وكالة المغرب للأنباء تفتح نقاشا حول موضوعية تقارير حرية الصحافة

وجهت وكالة المغرب العربي للأنباء انتقادات لاذعة للنقابة الوطنية للصحافيين التي رسمت في تقريرها السنوي الأخير صورة قاتمة للحريات النقابية في الوكالة، الأمر الذي دفع للتساؤل حول المعايير والمصادر التي تعتمد عليها المنظمات والنقابات في رصدها للأوضاع الصحافية.
الرباط - رفضت وكالة المغرب العربي للأنباء ما جاء في التقرير السنوي للنقابة الوطنية للصحافة المغربية حول ظروف الصحافيين في المؤسسات الإعلامية، معتبرة أن التقرير شابته افتراءات ومغالطات بخصوص الوكالة، وهو ما يثير النقاش حول تباين وجهات النظر والمصادر التي تعتمد عليها تقارير المنظمات بشأن أوضاع حرية الصحافة.
وقدم تقرير النقابة لعام 2019 – 2021 وصفا قاتما للوكالة وللحريات النقابية فيها، حيث ذكر أن “وكالة المغرب العربي للأنباء تبقى مثالا ساطعا على محاربة العمل النقابي، فلم تكتف بتوقيف الحوار مع ممثلي المهنيين والمهنيات، بل عمدت إلى إجراءات انتقامية من قبيل استغلال سلطة التعيين، لإجراء نُقل قسرية في حق صحافيين من المكتب النقابي نحو مكاتب فرعية بعيدة عن الإدارة المركزية، وكذلك التشويش على عمل النقابة من خلال بث قصاصات (مقاطع) خبرية تحمل إساءة لها وتدخلا في شؤونها الداخلية”.
غير أن وكالة المغرب العربي للأنباء اعتبرت كل ما جاء في التقرير محض افتراء، وقالت في بيان إن “مزاولة العمل النقابي داخل الوكالة تتم في أحسن ظروف. إذ تمارس النقابات الممثلة بصفة قانونية عملها بشكل عادي سواء داخل مجلس التحرير أو المجلس المشترك للتدبير وهما الهيئتان القانونيتان للتمثيلية داخل الوكالة وفق القانون”.
وأضافت الوكالة أن “النقابة لا تتوفر على أية تمثيلية داخل الوكالة ذلك أنها لم تستطع الحصول على مقعد واحد في انتخابات الصحافيين”.
وتحدت الوكالة في بيانها النقابة الوطنية للصحافة في تقديم أي وثيقة قانونية تثبت وجود مكتب نقابي لها داخل وكالة المغرب العربي للأنباء.
ويضم المغرب عدة نقابات ومنظمات وهيئات مهنية معنية بالصحافة والإعلام منها النقابة المغربية للصحافة والنقابة الوطنية للصحافة المغربية والجمعية الوطنية للإعلام والناشرين والمجلس الوطني للصحافة.
وأفادت الوكالة أنها تعتمد في المجال الاجتماعي على مؤسسة يتم التدقيق في شفافيتها وفعاليتها وجودة خدماتها سنويا ومشهود بكفاءتها.
وأشارت إلى أن قطاع الإعلام في المغرب يحتاج إلى نقابة حديثة وخبيرة يمكنها المساهمة في إيجاد حلول ذكية للخروج من الأزمة التي تعصف بالإعلام، واتهمت مسيري النقابة بتحويلها إلى “ريع خاص وتهميش النقابيين الشرفاء والحقيقيين”.
ولم يصدر عن المسؤولين في الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزيون المغربية حتى الثلاثاء أي رد حول تقرير النقابة الذي تعرّض أيضا لأوضاع العاملين فيها.
وزعم التقرير أن العاملين بالشركة الوطنية للإذاعة والتلفزيون قد عاشوا خلال الفترة التي يغطيها التقرير “أوضاعا لا تليق بما يجب أن يكون عليه تسيير مرفق عمومي يقدّم خدمة إعلامية، حيث تم تشديد الرقابة غير المهنية على مجموع العاملين والعاملات بالقطاع، وعمد مسؤولوها إلى إيقاف الحوار والمشاورات والمفاوضات مع النقابة في خطوة أحادية فجائية غير مبرَّرة”.
وسلطت الضجة التي أثارها تقرير النقابة الضوء على قضية المصادر التي تعتمدها المنظمات والهيئات المعنية في أوضاع حرية الصحافة، إذ بات التشكيك يرافق كل تقرير يصدر، ويتهمها الطرف الآخر بالاعتماد على وجهات نظر أحادية تفتقر للموضوعية، وتغييب الجانب الآخر في تقاريرها، حتى أن نقابة الصحافيين نفسها عبرت عن عدم اتفاقها مع “بعض التقارير الدولية الخاصة بأوضاع حرية الصحافة في المغرب”، وناشدت “المنظمات المصدرة لهذه التقارير التحري واعتماد المصادر ذات المصداقية”.
وخصت النقابة بالذكر منظمة “مراسلون بلا حدود” وقالت إن النقابة تتفاعل إيجابيا معها في الشراكة في برامج تدريب الصحافيين، واستدركت أنه “لا يمكن القبول” بـ”حصر هذه الشراكة في دائرة ضيّقة تخدم مصلحة طرف واحد بصفة رئيسية، بل لا بد لهذه الشراكة أن تشمل مختلف أوجه التعاون والتنسيق”.

ولم تجد النقابة أي تفسير لاطلاعها على تقارير “مراسلون بلا حدود” من وسائل الإعلام “بينما كان الاتفاق قد حصل في اجتماع رسمي مع مسؤولي المنظمة على إشراك نقابتنا في إنجاز هذه التقارير من خلال راصدين مغاربة يشاركون إلى جانب راصدين آخرين”.
يذكر أن النقابة الوطنية للصحافة المغربية قدمت صورة قاتمة عن واقع الصحافة المغربية والأوضاع العامة للصحافيين والانتهاكات التي تطالهم أثناء مزاولتهم لمهنتهم أو بسببها.
وشخصت النقابة واقعا مزريا تئنّ تحت وطأته وسائل الإعلام المغربية، مع استمرار الانتهاكات التي تطال الصحافيين أثناء مزاولتهم لمهنتهم سواء على مستوى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، أو على مستوى التضييق على حريتهم باعتبارها شرطا أساسيا لممارسة مهنية حقيقية.
وقال التقرير الذي أعدته اللجنة الخاصة بالحريات في النقابة إن الصحافة تعيش وضعا صعبا مع استمرار وضعية الصحافيين والصحافيات في المغرب في “الانحدار نحو أوضاع الهشاشة”، بسبب تراجع مداخيل المؤسسات الصحافية بفعل اتساع الشبكات الاجتماعية.
وذكرت اللجنة أن جائحة كورونا وحالة الطوارئ الصحية المرافقة لها “أزّمتا من وضعية الهشاشة” حيث “تم إغلاق بعض المؤسسات، وقامت أخرى بتقليص الرواتب، ولولا تدخل السلطات العمومية لصرف دعم استثنائي مخصص لدفع رواتب الصحافيين ومجمل العاملين في القطاع لساءت الأمور أكثر”.
كما أن “حالة الطوارئ حدّت قليلا من حرية تنقل الصحافيين لأداء مهامهم، وأفرزت حالات من التوتر وسوء الفهم، وأحيانا تجاوزات من طرف ممثلي السلطات المحلية والقوات العمومية”.
واعتبرت أن وضعية الصحافة قد تأثرت بـ”سوء الفهم المتنامي بين بعض مؤسسات الدولة وبعض المؤسسات المنتخبة من جهة، وبين الفاعل (الإعلامي) الذي أصبح يجد صعوبة في الوصول إلى المعلومة، رغم أن الترسانة القانونية المؤطرة لعمله عرفت تطورا في اتجاه إلغاء العقوبات السالبة للحرية من قضايا الصحافة والنشر، ورغم تأسيس المجلس الوطني للصحافة الذي يظل تجربة جنينية تحتاج إمكانات لوجيستية وتجويد إطاره القانوني، بما يسمح له بتجويد أدائه وتدخلاته”.