ولد عبدالعزيز يترشح لرئاسيات موريتانيا من وراء القضبان

فاجأ الرئيس السابق المسجون محمد ولد عبدالعزيز الشارع الموريتاني بتمكنه من تجاوز عقبات تقديم ملف ترشحه للانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في يونيو القادم، والتي يطمح من خلالها رفيقه السابق وغريمه الحالي الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني إلى الحصول على ولاية ثانية.
نواكشوط - قدّم الرئيس الموريتاني السابق محمد ولد عبدالعزيز، ملف ترشحه لانتخابات الرئاسة إلى المجلس الدستوري في اللحظات الأخيرة، في خطوة فاجأت الموريتانيين، لاسيما وأن تعقيدات كثيرة كانت تحول دون ترشحه.
وغادر ولد عبدالعزيز (66 عاما) السجن مؤقتا مساء الأربعاء بعد حصوله على إذن قضائي، ليتجه نحو مقر المجلس الدستوري حيث أودع ملف ترشحه للسباق الرئاسي المقرر إجراؤه في التاسع والعشرين من يونيو المقبل.
وانتهت فجر الخميس الآجال القانونية الخاصة بإيداع ملفات الترشح، ومن المقرر أن يعلن المجلس الدستوري اللائحة النهائية للمرشحين بعد انتهاء فترة الطعون خلال أربعة أيام.
ويقول مراقبون إن تمكن ولد عبدالعزيز من تقديم أوراق ترشحه كان غير متوقع بالنسبة للكثيرين، خصوصا وأن ملف ترشحه كان منقوصا حتى الساعات الأخيرة.
ويستوجب الملف شهادة تبريز، وهي وثيقة يمنحها القضاء الموريتاني لإثبات خلو السجل الجنائي من أي إدانة، وقد حصل عليها ولد عبدالعزيز لأن الأحكام الصادرة في حقه في الطور الاستئنافي.
كما أن النظام الانتخابي الموريتاني يفرض على كل من يرغب في الترشح للانتخابات الرئاسية أن يحصل على تزكية من مئة عضو في المجالس البلدية، من بينهم خمسة رؤساء بلديات، لكن هذه المجالس تهيمن عليها أحزاب الأغلبية الداعمة للرئيس الحالي محمد ولد الشيخ الغزواني.
ولم يكشف ولد عبدالعزيز عن كيفية تمكنه من تجاوز تلك العقبات، لكنّ مقربين منه أكدوا أن ملفه كان منقوصا حتى دقائق قبل تسليمه إلى المجلس الدستوري، ومن الواضح أنه نجح في إكمال الملف لأن المجلس الدستوري لا يقبل سوى الملفات المكتملة.
والرئيس السابق هو ثامن شخص يودع ملفه لدى المجلس، بعد النائب ورئيس حركة “إيرا” بيرام ولد الداه ولد أعبيد، الذي وصل قبله بفترة وجيزة لمبنى المجلس الدستوري لإيداع ملفه.
ووصل الرئيس السابق إلى المجلس الدستوري محاطا بعدد من أنصاره، قبل أقل من ساعة على انقضاء المدة القانونية لإيداع الملفات، وقد تم منع وسائل الإعلام من تغطية الحدث.
وقال مراقبون إن منع وسائل الإعلام من تغطية حدث تقدم ولد عبدالعزيز بملف ترشحه للمجلس الدستوري، كان الهدف منه على ما يبدو الحؤول دون تمكين الرئيس السابق من مخاطبة الشارع الموريتاني.
وخلال حوار خاطف مع الرئيس ولد عبدالعزيز، أثناء تقديم ملف ترشحه، حضرته بعض وسائل الإعلام قبل أن تجبر على المغادرة، قال رئيس المجلس الدستوري جالو مامادو باتيا، “هنا نضمن الحرية المطلقة لكل من يريد تقديم ملف ترشحه”، ليجيبه ولد عبدالعزيز “هذا جيد.. إن كان هنالك هامش من الحرية فهو موجود هنا”.
وسأل ولد عبدالعزيز رئيس المجلس الدستوري عن موعد صدور اللائحة النهائية للمرشحين، فرد عليه أنها ستصدر بعد أربعة أيام.
وعقب ذلك طلب مامادو باتيا من الصحافيين مغادرة الغرفة، فيما اعتبر الوزير السابق سيدنا عالي ولد محمد خونه ذلك انقلابا.
وقال ولد محمد خونه الذي يتولى رئاسة حزب جبهة التغيير (تحت التأسيس) في تصريح لوسائل الإعلام المحلية، إن قوات الحرس قامت بانقلاب على المجلس الدستوري ورفضت الانصياع لأوامره بالسماح للصحافة بالبقاء داخل المجلس، مشيرا إلى أن العسكريين رفضوا أوامر رئيس المجلس وأبلغوه بأن لديهم تعليمات بمنع ولد عبدالعزيز من الحديث لوسائل الإعلام.
تمكن ولد عبدالعزيز من تقديم أوراق ترشحه كان غير متوقع بالنسبة للكثيرين، خصوصا وأن ملف ترشحه كان منقوصا حتى الساعات الأخيرة
وأضاف ولد محمد خونه أن رئيس المجلس الدستوري أبلغهم أن المجلس ساحة حرية، لكن العسكريين رفضوا أوامره، معتبرا أن هذا يعد دفنا للديمقراطية، مرجحا أن تصدر تعليمات للمجلس الدستوري برفض ملف ولد عبدالعزيز.
وفي الخامس من ديسمبر الماضي، قضت محكمة في نواكشوط، بحبس الرئيس الموريتاني السابق خمس سنوات، في قضية استغلال منصبه بهدف الإثراء غير المشروع. وأيدت محكمة في العاصمة الموريتانية الاثنين الحكم.
وبدأت في يناير 2023 محاكمة ولد عبدالعزيز ومعه عشرة أشخاص بينهم رئيسان سابقان للحكومة ووزراء سابقون ورجال أعمال، بتهم “الإثراء غير المشروع”، و“إساءة استخدام المناصب”، و“استغلال النفوذ”، و“غسيل الأموال”.
ومنحت الغرفة الجزائية الجنائية لدى محكمة الاستئناف مساء الأربعاء الرئيس السابق إذنا بالخروج من السجن لإيداع ملف ترشحه لدى المجلس الدستوري.
وقالت المحكمة إن القرار جاء بعد الاطلاع على طلب قدمه المتهم ولد عبدالعزيز من أجل تمكينه من تقديم ملف ترشحه للانتخابات الرئاسية 2024 في الآجال المحددة والتي تنتهي الأربعاء الخامس عشر من مايو.
استطلاعات الرأي تظهر أن ولد الشيخ الغزواني هو المرشح الأوفر حظا للفوز في الانتخابات المقبلة
وتقدم ولد عبدالعزيز بملف ترشحه بعد استكمال كافة الشروط، بما في ذلك جمع التزكيات، فيما أكد مصدر من المجلس الدستوري أنه لم يستقبل الملفات غير المكتملة للترشح للرئاسيات، مشيرا إلى أنه رفض بعض الملفات احتراما للنظم القانونية المعمول بها في هذا الإطار.
وأضاف ذات المصدر أن المجلس يتقيد بشكل تام بالقوانين التي تضبط إجراءات استقبال الملفات، مردفا أنه لم يرد من كانت له أحقية قانونية في قبول ملفه.
وتكتسي الانتخابات الرئاسية الموريتانية المقبلة أهمية خاصة حيث يطمح الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني إلى الحصول على ولاية ثانية.
ويرجح أن يلاقي ولد الغزواني منافسة قوية ليس فقط من ولد عبدالعزيز الذي سبق وأن مهد له الطريق للفوز في الانتخابات الرئاسية الماضية، بل وأيضا من قيادات سياسية مهمة، على غرار بيرام ولد أعبيدي والنائب العيد ولد محمدن، ورئيس حزب “تواصل” حمادي ولد سيدي المختار ومحمد الأمين المرتجي الوافي، والبروفيسور أوتوما سوماري، وبا ممدو بوكار.
وفي نهاية الشهر الماضي، أعلن الرئيس الموريتاني ولد الشيخ الغزواني ترشحه لولاية ثانية، مؤكدا أن ذلك يأتي “تلبية لنداء الواجب، وحرصا على مواصلة خدمة الموريتانيين”.
ووصف ولد الغزواني الانتخابات الرئاسية المقبلة بأنها “محطة مهمة على مسار توطيد نظامنا الديمقراطي”، متعهدا بـ”مراجعة الخطط وإعداد البرامج بغية الدفع ببلادنا نحو المزيد من التقدم والنماء”.
ووفق استطلاعات الرأي، يعد ولد الشيخ الغزواني، الرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي، المرشح الأوفر حظا للفوز في الانتخابات المقبلة.
ويقود ولد الشيخ الغزواني (67 عاما) موريتانيا منذ عام 2019، حيث شهدت في عهده الدولة الواقعة في شمال غرب أفريقيا استقرارا رغم التوترات في محيطها بفعل الانقلابات العسكرية، وتصاعد التهديدات الإرهابية.