المسامرات الرمضانية متعة ليلية تخلف المتاعب

قلة النوم أثناء شهر رمضان تغير المزاج وتضعف التركيز، والسهر حتى الفجر يؤثر سلبا على الساعة البيولوجية.
الثلاثاء 2018/06/05
ألعاب رمضانية تستمر حتى الفجر
 

تعتبر المسامرات العائلية الرمضانية من الطقوس التي لا يستطيع معظم الناس في المجتمعات العربية التخلي عنها لأي سبب، حتى وإن كانت متعتها تجعل البعض يواجه متاعب كثيرة بسبب قلة النوم والأرق خصوصا بالنسبة إلى العاملين.

تتميز أمسيات رمضان بأجواء خاصة بالنسبة إلى الكثيرين، فمنهم من يفضل قضاء أمسياته في البيت ومشاهدة البرامج التلفزيونية برفقة أفراد عائلته، بينما يجد البعض الآخر متعة في السهر بصحبة الأصدقاء أو الأقارب في مجالس المنشدين أو المغنين، أو بالمقاهي والخيم الرمضانية التي تحتشد بالناس حتى صلاة الفجر، مما يقلل من جودة النوم فضلا عن الضرر الذي يلحق بالجسد ومستوى الإنتاجية أثناء العمل.

ولا تحلو ليالي رمضان بالنسبة إلى شريحة هامة من الصائمين إلا بتناول المشروبات الغنية بالكافيين مثل الشاي والقهوة وتدخين السجائر والنرجيلة، من أجل البقاء مستيقظين والاستمتاع بسهرات، غالبا ما تمتدّ إلى وقت السحور.

ولا يعير أغلبية الأشخاص أهمية كبيرة لتأخر موعد نومهم المعتاد، على الرغم من أن ذلك قد يجعلهم أقل انسجاما في عملهم، ويؤثر بالسلب على كل شيء في حياتهم اليومية وعلى علاقاتهم مع المحيطين بهم، ويقلل من مستوى إنتاجيتهم في العمل.

ويسعى البعض إلى محاولة التأقلم مع السهر إلى وقت متأخر من الليل، من خلال الحصول على فترات من النوم أثناء القيلولة، أما من لا يستطيعون أخذ قسط من الراحة للنوم في وسط النهار، فيواجهون مشقة كبيرة في مسايرة النظام اليومي للمجتمع وساعات العمل، التي تبدأ في الثامنة صباحا وتمتد في الغالب حتى الخامسة مساء في أغلب المجتمعات العربية.

إيمان سالم: احتفاء المسلمين بليالي رمضان أخذ أكثر من حجمه وأصبح مرهقا جسديا
إيمان سالم: احتفاء المسلمين بليالي رمضان أخذ أكثر من حجمه وأصبح مرهقا جسديا

 وبالنسبة إلى حوالي 50 في المئة من البشر، تؤدي قلة النوم إلى تغير في المزاج ونقص في التركيز، وقد تقود في بعض الحالات إلى مشاكل صحية جدية مثل زيادة الوزن وأمراض القلب والسكري.

ويرتبط السهر من وجهة نظر الخبراء بعدة أمراض مثل الزهايمر والسرطان، والبدانة والسكري والقلق والاكتئاب والرغبة في الانتحار بسبب قلة النوم.

ويقول مات ووكر، أستاذ الأعصاب وعلم النفس بجامعة كاليفورنيا "في فترة الأربعينات من القرن الماضي، كان الناس ينامون في المتوسط ما يزيد قليلا على ثماني ساعات في الليلة. وحاليا في العصر الحديث، أصبح الناس ينامون في المتوسط ما بين ست إلى سبع ساعات، أو بين ست إلى ثماني ساعات تقريبا في الليلة".

 إلا أن هذا المعدل من ساعات النوم يهبط إلى ثلاث أو أربع ساعات على الأغلب أثناء شهر رمضان المبارك، مما يدق جرس إنذار صحي واجتماعي متعلق بنوعية الإنتاجية وكفاءة العمل أثناء النهار، فإنتاجية الجسد المتعب أقل بالضرورة من إنتاجية الجسد الذي أخذ كفايته من النوم.

لكن تحذيرات الخبراء من أضرار السهر ومتاعبه، لا يعيرها معظم الناس اهتماما ويستمرون في السهر ولا يستطيعون مقاومة إغراءات جلسات المسامرة والثرثرة والتدخين والسهر على برامج التلفزيون في رمضان.

وتقول المصرية إيمان سالم مؤسِّسة موقع “أمينة توداي للمرأة” “رمضان شهر عبادة ولكنه تحول إلى شهر الوصفات والأكلات بكافة أنواعها رغم أنه شهر للصيام عن الأكل، ولكن العرب تفننوا في التعبير عن احتفائهم بأي شيء، فأصبح كل شيء يأخذ حجما أكثر من حجمه".

 وأضافت سالم في تصريح لـ”العرب”، “العزائم والسهرات أمر مرهق جدا خاصة بالنسبة إلى النساء اللاتي يعملن ولا تتاح لهن فترات من الراحة في النهار للتنفيس عن أنفسهن أو للعبادة بشكل كامل، بالإضافة إلى الإرهاق الجسدي جراء اضطرارهن لغسل أكوام الأطباق التي تراكمت بعد أصناف الأطعمة التي أحضرنها”.

علي المياحي: لا أحب السهر أبدا.. سواء في رمضان أو في غير رمضان
علي المياحي: لا أحب السهر أبدا.. سواء في رمضان أو في غير رمضان

وأوضحت “مثل هذا الجو الذي يجمع الأصدقاء والأقارب قد يكون مريحا نفسيا، لكنه في النتيجة مرهق جسديا خصوصا للنساء..”.

إلا أن المدرسة التونسية سامية ماني العيوني، عبرت عن سعادتها بالسهر والسمر خلال شهر رمضان المبارك. وقالت العيوني لـ”العرب”، “متعة اللمة العائلية وأجواء الفرح والسمر والسرور في شوارع المدينة والمظاهر الاحتفالية، تشجع على السهر حتى مطلع الفجر، وهي أيضا تساعدني على قيام الليل والصلاة مع العائلة لكسب الجزاء الحسن".

 وتمنت العيوني أن تكون كل أيامها كما في شهر رمضان قائلة “ما أروعها وما أحلاها من أيام. فرغم الصيام والسهر إلا أنني لا أشعر فيها بالتعب” .

أما المحامي العراقي علي عزيز المياحي فقد عبر عن موقفه الرافض للسهر في تصريح لـ”العرب” قائلا “لا أحب السهر أبدا.. سواء في رمضان أو في غير رمضان، فطريقتي واحدة لا تتغير وهي النوم المبكر والاستيقاظ المبكر أيضا، أما الذين يسهرون، فبالتأكيد سينعكس سهرهم على نسق أعمالهم في نهار اليوم التالي ويرهقون أجسادهم وقد يقصرون في تأديتهم لواجباتهم”.

بينما اعتبرت ربة البيت العراقية مروة علي، أن ليالي رمضان بالنسبة إلى المرأة العاملة أصعب من ربة المنزل بسبب الاستيقاظ المبكر وواجباتها الأسرية والمهنية.

واقترحت علي في تصريح لـ”العرب” أن تكون هذه الاجتماعات والسهرات على فترات متفاوتة من ليالي الشهر الفضيل، وبذلك يتناوب الجهد ولا يفقد الشهر من جمالية خصائصه، وخصوصا أن العائلة العراقية معروف عنها اللمات العائلية الموسعة، والتي تتخللها المشروبات الساخنة والباردة والحلويات المساعدة على السهر.

21