المخرج - الممثل

هناك قائمة طويلة لمخرجين مرموقين في عالم الإخراج ظهروا على الشاشة كممثلين لكن أحدا لم يعد يتذكرهم، وبقيت فقط الأفلام التي أخرجوها.
الأربعاء 2018/09/19
يوسف شاهين لم يستمر في التمثيل واكتفى بالإخراج

ما مغزى ظهور المخرجين كممثلين، سواء في أفلامهم أو أفلام غيرهم؟ ما الذي يجذبهم للانتقال من الجلوس وراء الكاميرا إلى الوقوف أمام الكاميرا؟ هل هو الشعور بالغبن كونهم يديرون الممثلين من كبار نجوم السينما، ثم يحصد الممثلون وحدهم النجومية والنجاح الجماهيري في حين أن لا أحد يمكنه التعرف على المخرج السينمائي وهو يسير في الشارع مثلا؟

في تاريخ السينما المصرية والعالمية الكثير من النماذج على ذلك الهاجس لدى المخرجين، لكن الملاحظ أنهم لم ينجحوا في فرض أنفسهم كممثلين مع استثناءات قليلة لمن كانوا من البداية – ممثلين قبل أن يتجهوا للإخراج مثل أورسون ويلز وجون هيستون وودي ألين.

هناك قائمة طويلة لمخرجين مرموقين في عالم الإخراج ظهروا على الشاشة كممثلين لكن أحدا لم يعد يتذكرهم، وبقيت فقط الأفلام التي أخرجوها، من هؤلاء هناك المخرج الفرنسي فرانسوا تريفو الذي ظهر في فيلم ستيفن سبيلبرغ “لقاءات قريبة من النوع الثالث”، والمخرج البولندي رومان بولانسكي الذي ظهر في دور رئيسي في فيلمه “قتلة مصاصي الدماء البواسل” وفي أفلام كثيرة، طويلة وقصيرة لمخرجين غيره.

المخرج مارتن سكورسيزي ظهر أيضا كممثل في 9 من أفلامه، وعدد مساو لأفلام غيره قصيرة وطويلة وتلفزيونية، وأحيانا بصوته فقط في بعض الأفلام الأخرى.

إننا نتذكره مثلا في الفيلم الذي كان وراء شهرته أي “سائق التاكسي”، وهو يؤدي بطريقة كاريكاتيرية دور الزوج المخدوع، وهو يراقب زوجته التي يشك في خيانتها له.

في مصر ظهر المخرج يوسف شاهين في فيلمه “اليوم السادس” ربما لكي يؤكد على حضوره الشخصي وكأنه يقول “أنا هنا.. أنا المخرج الذي يوجه الأحداث ويحرك هؤلاء الممثلين”، لكنه لم يكرّر التجربة، لكن يجب ألاّ ننسى أن شاهين حاول في البداية أن يكون ممثلا ومخرجا عندما أسند لنفسه بطولة فيلم “باب الحديد”، ورغم إجادته دور “قناوي” بائع الصحف الذي يعاني من الحرمان الجنسي وينتهي إلى الجنون، إلاّ أنه لم يستمر في التمثيل واكتفى بالإخراج، بل وأصبح من القلائل الذين حقّقوا نجوميتهم في الإخراج السينمائي بما لا يقل عمّا حقّقه النجوم الذين لمعوا في أفلامه.

نادر جلال ظهر في دور صغير في فيلم “مهمة في تل أبيب”، من إخراجه، وإبراهيم البطوط ظهر ممثلا في فيلمه “حاوي” كما ظهر في فيلمين من إخراج أحمد عبدالله هما “هليوبوليس” و”ديكور”، لكنه لم يكن موفقا كممثل.

أما محمد خان فكان أيضا من المولعين بالتمثيل سواء في أفلامه أو أفلام غيره، فقد مثل في “العوامة 70” لصديقه خيري بشارة، و”ملك وكتابة” لكاملة أبوذكري، و”بيبو وبشير” لمريم أبوعوف، و”عشم” لماجي مورجان، أما خيري بشارة فقد ظهر كممثل في 9 من أفلام صديقه محمد خان وفي 10 أفلام أخرى.

وظهر المخرج مجدي أحمد علي في دور الطبيب في فيلم “مشوار عمر” لمحمد خان، وقد عمل فيه أيضا مساعدا للمخرج، كما ظهر كممثل في أفلام أخرى مثل “حرب الفراولة” و”يوسف وزينب” و”حكايات الغريب”، وقام عاطف الطيب بالتمثيل في فيلم “نص أرنب” لمحمد خان، و”أنياب” لمحمد شبل.

ومن الطريف أن المخرج الكبير صلاح أبوسيف، الذي عرف بجديته الشديدة، ظهر كممثل في فيلم واحد فقط هو “أَضواء المدينة” (1972) مجاملة لصديقه المخرج فطين عبدالوهاب، لكن أبوسيف لم يظهر في أي من أفلامه، فلم يكن يعاني من مشكلة ابتعاد الأضواء عن عمل المخرج، بل على العكس كانت شهرة أبوسيف تتجاوز كثيرا شهرة الممثلين الذين عملوا معه.

في الوقت نفسه فشل ممثلون مشهورون في الاتجاه إلى الإخراج مثل نور الشريف الذي أخرج فيلما وحدا هو “العاشقان” (2001)، لكنه لم يحقّق أي صدى، أما حسين فهمي الذي درس الإخراج -كما يقول- في أميركا، فلم يخرج فيلما واحدا، والتمثيل مثل الدنيا، أرزاق!

16