وكالات الاستخبارات تجمع بين الانفتاح والسرية على إنستغرام

لندن - دخل القسم الخامس في هيئة الاستخبارات العسكرية (إم.آي.5) عالم شبكة إنستغرام الخميس ليس للبحث عن جواسيس محتملين، وإنما رغبة في أن يكون جهاز الأمن البريطاني أكثر شفافية بشأن عمله والتواصل مع الشباب.
وسيحتوي الحساب الذي يحمل العنوان mi5official@ على أسئلة وأجوبة مع ضباط المخابرات العاملين وإعلانات عن فرص العمل في الجهاز الاستخباراتي.
وحث رئيس جهاز الأمن كين ماكالوم الناس على متابعة الحساب، قائلا “يمكنك إدخال نكتة خاصة بك حول ما إذا كنا سنتابعك”، مضيفا أن “الانفتاح بشكل أكبر” كان سمة نهج جهاز الأمن في عام 2020.
وكتب ماكالوم في مقال في صحيفة ديلي تلغراف “أعترف أن الانضمام إلى منصة إنستغرام كان خطوة روتينية لمعظم المؤسسات، لكنه أكثر إثارة للاهتمام عندما يكون مجال عملك هو حفظ الأسرار”.
لكنه قال إن جهاز الأمن يواجه معضلة “إذ تعتمد قدرتنا على خدمة الجمهور والحفاظ على أمن البلد بشكل حاسم على العمل في الخفاء”.
ومع ذلك، قال إنه يجب عليهم أيضا الوصول إلى أشخاص جدد يمكنهم المساعدة. مضيفا “سيكون من الغرور الخطير أن نتخيل أن جهاز الأمن يمكنه بناء كل القدرات التي يحتاجها داخل فقاعته”.
وكالات الاستخبارات لاقت صعوبة في تحديد ما إذا كان عليها إنشاء حساباتها في مفاضلة بين تحسين صورتها وبين السرية
ويخطط الجهاز لاستخدام المنصة لتبديد الأساطير الشائعة حول عمله والكشف عن مواد لم يسبق أن شوهدت من قبل من أرشيفاته لـ112 عاما الماضية. ووعد جهاز الأمن بالكشف عن معنى العمل عميلا مخابراتيا وضابط مراقبة، على الرغم من أن رئيس الجهاز يقول إن عملياتهم لن تصبح “كتابا مفتوحا”.
ويضيف ماكالوم “يجب أن نتجاوز أي صور نمطية قد تكون باقية عن شرب المارتيني من خلال نقل المزيد عما يبدو عليه جهاز الأمن اليوم، حتى لا ينأى الناس عن التقدم للعمل لدينا بناء على الحواجز المتصورة مثل الخلفية الاجتماعية والاقتصادية، والعرق، والجنس، ونوع الجنس، والإعاقة أو أي جزء من البلد صادف أنهم ولدوا فيه”. وشراب المارتيني هو خليط “كوكتيل” من بعض الخمور.
ويعد جهاز الأمن متأخرا نسبيا عندما يتعلق الأمر بحضور الجواسيس في وسائل التواصل الاجتماعي.
فقد أنشأ جهاز الاتصال الحكومي البريطاني “جي.سي.إتش كيو” حسابه على إنستغرام عام 2018، في حين أن وكالة المخابرات الأميركية ‘سي.آي.أي’ CIA لديها 3.2 مليون متابع على تويتر. وقامت أكبر وكالة جاسوسية في الولايات المتحدة بالانضمام إلى إنستغرام في أبريل من عام 2019.
كما أن الرئيس المعين حديثا لجهاز المخابرات السرية الخارجية البريطاني “إم.آي 6” ريتشارد مور كثير التغريد على موقع تويتر.
وقال ماكالوم، الذي حدد استراتيجيته كرئيس جديد لجهاز “إم.آي 5” في أكتوبر من العام الماضي، “إذا كنت أريد شيئا واحدا يميز فترة ولايتي في هذا المنصب، فهو الانفتاح والتواصل بطرق جديدة”.
وأضاف “الكثير مما نقوم به يحتاج إلى أن يظل غير مرئي، لكن ما نحن عليه لا يجب أن يكون. في الواقع، الانفتاح هو مفتاح نجاحنا في المستقبل”. وتأمل وكالات الاستخبارات أن تجعل إنستغرام إحدى ساحتها للتعيين، آملة في جذب جيل جديد من الموظفين والمحللين.
وكالات الاستخبارات لاقت صعوبة كبيرة في تحديد ما إذا كان عليها إنشاء حساباتها الخاصة في مفاضلة بين تحسين صورتها للجمهور وبين حاجتها للمحافظة على السرية
وغيرت مواقع التواصل الاجتماعي ملامح عالم المخابرات والجاسوسية بالنسبة إلى الجواسيس والطرف الآخر الذي يتم التجسس عليه، فالأمر أصبح أكثر تعقيدا ولم يعد بالبساطة التي يعتقدها البعض.
وبدأت وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية CIA بتجنيد موظفين وضباط من خلال خدمات البث عبر الإنترنت، مثل نتفليكس وأمازون، في تطور لافت في أساليب التجنيد التقليدية التي كانت تعتمدها الوكالة خلال تاريخها.
وأكدت رويترز في 23 يونيو 2020 أن وكالات الدفاع والتجسس الأميركية لعبت دورا رئيسيا في إنشاء الإنترنت، والآن تتحول وكالة الاستخبارات المركزية للمرة الأولى إلى خدمات البث عبر الإنترنت لتجنيد جواسيس تتراوح أعمارهم بين 18 و35 عاما.
ومع انتشار شبكات التواصل الاجتماعي، كانت الوكالات الاستخباراتية تواجه تحديا متزايدا في كيفية التعامل معها. ولاقت وكالات الاستخبارات صعوبة كبيرة في تحديد ما إذا كان عليها إنشاء حساباتها الخاصة في مفاضلة بين تحسين صورتها للجمهور وبين حاجتها للمحافظة على السرية.
وفي عام 2014 اتخذت وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية قرارها بالانضمام إلى شبكتيْ فيسبوك وتويتر. وقالت في تغريدتها الأولى على تويتر “نحن لا نؤكد أو ننفي أن تلك هي تغريدتنا الأولى”.