ولد الغزواني يستكشف مواقف الجيران قبل زيارة ليبيا

أجرى الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني بصفته رئيسا للاتحاد الأفريقي مشوارات ومباحثات مع نظيره المصري عبدالفتاح السيسي وقبلها مع الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون في مسعى لحلحلة الأزمة الليبية المستمرة، قبل زيارة من المنتظر أن يؤديها إلى ليبيا بهدف تقريب وجهات النظر بين الفرقاء الليبيين.
يسعى الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني لاستكشاف مواقف دول الجوار الليبي قبل زيارته المرتقبة إلى طرابلس وبنغازي يومي 11 و12 أكتوبر الجاري، والتي سيؤديها بصفته رئيسا للاتحاد الأفريقي.
وأجرى ولد الشيخ الغزواني الخميس اتصالا هاتفيا مع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي أكدا خلاله حرصهما على وحدة وسيادة ليبيا، واستعادة الأمن والاستقرار بها، وتناولا الجهود الجارية لدعم مسار الحل الليبي – الليبي ، وفق ما أعلنته مؤسسة الرئاسة المصرية.
وقالت الرئاسة المصرية إن الرئيس السيسي قد حرص على تأكيد دعم مصر لرئاسة موريتانيا الحالية للاتحاد الأفريقي، بما يحقق أهداف شعوب القارة في الاستقرار والتنمية، وأوضح المتحدث الرسمي باِسم الرئاسة أن الاتصال تناول كذلك التطورات الإقليمية، سواء في ما يتعلق بالأوضاع في الشرق الأوسط، وكذلك على صعيد عدد من القضايا من بينها الجهود الجارية لدعم مسار الحل الليبي – الليبي، وحرص الدولتين على الحفاظ على وحدة وسيادة ليبيا الشقيقة واستعادة الأمن والاستقرار بها.
وقبل ذلك، أوضح الرئيس الموريتاني لنظيره الجزائري عبدالمجيد تبون أنه يستهدف تقريب وجهات النظر بين الأطراف الليبية خلال زيارته المرتقبة إلى ليبيا، رفقة وفد أفريقي يضم رئيس الكونغو برازافيل دينيس ساسو نغيسو بصفته رئيس اللجنة الأفريقية رفيعة المستوى حول ليبيا، وذلك بدعوة من رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد يونس المنفي لتقريب وجهات النظر حول الحل في ليبيا.
أوساط سياسية أكدت أن الوفد الأفريقي بقيادة محمد ولد الشيخ الغزواني سيجتمع مع ممثلي سيف الإسلام القذافي
وقالت الرئاسة الجزائرية إن تبون ثمّن هذه الخطوة، التي يقودها الغزواني بصفته الرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي، وكذلك نغيسو، المكلف من الاتحاد بملف المصالحة في الملف الليبي، متمنيا نجاح المصالحة بين الليبيين .
وبحسب أوساط ذات صلة فإن الرئيس الموريتاني سيجري لاحقا اتصالات أخرى مع بقية دول الجوار الليبي، ومع الدول الأعضاء في اللجنة الأفريقية رفيعة المستوى بهدف التشاور مع قادتها حول الهدف من زيارته التي ستأخذه أولا إلى طرابلس حيث يلتقي مع محمد المنفي رئيس المجلس الرئاسي ونائبيه ومع عبدالحميد الدبيبة رئيس حكومة الوحدة الوطنية ومحمد تكالة رئيس مجلس الدولة، ثم إلى بنغازي حيث سيجتمع مع رئيس مجلس النواب عقيلة صالح والقائد العام للجيش الوطني المشير خليفة حفتر.
وأكدت الأوساط ذاتها أن الرئيس ولد الشيخ الغزواني يسعى إلى جس نبض الفرقاء الليبيين بخصوص ما إذا كان بالإمكان إطلاق وساطة جدية لإطلاق مبادرة وطنية للحل السياسي بعد فشل المبادرات الأممية، وآخرها تلك المعلنة من المبعوث السابق عبدالله باتيلي في نوفمبر 2023، وانتهت به إلى الفشل ثم إلى الاستقالة من منصبه في مارس الماضي.
وأكدت الأوساط أن الوفد الأفريقي بقيادة ولد الشيخ الغزواني سيجتمع مع ممثلي سيف الإسلام القذافي، ولكن دون تحديد مكان الاجتماع، وأضافت أن الهدف من الزيارة هو البحث عن آفاق جديدة للحوار الوطني، ومحاولة تقريب المسافات بين الفرقاء، والتأكيد على ضرورة التوافق حول عقد المؤتمر الوطني الواسع للمصالحة الوطنية الذي أدت عراقيل مختلفة إلى تأجيل نسخته التي كانت مقررة لأبريل الماضي في مدينة سرت، ونسخته الثانية التي كانت مقررة لمنتصف أكتوبر الجاري في أديس أبابا وتم تأجيلها كذلك إلى أجل غير مسمى.
زيارة الوفد الأفريقي بقيادة ولد الشيخ الغزواني إلى ليبيا يمكن أن تعطي زخما مهما للجهود المبذولة من أجل حلحلة الأزمة الليبية
وفي فبراير 2023 قال ولد الشيخ الغزواني إن الأزمة الليبية ذات تداعيات كارثية وسلبية على أمن واستقرار الشعب الليبي وجواره الإقليمي وأفريقيا بشكل عام، وأوضح خلال اجتماع اللجنة العليا رفيعة المستوى حول ليبيا، بمقر الاتحاد الأفريقي بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، أن موريتانيا كانت وستظل داعمة للشعب الليبي وخياراته، وللجهود الدولية والإقليمية المتواصلة لتحقيق طموحاته، مشددا على ضرورة إيجاد حل سلمي نهائي ودائم للأزمة الليبية بمشاركة جميع الليبيين “بما يضمن وحدة وتماسك البلد، ويكفل للشعب الليبي العيش بسلام في كنف الأمن والاستقرار”.
وأشار ولد الشيخ الغزواني إلى أن موريتانيا تتعاون بشكل مستمر مع بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا “في إطار الالتزام بمسار الحل الليبي – الليبي، ورفض ّإملاءات خارجية على الأشقاء الليبيين، أو تجاوز للمؤسسات الليبية وفقا لمرجعية الاتفاقات ذات الصلة”، مؤكدا أن “أي حل شامل ودائم لا يمكن تصوره دون مشاركة مختلف مكونات وأطياف الشعب الليبي ورعاية الاتحاد الأفريقي”، وفق تعبيره.
ويرى مراقبون أن زيارة الوفد الأفريقي برئاسة ولد الشيخ الغزواني ستمثل حدثا استثنائيا، لاسيما أن الوفد سيحل أولا بطرابلس ثم ينتقل إلى بنغازي، وسيعمل على عقد لقاءات مع مختلف الفرقاء، وسيصدر عنه بيان يتضمن حوصلة لما تم الاتفاق عليه، وما يمكن أن يتم تنفيذه على أرض الواقع خلال الفترة القادمة، بما يضمن عقد مؤتمر المصالحة في فبراير المقبل دون الاضطرار من جديد إلى تأجيله.
وكان الرئيس ولد الشيخ الغزواني قد استقبل في القصر الرئاسي في نواكشوط في 24 أبريل 2024، عماد الفلاح، المبعوث الخاص من رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي. كما استقبل أيضًا أواخر أغسطس الماضي رئيس الحكومة الليبية المعينة من قبل البرلمان في طبرق، أسامة حماد. بالإضافة إلى ذلك، التقى الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي خلال مشاركته في منتدى التعاون الصيني الأفريقي في بداية سبتمبر الماضي.
ويرى مراقبون أن زيارة الوفد الأفريقي بقيادة ولد الشيخ الغزواني إلى ليبيا يمكن أن تعطي زخما مهما للجهود المبذولة من أجل حلحلة الأزمة الليبية، لاسيما أنها تحظى بدعم من عدد من القوى الكبرى بما فيها الولايات المتحدة وفرنسا.