"ومشيت".. مسلسل لبناني يتعرض لقضايا الهجرة والإرهاب والفساد

مسلسل لبناني ينتقد بعض الساسة الجشعين، الذين لا يلتفتون إلى المصالح العامة بقدر اهتمامهم بتثبيت نفوذهم وسلطتهم.
الخميس 2018/09/27
قصة رومانسية تجمع كارين رزق الله وبديع أبوشقرا

أثمر تعاون النجمين اللبنانيين كارين رزق الله وبديع أبوشقرة خلال العامين الماضيين نتائج ناجحة على المستوى الدرامي، تمثّل ذلك النجاح في عمليهما الدراميين “لآخر نفس” و”مش أنا” اللذين عرضا في موسمين متعاقبين، وكلا العملين من تأليف النجمة والكاتبة كارين رزق الله، التي تطالعنا بنكهة مختلفة في كل مرة على مستوى الأداء والكتابة في كل عمل تقدمه، وها هما يعيدان التجربة من جديد خلال هذا الموسم ويتعاونان معا للعام الثالث على التوالي في مسلسل “ومشيت” الذي أخرجه شارل شلالا.

مثّل المسلسل اللبناني “ومشيت” واحدا من بين أبرز الأعمال الدرامية التي عرضت خلال هذا الموسم، وهو مسلسل ذو طابع رومانسي، لا يخلو من الإثارة البوليسية والمفاجآت غير المتوقعة.

وشارك في بطولة المسلسل مجموعة متميزة من النجوم والنجمات اللبنانيات، من بينهم رندا كعدي وأسعد رشدان وبياريت قطريب ووسام فارس ومي سحاب، علاوة على النجمة كارين رزق الله، وهي أيضا مؤلفة السيناريو، وشريكها الدائم النجم في الأداء بديع أبوشقرة.

ويسلّط المسلسل الضوء على العديد من القضايا السياسية والاجتماعية في لبنان، بداية من أزمة الهجرة المتنامية للشباب اللبناني، إلى قضايا الجماعات المسلحة والإرهاب، والساسة الجشعين، الذين لا يلتفتون إلى المصالح العامة بقدر التفاتهم إلى مصالحهم الشخصية وتثبيت نفوذهم وسلطتهم.

وفي المسلسل تطالعنا كارين رزق الله بدور مايدا ابنة النائب نسيم، أحد أبرز النواب في البرلمان اللبناني، وهو رجل جشع وغليظ القلب، ويؤدي دوره الفنان أسعد رشدان.

والعلاقة بين الأب نسيم وابنته مايدا تتسم بالتوتر، نتيجة لزواجها دون رغبته من العقيد أمل، الذي يؤدي دوره بديع أبوشقرة، وهو عقيد في الجيش اللبناني، وبسبب هذا الزواج تنقطع علاقة الأب بابنته نهائيا.

يعيش الزوجان حياة سعيدة إلى أن يتدخل القدر بتعرض الزوج لمحاولة اغتيال من قبل إحدى الجماعات الإرهابية، لكنه ينجو من هذه المحاولة، التي يروح ضحيتها ابنه الصغير وسائقه المجند في الجيش اللبناني.

وتتسبّب تلك الحادثة بألم نفسي كبير لدى الزوجين لا تستطيع مايدا تحمله فتهرب من لبنان إلى كندا، حيث تستقر هناك تاركة زوجها يصارع ألمه، ويبحث الزوج المكلوم عن مايدا طويلا من دون أن يعثر لها على أثر.

تبدأ أحداث المسلسل بعودة مايدا إلى لبنان بعد غياب دام ستة عشر عاما، مصطحبة ابنتها المراهقة، والتي نعرف في ما بعد أنها ابنة العقيد أمل، فقد هربت مايدا وهي في أشهر الحمل الأولى من دون أن يعلم زوجها بذلك، تلتقي مايدا بزوجها من جديد وتفاجأ بأنه يستعد للزواج من أقرب صديقاتها، فتشتعل في نفسها الغيرة، ويتجدّد حب العقيد أمل لزوجته.

على هذا النحو تستمر الأحداث في صراع خفيّ ومعلن بين جميع الأطراف، إذ تتغيّر الكثير من الأمور بظهور مايدا، تتوتر علاقة العقيد أمل بخطيبته، ويبدأ والد مايدا في رسم خطط جديدة للحيلولة دون عودة ابنته إلى زوجها، كما يتمرّد شقيق مايدا على سلطة والده وتحكّمه في تفاصيل حياته.

أما مايدا فتجد نفسها في صراع بين إخبار زوجها بأن له ابنة، وبين إخفاء الأمر عليه خوفا من رد فعله، وتخوّفا كذلك من الصدمة التي ستتعرض لها ابنتها التي تعرف أن أباها قد مات.

وتتخلل القصة المحورية العديد من الخيوط والشخصيات الأخرى ذات التأثير في سياق الأحداث، ومن بين هذه الشخصيات على سبيل المثال شخصية مارتا والدة السائق الذي راح ضحية العمل الإرهابي، والتي تلعب دورها باقتدار الفنانة رندا كعدي.

مسلسل يحمل العديد من الأسرار
مسلسل يحمل العديد من الأسرار

وتؤدي كعدي دور الأم التي فقدت ابنها وهو ما يزال في ريعان شبابه، لكنها رغم مرور السنوات ما تزال تعيش على ذكراه، وتفترض له حضورا في حياتها، وهو دور مركّب وشديد التعقيد ومليء بالشحن العاطفي والأدائي، استطاعت رندا كعدي التصدّي له بجدارة وأداء مؤثر خطف القلوب، ولا شك أنه واحد من بين أفضل الأدوار الدرامية التي قدمتها كعدي خلال مشوارها الفني.

ومن بين شخصيات المسلسل تطالعنا كذلك شخصية روبير (شربل زيادة) صديق مايدا وطبيبها الذي يأتي من كندا لمرافقتها، ما يثير غيرة العقيد أمل وتحفظه على هذه العلاقة غير الواضحة بين زوجته وصديقها، نعرف في ما بعد أن مايدا مصابة بالسرطان وتحتاج لعملية جراحية دقيقة وأن روبير هو طبيبها المتابع لحالتها تلك. وفي المسلسل تتهم الابنة والدها في إحدى المواجهات الحادة بينهما بأنه يسعى للتربّح من منصبه السياسي على حساب الناس، ويدفع هو وأمثاله من المسؤولين الشباب اللبناني إلى الهجرة خارج لبنان، فتضعنا تلك المواجهة الحادة أمام عدد من الأزمات التي يتعرض لها لبنان، وتكشف عن البون الشاسع الذي يفصل بين جيل الشباب بتطلعاته وآماله العريضة، وجيل الآباء من ذوي الأفكار والعقليات التقليدية، كما تلقي تلك المواجهة أيضا بالتبعية على رجال السياسة في شكل عام فيما تواجهه لبنان من أزمات، وهو الاتهام الذي يقابله تقدير خاص لما يقوم به رجال الجيش اللبناني من تضحيات.

ويحمل المسلسل أيضا العديد من الأسرار التي تتكشف حول الحادث الإرهابي الذي تعرض له العقيد أمل، إذ تسفر التحقيقات عن كشف العقل المدبر لهذه العملية الإرهابية، والذي مثّل مفاجأة للجميع، إذ يتضح أن وراءها النائب نسيم والد مايدا، والذي يفضل الانتحار بعد افتضاح أمره، غير أن أحداث المسلسل تختتم بنهاية مأساوية حين تفارق مايدا الحياة أثناء إجرائها العملية الجراحية، وهي نهاية لم تكن متوقعة بالمرة.

ينطوي مسلسل “ومشيت” على بعض الافتعال في عدد من مشاهده، وهو افتعال كان له وقع كوميدي ساخر أحيانا، كما افتقدت بعض المواقف الحادة في المسلسل إلى الدافع أو الحجّة القوية ورائها، كموقف النائب نسيم القاطع من زواج ابنته من العقيد أمل، وهو عقيد في الجيش اللبناني، بحجّة الفروق الاجتماعية، إلى الحد الذي يصل به إلى التخطيط لقتله.

16