يوتيوب "مدينة كبيرة" شوهها أصحاب النوايا السيئة

تحرص يوتيوب على أن تبقى “منصة مفتوحة” مع الحدّ من انتشار التسجيلات المثيرة للجدل أو المسيئة، وهي تتمسّك بالتدابير الأخيرة التي اتّخذتها للجم هذه المحتويات بالرغم من الانتقادات الكثيرة التي طالتها.
واشنطن – قال نيل موهان المسؤول التنفيذي الثاني في يوتيوب إن “مليار مستخدم يقصدون يوتيوب كل شهر ويجب علينا تحمّل مسؤولياتنا بجدّية كبيرة”.
وخلال 14 عاما، باتت منصة الفيديو هذه بمثابة “مدينة كبيرة” دخلها “بعض أصحاب النوايا السيئة”، بحسب ما يقرّ موهان، موضحا “نحن في حاجة إلى قواعد جديدة وقوانين، وإلى نوع من التشريعات”.
وكان ساندار بيشاي المدير العام لشركة غوغل المالكة للمنصة قد قال الخميس فيما يلوح في الأفق خطر فرض غرامة على يوتيوب لأنها لم تحم الأطفال بما فيه الكفاية من جانب الهيئة الأميركية لحماية المستهلكين (أف.تي.سي) “نتّخذ كل التدابير اللازمة لحماية بيئة يوتيوب، بغضّ النظر عن أثرها على عائداتنا”. وأردف “لكن لا بدّ من الإشارة إلى أن سحب المحتويات المخالفة لقواعدنا لا يؤثّر على عائدات يوتيوب”.
وكانت الشركة القابضة “ألفابت” قد أعلنت في ذلك اليوم عن أرباح صافية بقيمة 10 مليارات دولار في الربع الثاني من العام.
في يونيو، كانت فيسبوك التي طالتها الانتقادات عينها بشأن انتشار المحتويات المسمومة والعنيفة والأخبار الزائفة على شبكتها، طلبت من السلطات العامة تأدية “دور أكثر فعالية” لتنظيم الإنترنت.
كما أعلنت اعتزامها حذف المحتوى الذي يمجد النازية، وتفوق الجنس الأبيض، وغير ذلك من الآراء المتطرفة، حسب قولها.
وأوضحت الشركة أن سياستها الجديدة ستمنع “الفيديوهات التي تزعم أن هناك مجموعة أفضل، أو أسمى من غيرها، من أجل تبرير التمييز والفصل والإقصاء بناءً على صفات مثل العمر والنوع والعرق والطائفة والدين والميول الجنسية”.
كما ستحذف يوتيوب أيضا المحتوى الذي ينفي أي “أحداث عنيفة موثقة جيدا” مثل الهولوكوست وحوادث إطلاق النار في المدارس الأميركية.
ويُذكر أن أليكس جونز -وهو أحد المؤمنين بنظرية المؤامرة، وينفي حدوث جريمة إطلاق نار في مدرسة ساندي هوك الابتدائية في الولايات المتحدة- مُنع أخيرا من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي الرئيسية وبينها فيسبوك وتويتر.
وتكافح شركات التكنولوجيا الكبرى في إطار التعامل مع خطاب الكراهية على منصاتها مع التركيز على المخاوف على حرية التعبير.
وقد يكون فرض التوجيهات عملا صعبا في بعض الأحيان، خاصةً عند تحديد ما إذا كان محتوى معين يمثل انتهاكا للقواعد.
لكنّ لنيل موهان رأيا مخالفا؛ فهو يقول “أظن أنه واجبنا في المقام الأول. ولا شكّ في أننا سنتعاون مع الحكومات لكننا نريد العمل في سياق أكثر شمولية”. وكانت شركة غوغل قد حدّثت في يونيو النظام الداخلي لـيوتيوب في ما يخصّ الخطابات المشحونة بالكراهية مع حظر التسجيلات التي تقدّم بعض البشر على أنهم متفوقون على غيرهم أو تلك التي تبرّر التمييز في حقّ الآخرين، فضلا عن المحتويات الإنكارية.
ويقول موهان “ينبغي لنا التكيّف للجم انتشار الأخبار المغلوطة والمعلومات الزائفة على منصتنا”.
لكن هل تأخّرت منصة يوتيوب بعض الشيء في مساعيها؟ تبثّ يوتيوب يوميا محتويات مدّتها الإجمالية مليار ساعة، ولا تشكّل المضامين المثيرة للجدل سوى 1 بالمئة من نسبة مشاهدة أشرطة الفيديو، بحسب موهان، غير أن هذه النسبة، على ضآلتها، تمثّل 10 ملايين ساعة مشاهدة يوميا.
ويلفت المسؤول إلى أنه “من المستحيل صياغة نظام للتصدّي لخطاب الكراهية في عطلة أسبوع من دون التعرّض لانتهاكات”.
ويردف “استشرنا خبراء في مختلف أنحاء العالم من المشارب السياسية كافة ثم أعددنا توليفة للتوصّل إلى لغة مشتركة يمكن تطبيقها… في معادلات حسابية. فالخطاب المشحون بالكراهية ليس سوى غيض من فيض. والأمر سيان بالنسبة إلى التحرش والمزحات الخطرة والانتهاكات بمختلف أنواعها والاحتيال وأمن الأطفال”.
وتبقى مسألة المحتويات المسيئة التي تتحايل على النظام والتي تتّهم يوتيوب بالترويج لها مشكلة قائمة؛ فإذا لم تخالف التسجيلات القواعد المعمول بها، ينبغي عدم حذفها، بحسب موهان الذي يشدّد على ضرورة أن تبقى “يوتيوب منصة مفتوحة، فهذا جزء من سحرها”.
ولا يعمل نظام تقويم التسجيلات حتى الساعة سوى في الولايات المتحدة. ويأمل موهان في توسيع نطاقه في الأشهر المقبلة.
ويقضي الجزء الآخر من استراتيجية يوتيوب بالترويج للمحتويات المتأتية من “مصادر مرجعية” تستقى من غوغل في معظم الأحيان.