2021 لن يكون مناسبا لإبرام اتفاق نووي جديد مع إيران

إيران ستكون في موقف قوي في 2021 إذا ما حرص سيد البيت الأبيض على إقناع طهران بالعودة إلى المفاوضات مقابل تخفيف العقوبات على صادراتها النفطية.
الخميس 2020/10/08
واشنطن لن تكون متساهلة أيّا كان الرئيس

يعوّل النظام الإيراني على فوز المرشح الديمقراطي لانتخابات الرئاسة الأميركية جو بادين للقطع مع سياسات سلفه المتشددة والدخول في مفاوضات تعجل برفع العقوبات الاقتصادية المفروضة عليه كخطوة أولى للتوصل إلى اتفاق نووي جديد. لكنّ الأزمة الاقتصادية العالمية الناجمة عن فايروس كورونا وتراجع العائدات النفطية يقوضان الآمال بسرعة استجابة إدارة بايدن لمساعي الجمهورية الإسلامية قبل ترتيب البيت مع حلفائها في المنطقة.

واشنطن- يتوقع محللون أن لا يكون العام المقبل مناسبا لإبرام الولايات المتحدة اتفاقا نوويا جديدا مع إيران أو حتى تخفيف القيود الاقتصادية المفروضة عليها دون موافقة جيرانها بغض النظر عن نوايا الفائز في الانتخابات الأميركية في الثالث من نوفمبر القادم.

وبنهاية يناير من العام المقبل، ستكون بالولايات المتحدة إما إدارة الرئيس الحالي دونالد ترامب المتعثرة في ولايتها الثانية، وإما إدارة جديدة بقيادة جو بايدن والتي ستكون حريصة على إعادة توجيه السياسة الخارجية للبلاد.

ويرى مراقبون أن الرجلين حريصان على التوصل سريعا إلى تسوية مع طهران. فترامب يتفاخر بأنه قادر على التفاوض على اتفاق نووي جديد خلال أربعة أسابيع، بينما سيرغب بايدن في إحراز تقدم في أهدافه المتعلقة بالسياسة الخارجية خلال المئة يوم الأولى له في البيت الأبيض.

وتعهد كل من الرئيس ومنافسه بإعطاء أولوية لملف تعامل الولايات المتحدة مع الجمهورية الإسلامية، فبينما يرغب بايدن في العودة إلى الاتفاق النووي لعام 2015، مع بعض التحفظات، يريد ترامب اتفاقا جديدا أكثر صرامة يغطي قضايا مثل التدخلات الإقليمية وبرامج الصواريخ الباليستية الإيرانية. وفي أي من السيناريوهين، فإنه من المرجح أن يكون الحافز الأول لإيران هو تخفيف العقوبات الأميركية على صادراتها النفطية. إلا أن هناك حقيقة مزعجة لم يلتفت إليها أي منهما، وهي أن أسواق النفط العالمية، وخاصة دول الخليج العربية المنتجة للنفط، غير مستعدة لعودة النفط الإيراني.

وحتى مع قيام الولايات المتحدة بتسريع الجهود للتوصل إلى اتفاق مع إيران مطلع عام 2021، سوف تقوم دول الخليج العربية بحساب ما تتكبده من تكاليف نتيجة أزمتي عام 2020، حرب النفط الروسية السعودية وجائحة فايروس كورونا.

وتشير التوقعات الأكثر تفاؤلا لأسعار النفط، والقائمة على فرضية أن توافق الجهات التنظيمية على لقاح واحد على الأقل لعلاج كورونا في الولايات المتحدة بحلول نهاية عام 2020، إلى تعافي أسعار النفط إلى 65 دولارا للبرميل بحلول نهاية عام 2021 وهذا أقل من نقطة التعادل (وهي النقطة التي تتساوى عندها النفقات والإيرادات) لمعظم دول الخليج، حتى مع تبنيها لموازنات شديدة التقشف.

غراف

وستؤدي عودة النفط الإيراني إلى انخفاض الأسعار بصورة أكبر، ما يعمق آلام المنتجين العرب، وهو ما لا يبشر بالخير لفرص التوصل إلى اتفاق بين الولايات المتحدة وإيران.

ولكي تنجح أي تسوية مع إيران، فإنه يتعين أن تشمل جيرانها، وخاصة السعودية والإمارات والبحرين، على طاولة المفاوضات، إلا أنهم في الواقع لن يكونوا في وضع يسمح لهم بالتفاوض.

وستكون إيران في موقف قوي في 2021 إذا ما حرص سيد البيت الأبيض على التوصل إلى اتفاق. لكن نظرا للحالة المتردية لاقتصادها وخنقها بالعقوبات الاقتصادية الأميركية، فقد يتم إقناع طهران بالعودة إلى المفاوضات مقابل تخفيف العقوبات على صادراتها النفطية.

وستكون هذه على الأرجح أفضل استراتيجية تتبعها جميع الأطراف: تحول بطيء خلال عام 2021 مع حوافز لتهدئة التوترات الإقليمية وللمساعدة على التعافي الاقتصادي، ولكن ليس إعادة إيران لأسواق النفط.

وبدلا من التسرع لإبرام اتفاق جديد، يتعين على الولايات المتحدة تشجيع إيران وجيرانها العرب لاستغلال عام 2021 لاتخاذ تدابير لبناء الثقة، مثل التعاون في التعامل مع جائحة فايروس كورونا وصور أخرى للمشاركة الاقتصادية كانت بدت ممكنة عندما تم التوقيع على الاتفاق النووي عام2015.

ويمكن أن تقوم إيران، بدورها، بإبداء حسن النية بالتنصل علنا على الأقل من دعم المتمردين الحوثيين في اليمن، ووقف توريد الأسلحة والتدريب. كما أن عودة مفتشي الوكالة الدولة للطاقة الذرية سيوفر فرصة لطهران لإظهار الرغبة في التعاون مع المبادرات الدولية ويمكنها أيضا من فتح الباب أمام مفاوضات تمهيدية لوقف أي أنشطة تخصيب أخرى لديها.

وخلال العام ذاته، يمكن أن تقوم دول الخليج العربية بتعزيز اقتصاداتها المتضررة بتدابير تقشفية وربما التحول سريعا للخصخصة أو تبني مبادرات سياحية.

تعافي الاقتصاد العالمي ربما يمهد لأن يكون عام 2022 مناسبا أكثر لإبرام اتفاق جديد مع الجمهورية الإسلامية

وربما يمهد هذا، إلى جانب التعافي الاقتصادي العالمي، إلى أن يكون عام 2022 أكثر مناسبة لإبرام اتفاق جديد مع إيران. ويؤكد المحلل الإيراني المتخصص في العلاقات الأميركية الإيرانية والاتفاق النووي علي أكبر داريني، أن “واشنطن اليوم تسعى بكل قوتها إلى إلغاء هذا الاتفاق بشكل تام، بعقوبات ثقيلة وتضييق على الاقتصاد، وفي حال إلغائه قبل فوز بايدن فلا يمكن العودة إلى الاتفاق بأيّ طريقة، كذلك إذا فاز بايدن فلن تكون العودة إلى الاتفاق بالسهولة التي يتحدث عنها المتفائلون بفوزه”.

وحول الفارق بين ترامب وبايدن بشأن العقوبات، قال داريني إن بايدن لا يختلف كثيراً عن ترامب بشأن إيران، فكلاهما يتفقان على أن الاتفاق النووي كان ينقصه التطرّق للبرنامج الصاروخي وحضور إيران في المنطقة ودعم أذرعها.

وقالت صحيفة كيهان الإيرانية المقربة من المرشد الأعلى آية الله خامنئي إن سياسة بايدن نحو إيران لن تختلف عن سياسة منافسه ترامب حيث يرى بايدن أن الاتفاق النووي ناقص، وكان عليه أن يشمل البرنامج الصاروخي الإيراني وحضور الولايات المتحدة في المنطقة، على عكس الصحف الإيرانية المقربة من الإصلاحيين، التي بشرت بعودة الاتفاق النووي في حال فاز بايدن.

ويرى متابعون أن استمرار العقوبات والاتفاق مرتبط بنتائج الانتخابات الأميركية، فأيا كان الفائز سيكون هناك إطار للتفاهم والتفاوض والمساومات، لكن شكل ذلك الإطار سيتوقف على من الرئيس الأميركي القادم.

5