ولادة رابع أكبر مُصنّع للسيارات في العالم

عكس اندماج شركتي صناعة السيارات الفرنسية بي.أس.أي ومنافستها الأميركية الإيطالية فيات كرايسلر لإنشاء رابع أكبر مصنع للسيارات في العالم تجاوب عمالقة القطاع مع الظروف الاقتصادية الجديدة التي تتطلب تحالفات تجارية تسمح لها بتوفير النفقات لافتكاك حصة مهمة من سوق تشهد تنافسية كبيرة بالاعتماد على الطاقة المستدامة ومراعاة التوجه العالمي نحو المنتجات الصديقة للبيئة.
باريس - وقّعت مجموعتا بي.أس.آي الفرنسية لصناعة السيارات وفيات -كرايسلر الإيطالية صفقة اندماج الثلاثاء بما حقق ظهور رابع أكبر مصنّع للسيارات في العالم.
وتأتي الاتفاقية التي بدأت تسريباتها تظهر قبل أسابيع، في وقت يواجه القطاع صعوبات في التحوّل لوسائل نقل أكثر اعتمادا على الطاقة المستدامة وأكثر مراعاة للبيئة.
وذكر بيان مشترك أن المجموعتين “وقعتا اتفاق شراكة ملزما ينص على اندماج متناصف لإنشاء رابع أكبر مصنّع في العالم لمعدات السيارات الأصلية من حيث الحجم، وثالث أكبر مصنّع من حيث العائدات”.
وأضاف أن “الاتفاق لن يؤدي إلى إغلاق أيّ مصنع حيث سيعمل في المجموعة أكثر من 400 ألف شخص، مع عائدات إجمالية بنحو 170 مليار يورو”.
ويبلغ حجم المبيعات السنوية 8.7 ملايين سيارة من طرازات فيات وألفا روميو وكرايسلر ودودج ودي.أس وجيب ولانسيا ومازيراتي وأوبل وبيجو وفوكسهول.
ومن المتوقع أن يستغرق إنجاز عملية الاندماج ما بين 12 و15 شهرا، كما يتوقع أن يحقق عوائد سنوية بنحو 4.11 مليار دولار.
وستكون هولندا مقرا رئيسيا للمجموعة التي ستدرج في بورصات باريس وميلانو ونيويورك فيما سيتولى رئيس مجموعة فيات كرايسلر جون إلكان رئاستها على أن يكون رئيس مجموعة بي.أس.آي كارلو تافاريس مديرها التنفيذي.
ونسبت وكالة الصحافة الفرنسية لتافاريس قوله إن ”الاندماج يشكل فرصة كبرى لكي نعزّز موقعنا في قطاع صناعة السيارات في إطار سعينا لريادة عملية تحوّل نحو عالم أنظف وأكثر أمانا وقطاع نقل مستدام”.
واعتبر المدير التنفيذي لفيات كرايسلر مايك مانلي أن الاندماج هو “اتحاد بين شركتين تمتلكان علامات تجارية رائعة وقوى عاملة ماهرة ومتفانية”.
وستصبح المجموعة الجديدة رابع أكبر مجموعة من حيث المبيعات بعد فولكسفاغن ورينو نيسان ميتسوبيشي وتويوتا.
ويُتوقّع أن يؤدي الاندماج إلى وفرة كبيرة في النفقات حيث ستتقاسم الشركتان تكاليف تطوير السيارات الكهربائية التي من المرجح أن تهيمن على تنقل الأفراد في المستقبل مع المساعي الدولية إلى تقليل انبعاثات الكربون للحد من تغير المناخ.
وتحفّز الخطوة التوجه العالمي نحو حماية الطبيعة والتركيز على الصناعات الصديقة للبيئة والتحول نحو النقل الأخضر الأقل كلفة.
وجاء الاندماج بعدما سجّل القطاع العام الماضي انكماشا بنسبة 1.7 بالمئة من حيث عدد السيارات المنتجة، بحسب صندوق النقد الدولي.
واعتبر خبراء أن المجموعتين لا تزالان تعتمدان بشكل كبير على السوق الأوروبية التي تشهد تراجعا، كما تفتقدان لحضور قوي في الصين، أكبر سوق للسيارات في العالم.
وقال جاسبر لولر الخبير في مركز لندن كابيتال غروب للتمويل والخدمات الاستثمارية إن “العقبة التالية هي تمرير الاتفاق تشريعيا”.
وأكد أن “التحدي الأكبر قد يأتي من الولايات المتحدة إذا شعرت إدارة ترامب بعملية تحوّل للعلامة التجارية كرايسلر لتصبح أوروبية”.
وأضاف ”نعتقد أنه نظرا للتداعيات السلبية لتراجع قطاع صناعة السيارات على نمو الاقتصاد الأوروبي وخاصة الألماني، تحظى هذه الصفقة بفرص جيدة لإقرارها في الاتحاد الأوروبي”.

وتأججت الخلافات التجارية بين واشنطن والاتحاد الأوروبي خلال الفترة الأخيرة وتجلى ذلك في تلويح ترامب بفرض عقوبات تجارية صارمة على منتجات الاتحاد الأوروبي.
ويرى خبراء أن هذه الصفقة من شأنها لخبطة أوراق إدارة ترامب ورفع منسوب التوجس لدى واشنطن ما قد يدفعها لفتح جبهة صراع بالتوازي مع صراعها مع بكين.
ورحّبت الحكومة الفرنسية بتوقيع الاتفاق وكانت فرنسا ،التي تملك حصة في بي.أس.أر، قد عارضت في وقت سابق من هذا العام اندماجا مقترحا بين شركتي رينو وفيات – كرايسلر.
واعتبر وزير الاقتصاد والمالية الفرنسي برونو لومير الإعلان عن توقيع الاتفاق “خبرا سارا للغاية”، واصفا إياه بأنه “مرحلة هامة نحو خلق بطل أوروبي”.
وقال نظيره الإيطالي روبرتو غوالتييري إن الحكومة الإيطالية “ستواصل مراقبة التداعيات على النمو والاستثمار والوظائف”.
وقال اتحاد عمال السيارات في الولايات المتحدة إن “قطاع صناعة السيارات يواجه اليوم تحديات كثيرة ونأمل أن يجذب الاندماج فرصا للنمو”.