مغاربيان يتوّجان بجائزة بلند الحيدري للشعراء الشباب

الخميس 2018/07/19
الجائزة مهمة لدفع التجارب الشعرية للشباب إلى الأمام

عرف مركز الحسن الثاني للملتقيات الدولية بأصيلة تتويج كل من الشاعرين الشابين التونسي محمد العربي والمغربية نسيمة الراوي، الاثنين، بجائزة “بلند الحيدري للشعراء الشباب”، الممنوحة من طرف مؤسسة منتدى أصيلة، وتم منح هذه الجائزة التي تحمل اسم الشاعر العراقي الراحل بلند الحيدري، في دورتها السادسة، ضمن فعاليات موسم أصيلة الثقافي الدولي الممتدة حتى العشرين من يوليو الجاري، مناصفة بين الشاعرين.

وعبر الشاعر محمد العربي عن سعادته بالفوز في هذه المرحلة من تجربته الشعرية خاصة وأن التتويج ليس بسبب كتاب شعري له وإنما من خلال تجربته، وهذا شيء مهم للشاعر كما يقول. ويضيف العربي في تصريحه لـ”العرب”، قائلا “أنا أكتب الشعر منذ العام 2002، ونشرت مجموعتي الأولى في العام 2014 في إطار جائزة نظمها بيت الشعر التونسي والتي فزت فيها بمجموعتي الشعرية ‘حتى لا يجرك العطر’، ثم نشرت الكتاب الثاني في العام 2015، ‘القتلة مازالوا هنا’، وأتوفر على أكثر من مجموعة شعرية”.

وتعني الجائزة للشاعرة نسيمة الراوي الكثير لكونها ليست مجرد احتفاء بتجربتها الشعرية وإنما أيضا احتفاء بكل من يحمل وجع الكتابة التي تصير مرادفا لمقاومة كل أشكال الموت، كما تقول، وتضيف في تصريحها لـ”العرب”، إن “قيمة أعضاء اللجنة المحكمة ومنجزاتهم في الإبداع والنقد تجعلها محط اهتمام لدى الشعراء الشباب”. مؤكدة أن جائزة بلند الحيدري ومثيلاتها تسهم لا محالة في تحفيز الشاعر على تطوير تجربته والحفر في رخام القصيد.

نسيمة الراوي: الجائزة ليست مجرد احتفاء
نسيمة الراوي: الجائزة ليست مجرد احتفاء

ويقول الشاعر التونسي محمد العربي من مواليد مدينة نابل عام 1985، “فوزي بجائزة بلند الحيدري مهم لكونه شاعرا كبيرا والشاعر لا يكتب في الأصل لأجل الحصول على جائزة لكنها تحفز وتفتح آفاقا للشاعر محليا وعربيا ومهمة لدفع التجارب الشعرية للشباب نحو الأمام، والشعر يحتاج إلى مؤسسات لدعمه، ومواضيع شعري متنوعة فأنا أكتب للتعبير عن هواجسي وهمومي الاجتماعية والسياسية والعاطفية وبالتالي ليست هناك مواضيع بعينها”.

وقررت مؤسسة منتدى أصيلة منح “جائزة بلند الحيدري للشعراء العرب الشباب” في دورتها السادسة بأغلبية الأصوات للشاعرين الفائزين، بعد ترشيحات مختلفة ونقاشات مسهبة بصدد التجارب الشعرية العربية الجديدة.

وقال رئيس اللجنة علي عبدالله خليفة، مدير إدارة البحوث الثقافية بالديوان الملكي بالبحرين، إن الحوار الذي دار بيننا كان مكثفا وقويا تمخض عن اختيار هذين الشاعرين ومناسبة لجس نبض حركة الشعر في الوطن العربي.

وأضاف خليفة “أن التأسيس لجائزة بلند الحيدري ذو مغزى كبير لأن حركة الشعر في الوطن العربي قلب نابض لحركة الفكر والثقافة وعما يعنيه الشعر ومكانته، وهذا يجبرنا على الاعتراف بأن مسؤولية النخبة صعبة تمثلت في كوننا نجسّ ماذا يكمن داخل الوطن العربي من مستجدات في المجال الشعري وهل الشباب العربي لا يزال متصلا باللغة. كما اطلعت شخصيا على مختلف التوجهات الشعرية والنقدية”.

وبالمناسبة ألقت الشاعرة نسيمة الراوي قصيدة “معزوفة صغيرة” مهداة إلى ابنتها شهد، فيما قرأ الشاعر محمد العربي قصيدتي “مثل قرية في أعالي الجبال” و”صباح الخير أيتها الغزالة“.

وفي كلمته قال شرف الدين ماجدولين، منسق لجنة التحكيم، إن فوز شاعر من تونس والمغرب بالجائزة هو تحية لاجتهادهما الإبداعي وأسلوبهما واختياراتهما من المفردات إلى الموضوعات ثم التفاصيل الصغيرة، والجائزة هي أمل ودعم لهما للاستمرار على درب الأدب والشعر.

محمد العربي: هذا التتويج هو فتح آفاق للشاعر
محمد العربي: هذا التتويج هو فتح آفاق للشاعر

واعتبر منسق لجنة التحكيم في كلمته، أن الجائزة تجسيد للتواؤم بين وضع الشاعر العراقي الراحل بلند الحيدري كشاعر ووضع الشعر العربي حاليا، حيث أن الشاعر عاش عزلة مادية ونفسية عكست وضعية الشعر المعزول عن التداول النادر في الوجود كمعنى حقيقي، وهذا التواؤم يقول ماجدولين، إن دل على شيء فإنه يدل على فكرة الجائزة التي جاءت لتجاوز وضع الانتفاء والمنفى والهامشية.

واستعرض الشاعر المغربي المهدي اخريف التجربة الشعرية والحياتية للشاعر العراقي بلند الحيدري، واعتبره من رواد شعر الحداثة إلى جانب بدر شاكر السياب ونازك الملائكة كما اختط الشاعر طريقا خاصا به في عدد من القصائد التي تعتبر محطات في شعره. ويبدو له أن ميزة وخصوصية نصوصه الشعرية تكمن في تنمية وتكثيف البعد الدرامي وهو شاعر متفرد ترك علامات أكثر مما ترك طريقا.

أما الشاعر والناقد اللبناني شوقي بزيع، فرأى في مداخلته أن الشاعر بلند الحيدري حرم من الدراسة بمعناها الطبيعي رغم حصوله على ثقافة كبيرة إلى جانب وضعه العائلي عندما انفصل والداه وتوفيا الواحد تلو الآخر ما ترك أثرا داخليا لديه ولّد حس التمرد والاحتجاج والرفض وانعكس على علاقاته في أنه لم ينحن لحاكم.

وتكونت لجنة تحكيم الجائزة من علي عبدالله خليفة مدير إدارة البحوث الثقافية بالديوان الملكي البحريني، والشاعر والروائي والمترجم المغربي ومحمود عبدالغني، ومهى عتوم أستاذة الأدب العربي وشاعرة من الأردن، ومحمد بودويك أستاذ الأدب الحديث وشاعر من المغرب، ومزوار الإدريسي أستاذ التعليم العالي بمدرسة الملك فهد العليا للترجمة بطنجة، وآمال موسى شاعرة وأستاذة جامعية من تونس، ختاما بمحمد بنعيسى أمين عام مؤسسة منتدى أصيلة.

وأوصت اللحنة بأنه ما دامت الجائزة تحمل اسم شاعر كبير فيجب أن يتم إعطاؤها حقها في الاستمرار، وعلى ضرورة تطوير الجائزة بعد 18 سنة من التأسيس، والتأكيد على ضرورة اللغة العربية الفصحى في الأعمال الشعرية، والتصرف في مسألة العمر بين 40/35 سنة والتي تحدّ من وجود بعض الوجوه.

14