18 في المئة

قالت الغارديان قبل أيام إن أكثر من 57 مليون شخص يعانون من ”الخرف“ على مستوى العالم، ومن المتوقع أن يزيد الرقم إلى 153 مليونا بحلول عام 2050.
خبر. أليس كذلك؟ هل كنتَ تتوقّع أن كل هؤلاء لا يدركون ما يدور حولهم مثلما تعتقد أنك تفعل؟ بالنسبة إليّ لم أعد أميّز صراحة في هذا العصر، بين الكثير من الحالات التي تسمّى غير طبيعية، وتلك التي يقال إنها طبيعية. فما يدرينا من الخَرِفُ بيننا ومن الواعي؟ وما يدرينا من المتوحّد ومن هو المنسجم مع محيطه؟
الحق أن التقدم التكنولوجي أربك البشرية، فقد كشف عمّا لم تكن تريد له أن يُعرف، وصار الناس يراجعون نفسها؛ ما الضمانة أني لم أكن متوحداً ثم أجبرتني الحياة على السير على الصراط المستقيم؟ ربما لو كنتُ قد ولدتُ في هذا العصر لكانوا عزلوني وعاملوني معاملة خاصة.
وماذا نعرف عن عالم من نسميه نخباً ومفكرين وقادة رأي، من هو الطبيعي منهم ومن هو الخَرِفُ؟ وكيف سنتعامل مع إنتاج أولئك إن كنا لا نعرف هل يصدر عن عقل متماسك أم عن دماغ تعصف به الكهرباء الداخلية؟
فكّر بهذا. فالمعلومات العتيقة كانت تقول لنا إن الخَرِفُ هو المتقدم في السن، لكن الواقع غير ذلك، فالخرف ليس مرتبطاً بالمسنين والمسنّات، سامح الله باحثي جامعتي لندن وباريس الذين قاموا بإجراء دراسة تبحث الارتباط طويل الأمد بين الأمراض المتعددة في عمر الشباب والخرف الذي يصيب الإنسان لاحقاً، بالاعتماد على بيانات جمعت من 10 آلاف بريطاني أعمارهم تتراوح بين 35 و55 عاماً.
وقد رصد العلماء وجود أمراض متعددة مثل القلب وارتفاع ضغط الدم والسكري وقصور القلب والاكتئاب وأمراض الكبد والسكتة الدماغية والتهاب المفاصل. ووجدوا أن خطر الإصابة بالخرف كان أكبر عندما تطوّرت هذه الأنواع من الحالات في سن أصغر، وليس عندما يتقدّم بنا العمر. وكلما كان الشخص أصغر بـ5 سنوات وأصيب بأمراض متعددة، ارتفع خطر الإصابة بالخرف بنسبة 18 في المئة.
أعرف أنك تقبل بسرور أن تصاب بأمراض الوجاهة، لكنك ستصاب بالذعر إن قيل لك إنك مصاب بالخرف. كما تشعر في هذه اللحظة.
ولهذا عزيزي القارئ الحليم ثبّت الباحثون في دراستهم تلك الجملة الذهبية التالية ”نظرا إلى نقص العلاج الفعّال للخرف وآثاره الشخصية والمجتمعية، فإن إيجاد أهداف للوقاية من الخرف أمر حتمي”.
فتعال نبحث عن الوقاية، وابتعد عن مسببات مثل هذا المصير من تلوّث فكري وسمعي وبصري، قبل أن تقع الفأس في الرأس ويفوت الأوان.