ريحك عربية يا أمي

راقني أن تكون فكرة الاحتفال بعيد الأم عربية قحّا إلى حد ما، لا سيما وأن أغلب الأعياد العالمية مرتبطة بالغرب، لكن الفتاوى التي تحرم الاحتفال بهذا العيد وركب شيوخها ومورديهم من أصحاب العمائم الحدث شوها الصورة الجميلة لكل ما هو عربي.
السبت 2018/05/26
الأمومة أغلى هدية تحصل عليها المرأة

“شرد اقدملك هدية بعيد ميلادك يا حبي/اطلب شما ردت مني مهجتي وعيني وقلبي/قول واتمنى عليّ شرد اقدملك هدية”، إطنابي في التفكير في هدية تسعد قلب أمي في عيدها العالمي جعلني أدندن كلمات هذه الأغنية وأردد مع الفنان ناظم الغزالي “شرد اقدملك هدية” بصوت خرج عن إيقاعها الجميل مثقلا باستفهام يبحث عن مخرج.

ومع مرور الوقت وجدت الأمر أصعب مما توقعت، فانصرفت خلال تقليبي لمحرك البحث غوغل من البحث عن فكرة هدية مناسبة، إلى التعمق في أصل هذا العيد.

وكدأب الكثيرين يجمعون كل ما كان ذا شأن بالغرب المغتصبين ويهملون العرب الفاتحين، إذ ربطت عدة مواقع إخبارية البذرة الأولى لعيد الأم بالأميركية آنا جارفيس التي قطعت عهدا على نفسها بأن تلبي رغبة والدتها التي عاشت وفق الروايات مرددة “في وقت ما، وفي مكان ما، سينادي شخص ما بفكرة الاحتفال بعيد الأم”، فكانت آنا ذاك الشخص، وكانت خطاباتها المنادية بأن يكون هذا العيد عيدا قوميا بكل الولايات المتحدة باكورة نجاح استمر مناديا بجعله عيدا عالميا تحتفل به كل شعوب العالم وليس أميركا فحسب.

لكن للتاريخ شأوا آخر يباعد بين هذا الحدث والغرب ويسلط الأضواء على أسلافنا المصريين القدامى، حيث كان الفراعنة يحتفلون بيوم “الإلهة إيزيس”، ثم استكمل اليونانيون والرومانيون تلك العادة معتبرين أن “إيزيس” هي الإلهة الأم.

وبعد فاصل من الزمن عاد الاحتفال مع البريطانيين خلال القرن السابع عشر الميلادي، حيث بدأ رجال الدين يشجعون الأطفال على تقديم هدايا لوالداتهم كنوع من التقدير والعرفان، ومن هنا يقال بدأت تلك العادة.

وشهد التسلسل الزمني للأحداث الجِلاَلْ بأن أول أم تسلمت هدية من ابنها كانت الملكة المصرية إياح حتب الأولى تقديرا منه لدورها في تحفيزه أثناء حروب التحرير ضد الهكسوس.

ويبدو أن مصر حاضرة بقوة في المسار التاريخي لهذا الحدث، حيث اعتبر كل من الصحافي المصري الراحل علي أمين (مؤسس جريدة أخبار اليوم) وأخيه مصطفى، أول من فكر في عيد للأم في العالم العربي، بفضل أم شكت لمصطفى انصراف أبنائها لشؤون حياتهم بعد أن كانت لهم الأم والأب، فكان نتاج هذا اللقاء مقالا مشتركا مع علي تحت عنوان “فكرة” اقترحا فيه تكريس يوم من السنة يكون بمثابة يوم لرد الجميل وتذكير بفضلها.

وبقطع النظر عمن كان صاحب الفضل في الاحتفاء بالأم، فإنه راقني أن تكون الفكرة عربية قحّا، لكن الفتاوى التي تحرم الاحتفال بهذا العيد وركب شيوخها ومورديهم من أصحاب العمائم الحدث شوها الصورة الجميلة لكل ما هو عربي.

24