أزمة الحكومة التونسية تدخل المنعطف الأخير

اجتماع حاسم في قصر قرطاج الرئاسي، وصراع الساعات الأخيرة يدفع الوزير بن غربية إلى الاستقالة.
الاثنين 2018/07/16
الترقب سيد الموقف

تونس - تتجه الأنظار الاثنين، إلى قصر قرطاج الرئاسي، حيث من المقرر أن يرأس الرئيس الباجي قائد السبسي اجتماعا يُوصف بالحاسم، وسط ترقب لما ستؤول إليه نتائجه، في علاقة بالأزمة الحكومية الراهنة وانعكاساتها على مُجمل القضايا الخلافية الساخنة التي أدخلت البلاد في ما يُشبه حالة شلل.

وسيُشارك في هذا الاجتماع الذي يأتي بعد نحو شهرين من اجتماعات الموقعين على وثيقة قرطاج، رئيس الحكومة يوسف الشاهد، ورئيس البرلمان محمد الناصر، والأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل، نورالدين الطبوبي، ورئيس منظمة أرباب العمل، سمير ماجول، إلى جانب رئيس حركة النهضة الإسلامية، راشد الغنوشي، والمدير التنفيذي لحركة نداء تونس، حافظ قائد السبسي.

وتكثفت الاتصالات والاجتماعات المعلنة وغير المعلنة قبل هذا الاجتماع ، في ظل معلومات تتناقلها الكواليس السياسية وحتى الدبلوماسية العربية والأجنبية مفادها أن السقف المتوقع لهذا الاجتماع هو دفع رئيس الحكومة إلى الاستقالة.

ومع ذلك، اختار مسؤولو الأحزاب السياسية عدم التعليق العلني على هذا الاجتماع، باستثناء رئيس حركة النهضة الإسلامية راشد الغنوشي الذي اكتفى بالقول إن اجتماع الاثنين، “هو موعد جديد لحوار مغاير لوثيقة قرطاج، بدعوة من الرئيس الباجي قائد السبسي، وهو حوار لا يشمل جميع الموقعين على وثيقة قرطاج ، وسيكون في صيغة أخرى”.

وفي المقابل، قالت مصادر سياسية لـ”العرب”، إن جدول أعمال هذا الاجتماع، مُثقل بالكثير من الملفات الشائكة، سواء على الصعيد السياسي، أو الاقتصادي أو الاجتماعي، وكذلك أيضا الأمني، الأمر الذي يجعل منه محطة بارزة لجهة الحسم في الأزمة التي تعيشها البلاد.

الأزهر العكرمي: استقالة بن غربية تندرج في إطار تخفيف العبء عن يوسف الشاهد
الأزهر العكرمي: استقالة بن غربية تندرج في إطار تخفيف العبء عن يوسف الشاهد

وذهبت إلى القول إن اجتماع الاثنين، سيكون حاسما في مسار هذه الأزمة التي طالت أكثر من اللازم، وكشفت عن مناورات خطيرة لحركة النهضة الإسلامية التي استغلت “تمرد” يوسف الشاهد على حزبه، أي حركة نداء تونس، لتوظفه ضمن حساباتها السياسية في سياق مُخططاتها لإحكام سيطرتها على مُجمل مفاصل الدولة.

ولا يستبعد المراقبون أن يسود التوتر خلال هذا الاجتماع الذي يُنظر إليه على أنه انعطافة جديدة سترسم ملامح المعادلات السياسية التي ستحكم الانتقال السياسي القادم في علاقة بالاستحقاقات الانتخابية المُقررة في أكتوبر 2019.

وقال الوزير السابق الأزهر العكرمي، لـ”العرب”، إن الاجتماع المُرتقب يأتي فيما أثبتت الاتصالات والمشاورات التي جرت خلال الأسابيع القليلة الماضية وجود صعوبات كبيرة أمام تجاوز الأزمة الراهنة، سببها الخلافات العميقة في تقدير المواقف في علاقة ببقاء رئيس الحكومة الحالي يوسف الشاهد أو رحيله، وطبيعة العلاقات والتحالفات الحزبية التي ستطبع الحياة السياسية خلال الفترة القادمة.

واعتبر أن القراءة الأولية تشير إلى أن هذا الاجتماع سيخلص إلى تصعيد سياسي “هو بمثابة الهروب إلى الأمام الذي يُفضي إلى طلاق بين الرئيس الباجي قائد السبسي، وراشد الغنوشي، من جهة، وبين حركتي النهضة الإسلامية ونداء تونس من جهة أخرى، الأمر الذي سيُفاقم الأزمة التي تعيشها البلاد”.

وتوقع أن يتم خلاله الضغط على يوسف الشاهد ليُقدم استقالته، أو الذهاب إلى البرلمان لنيل الثقة من جديد بعد إدخال تحويرات على تركيبة فريقه الحكومي، خاصة بعد إقالة وزير الداخلية لطفي براهم، واستقالة وزير العلاقات مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني، مهدي بن غربية.

وكان الوزير مهدي بن غربية، قد استبق اجتماع الاثنين، بإعلان استقالته من حكومة يوسف الشاهد، في خطوة وُصفت بأن من شأنها تعميق أزمة الحكومة التونسية التي ينادي عدد من الأحزاب والنقابات بضرورة رحيلها.

وقال بن غربية في مقطع فيديو نشره السبت، في صفحته الرسمية بشبكة التواصل الاجتماعي فيسبوك، إن رئيس الحكومة “قبل استقالتي مشكورا”، مؤكدا في نفس الوقت أنه سيواصل مساندة الحكومة الحالية.

وبهذه الاستقالة، يرتفع عدد الاستقالات من حكومة الشاهد منذ حصولها على ثقة البرلمان في 26 أغسطس 2016 ، إلى استقالتين، الأولى كان قد أعلنها وزير التنمية والتعاون الدولي والمالية بالنيابة سابقا الفاضل عبدالكافي في 18 أغسطس من العام الماضي.

ورأى مراقبون أن توقيت الإعلان عن هذه الاستقالة يكشف أن صراع الإرادات ومراكز النفوذ في البلاد بلغ ساعاته الأخيرة، رغم أن الأزهر العكرمي اعتبر أنها “كانت مُتوقعة، وتندرج في إطار تخفيف العبء عن رئيس الحكومة يوسف الشاهد في هذه المرحلة”.

ورجح أن تلي هذه الاستقالة استقالات أخرى خلال الأيام القليلة القادمة، للمزيد من تخفيف العبء عن رئيس الحكومة يوسف الشاهد.

وهو ما تُشاطره فيه غالبية الأوساط السياسية، لكن لأسباب مُغايرة، حيث تتوقع استقالات أخرى قد يُقدم عليها عدد من وزراء حركة نداء تونس، وذلك لتضييق الخناق على يوسف الشاهد، ودفعه إلى الاستقالة لتفادي الذهاب إلى البرلمان لتجديد الثقة.

4