الملك محمد السادس يتوج رائدا في ترسيخ قيم التسامح والتعايش

الرباط- منح التحالف العالمي من أجل الأمل الاثنين 18 سبتمبر الجاري بنيويورك، العاهل المغربي الملك محمد السادس جائزة الاعتراف الخاص بالريادة في النهوض بقيم التسامح والتقارب بين الثقافات، اعترافا بالجهود التي يبذلها المغرب وعلى رأسه الملك محمد السادس في إشاعة قيم التسامح والانفتاح على الآخر.
وقالت المديرة العامة لليونسكو، إيرينا بوكوفا، التي ترأست الحفل، “قبل شهرين تلقيت دعوة من الملك محمد السادس لزيارة مدينة فاس، الحاضرة الساحرة بمدينتها العتيقة التي تم إدراجها ضمن التراث العالمي الإنساني من قبل اليونسكو”. وأضافت “بفضل الدعم السخي للملك، تم ترميم خمس من أقدم المدارس العتيقة التي تعود إلى القرون الـ14 والـ15 والـ16”.
ويرى عبدالله بوصوف، الأمين العام لمجلس الجالية المغربية بالخارج، أن منح جائزة الاعتراف الخاص بالريادة في النهوض بقيم التسامح والتقارب بين الثقافات للملك محمد السادس هو اعتراف كبير بالمجهودات التي يقوم بها في هذا الخصوص، خاصة وأنه الزعيم السياسي الوحيد في العالم الإسلامي الذي قال بصوت عال في خطاب موجه للأمة في 20 أغسطس 2016 إن “الإرهابيين ليسوا مسلمين ومكانهم في النار”.
والتحالف العالمي من أجل الأمل هو شبكة تضم ثلاث مؤسسات ذات هدف غير ربحي، تتواجد بكل من نيويورك وزوريخ وهونغ كونغ. ووضع هذا التحالف أرضية عالمية لتتويج وتشجيع الأشخاص الذين يتحلون بالشجاعة في مناهضة الترهيب والعنف، حفاظا على الموروث الثقافي المشترك ومد الجسور بين الثقافات.
وتسلم الأمير رشيد الجائزة باسم الملك، خلال حفل كبير أقيم في الفضاء الفخم للمكتبة العمومية في نيويورك، برعاية منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو)، وبحضور عدد من رؤساء الدول، وممثلي السلك الدبلوماسي لدى الأمم المتحدة وواشنطن، فضلا عن شخصيات من عالم السياسة والفنون والثقافة.
كما حضر وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي المغربي، ناصر بوريطة، وسفيرة المغرب في واشنطن، جمالة العلوي، والسفير الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة عمر هلال. ويأتي هذا التتويج الرفيع المستوى للعاهل المغربي، في وقت تصاعدت فيه الأعمال الإرهابية خصوصا ببعض العواصم الأوروبية.
إمارة المؤمنين ليست مقتصرة على المسلمين فقط بل هي نظام يحفظ حرية أداء الشعائر لمختلف المؤمنين من يهود ونصارى
ويقول مراقبون إن هذا التتويج يخدم المغرب الذي يتعرض لتحامل من بعض الجهات واعتباره مصدرا للإرهاب رغم انخراطه القوي في التصدي للظاهرة الإرهابية بكل حزم.
وأكد بوصوف أن المغرب ليس مصدرا للإرهاب وإنما يعمل على مواجهته مؤكدا أن المغاربة دفعوا ثمنا باهظا من أجل هذا وهو ما توضحه قوافل الشهداء في صفوف الهجرة من باريس ونيس وبروكسيل ومونتريال.
وذكرت بوكوفا، أنها سارت بمعية الملك محمد السادس بالأزقة الضيقة للمدينة العتيقة فاس، ولامست عن كثب الحماس والحب الذي يعبر عنه الشعب المغربي تجاه ملك البلاد. وأكدت بوكوفا أن مقاربة العاهل المغربي الرامية إلى تعزيز قيم التسامح والإيثار والوسطية، هي بمثابة رد على التعصب والأفكار المتطرفة، من خلال تعزيز قيم الاحترام المتبادل والانفتاح، معربة عن “الاحترام العميق لجلالة الملك محمد السادس لكل ما يقوم به جلالته من أجل بلده ومن أجل العالم”.
واعتبر عبدالله بوصوف في تصريحه لـ”العرب”، أن النموذج المغربي في التدين قادر على مواجهة التطرف بعقيدته الاشعرية الرافضة للغلو والتطرف والمنفتحة على الآخر المختلف عقديا، كما أنه قادر على الإجابة على أسئلة العصر بمذهبه المالكي المتصف بالمرونة والواقعية والغني في أصوله، كما أن بُعد التصوف المهذب للسلوك قادر على التقريب بين الناس بغض النظر عن معتقداتهم.
وأعربت المديرة العامة لليونسكو عن إعجابها برسالة السلام العظيمة التي يحملها الملك محمد السادس، وهي رسالة قالت إنها ترتكز على الاحترام العميق لكرامة الإنسان، والتسامح، وتتوجه أيضا إلى الشباب.
ويعترف الدستور المغربي بكل المكونات الثقافية والعرقية التي تشكل الهوية المغربية ومنها العنصر اليهودي. وسبق للمستشار الملكي أندريه أزولاي، أن أكد في هذا الصدد “إن التعايش بين المسلمين واليهود في عدد من مناطق المغرب يمثل رسالة عالمية، ودرسا يوجهه المغاربة إلى العالم الذي يحتاج الآن إلى التسامح بين الثقافات والأديان”.
وأكدت رجاء ناجي مكاوي، الأستاذة الجامعية، وممثلة للمملكة المغربية في الهيئة الدائمة المستقلة لحقوق الإنسان، أن المغرب كان عنوانا للتسامح والتعايش، وأنه وعلى مدى 12 قرنا عرف المغاربة تثبيتا للمذهب المالكي والعقيدة الأشعرية التي دعمت وسطية هذا المذهب.
وأضافت أن المغاربة تبنوا أيضا التصوف على طريقة الجنيد الذي ركز على “السلوك” وعلى المحبة والمودة. وقال بوصوف إن إمارة المؤمنين بالمغرب ليست مقتصرة على المسلمين فقط بل هي نظام يحفظ حرية أداء الشعائر لمختلف المؤمنين من يهود ونصارى وهو ما تؤكده المواقف التاريخية.
وأضاف “الملك الراحل محمد الخامس رفض تسليم اليهود المغاربة إلى حكومة فيشي النازية والملك الراحل الحسن الثاني خص بابا الفاتيكان بأحسن استقبال في بلد إسلامي والملك محمد السادس جعل المحافظة على تراث الأديان الأخرى أمرا أساسيا بكل مضامين دستور 2011”.
و أكد علي بيلاوي، رئيس الجمعية الدنماركية المغربية للثقافة، أن مبادرات العاهل المغربي “تشكل منارة في عالم يتعولم على نحو متزايد حيث ينبغي أن نساهم في إشعاع نموذجنا كبلد يرفض الإقصاء”.