الرفيع المقدم.

عن الندوة، كان لـ”العرب” لقاء مع الباحث والعازف عبدالحليم الحريري الذي تحدث عن ألوان الطرب والغناء في حلب، قائلا “لحلب تاريخ كبير في الغناء والموسيقى، فيها فنون نشأت وتطورت، وفنون أخرى وفدت إليها، ومن أهم الألوان المعروفة فيها هي الموشح، وقد أتى إليها من الأندلس كما تقول الدراسات، ولكنّ موسيقيي حلب عملوا عليه وطوّروه، كان من أهمهم علي الدرويش وعمر البطش، فصار الموشح في حلب أحد أعمدة الفن الشامي والعربي عموما”.

عبدالحليم الحريري: التراث الغنائي الحلبي مهم، لكن لا يجب أن ننظر إليه نظرة تقديس
عبدالحليم الحريري: التراث الغنائي الحلبي مهم، لكن لا يجب أن ننظر إليه نظرة تقديس

ويبيّن الحريري “باتت الموشحات الحلبية الآن معروفة، كذلك هناك فن القصيدة، الذي هو من أصعب الفنون، وله عدة أشكال، حيث هناك القصيدة غير الموزونة
إيقاعيا، كما في قصيدة ‘بيضاء’، التي تميز فيها صباح فخري، وهو المطرب العربي الوحيد الذي يمكنه أداء هذا اللون الغنائي بهذه السوية العالية، وهناك أيضا القصيدة الموقعة التي فيها إيقاع خارجي، وهذا النمط اشتغل عليه الموسيقيون في مصر وقدموا قامات هائلة، أبرزهم رياض السنباطي، ثم هناك القد الذي تميزت به مدينة حلب وصار مرتبطا باسمها، فيقال قدود حلبية”.

وفكرة القدود جاءت من أحد القساوسة الذي أراد جذب الناس لحضور القداديس، وكان أن لاحظ ولعهم بالاستماع للموسيقى والغناء، فقام باختيار مقطوعات موسيقية محددة ونسج وفقها كلاما جديدا محبّبا للناس غزلي المحتوى، فأحبه الحلبيون وشاع بينهم، فصار قدا ومنه جاءت تسمية القدود. ويضيف الحريري “أما الفن الشعبي ذائع الشهرة الذي يعرفه كل الحلبيين، فهو الموال، وهو على عدة أشكال، الأربعاوي أو الخمساوي أو السبعاوي”.

والأربعاوي هو المؤلف من أربعة أشطر، أما الخمساوي ويعرف أحيانا بالأعرج، فيتألف من خمسة أشطر، تكون الثلاثة الأولى على قافية واحدة تتغير في الشطر الرابع لتعود في الشطر الخامس للتجانس مع الشطر الأول، وأشهر ما غني من موال في حلب، حسب رأي الحريري، هو السبعاوي، وهو يتكون من سبعة أشطر، تكون أول ثلاثة بقافية محددة، وتسمى المطلع، والثلاثة الثانية بقافية أخرى وتسمى العرجة، ثم يكون الختام بالشطر السابع، حيث نعود للقافية الأولى ويسمّى طباق.

وعن قيمة هذا التراث الموسيقي وضرورة الحفاظ عليه وتطويره، بيّن الحريري “التراث الغنائي في حلب والشام عموما هام وغني، ويجب الحفاظ عليه، ولكن لا يجب أن ننظر إليه نظرة تقديس، فهناك بعض الجوانب التي توجد في هذا التراث الغنائي التي لا تحمل قيما فنية كبيرة، مثل زجليات بعض القدود القديمة التي كانت لا تعني شيئا أحيانا، وكان الهدف منها مجرد إيجاد معادل لغوي للجملة اللحنية المطلوبة، أنا أرى أنه من اللازم التخلص من هذه الزجليات غير المتزنة”.

هذا، وصاحب الندوة حضور متميز للفنان السوري عمر سرميني الذي قدم نماذج غنائية في المواويل والقصائد والموشحات والقدود التي تحدث عنها المحاضر عبدالحليم الحريري، فتمايل الجمهور على أنغام الفرقة التي قدمت عرضا متألقا في ساعة ونيف من الزمن.

16