وكالات أنباء وهمية تنخرط في الدعاية الانتخابية في العراق

بغداد - أطلقت جيوش إلكترونية مرتبطة بأحزاب سياسية في العراق وكالات إخبارية وهمية على موقع فيسبوك مع اقتراب الانتخابات النيابية.
وأعلنت مفوضية الانتخابات في البلاد، وهي هيئة رسمية خاضعة لرقابة البرلمان، الخميس، انطلاق الحملات الدعائية بعد المصادقة على قوائم المرشحين النهائية، إذ بلغ عددهم 3243 مرشّحا.
وعقب ذلك بدأ المرشحون بالترويج لبرامجهم السياسية وأنشطتهم الاجتماعية عبر صفحاتهم الشخصية في مواقع التواصل الاجتماعي.
وباتت أغلب الأحزاب والشخصيات السياسية تمتلك جيوشا إلكترونية عبر تأسيس أقسام في مكاتبها الإعلامية متخصصة في هذا الشأن. وتعد صراعات هذه الجيوش على مواقع التواصل الاجتماعي انعكاسا واقعيا لخارطة الصراعات السياسية القائمة بين الكتل والأحزاب.
وقال مركز الإعلام الرقمي العراقي في بيان إن “الأيام الأخيرة شهدت ظهور العشرات من الصفحات على منصة فيسبوك، والتي تزعم وتقدم نفسها على أنها وكالات إخبارية متخصصة في نشر أخبار تتعلق بالأحداث العراقية”.
ويشكّل فيسبوك المصدر الرئيسي للأخبار الزائفة في العراق والتي غالبًا ما تتناول الترند أي كل ما هو رائج.
مركز الإعلام الرقمي العراقي: الأيام الأخيرة شهدت ظهور العشرات من الصفحات على منصة فيسبوك، والتي تزعم وتقدم نفسها على أنها وكالات إخبارية متخصصة
وأضاف المركز أن “فريقه رصد إنشاء وتفعيل العشرات من الصفحات السياسية الممولة التي تظهر أمام المستخدم خلال تصفحه فيسبوك، والتي لا تتضمن رقم هاتف وليس لديها موقع إلكتروني أو معلومات رقمية على الشبكة العنكبوتية تُثبت تاريخ الوكالة وإنتاجها الإعلامي”.
وأوضح مركز الإعلام الرقمي أن هذه الصفحات “تسعى للترويج بصورة مباشرة أو غير مباشرة لحزب أو سياسي معيّن، أو قد تستخدم لمهاجمة وانتقاد أحزاب أخرى وخصوم سياسيين”.
وتابع أنها “واجهات لجيوش إلكترونية نشطت قبل الانتخابات من أجل تحقيق أهداف مؤقتة تتعلق بالترويج السياسي أو تسقيط الآخرين، وستبقى بعد الانتخابات أيضا إلى حين إعلان النتائج ثم تختفي مع من يديرها”.
وسبق أن سجل “بيت الإعلام العراقي” أن المئات من الصفحات الوهمية على فيسبوك تحمل أسماء قنوات تلفزيونية لها صفحات رسمية موثقة بالعلامة الزرقاء من قبل إدارة فيسبوك، ولكل قناة معدل 10 صفحات وهمية تواظب على نشر ما تنشره الصفحة الرسمية الموثقة أولا بأول.
يذكر أن ظاهرة “الجيوش الإلكترونية” التي ابتدعتها أحزاب السلطة شاعت في العراق منذ عام 2010. وظلّ عمل تلك الجيوش يقتصر على تلميع صور السياسيين الذين يمولون الصفحات، قبل أن تتطور مهمتها وتحتل الفضاء الافتراضي العراقي كاملا.
وتحتاج عملية مكافحة الشائعات إلى آليات أكثر تعقيدًا كالتعاون مع شركات مواقع التواصل الاجتماعي. وبالرغم من أن فيسبوك وتويتر أطلقتا في الفترة الأخيرة أدوات وخيارات رقمية للإبلاغ عن الأخبار الكاذبة غير أن تلك المساعي باءت على ما يبدو بالفشل، على الأقل في العراق.
أغلب الأحزاب والشخصيات السياسية باتت تمتلك جيوشا إلكترونية عبر تأسيس أقسام في مكاتبها الإعلامية متخصصة في هذا الشأن
ويعاقب القانون العراقي مروجي الشائعات والأخبار الكاذبة في المادة 210 “بالحبس وبغرامة لا تقل عن ثلاثمئة دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين من أذاع عمدًا أخبارًا كاذبة أو بيانات أو إشاعات كاذبة ومغرضة أو بث دعايات مثيرة إذا كان من شأن ذلك تكدير الأمن العام أو إلقاء الرعب بين الناس أو إلحاق الضرر بالمصلحة العامة”.
كما تنص المادة 211 على عقوبة “بالحبس وبالغرامة أو بإحدى هاتين العقوبتين من نشر بإحدى الطرق العلانيَّة أخبارًا كاذبة وأوراقًا مصطنعة أو منسوبة كذبًا إلى الغير إذا كان من شأن ذلك تكدير الأمن العام أو الإضرار بالمصالح العامة”.
وثمة مشروع قانون لمكافحة الجرائم المعلوماتية في أروقة البرلمان يشمل الشائعات والأخبار الكاذبة، إلا أنه يثير جدلا إذ تخشى منظمات محلية ودولية من أنه “قد يقوّض الحق في حرية التعبير في العراق”.
وتلحّ كتل سياسية على ضرورة إقرار القانون قبل إجراء الانتخابات النيابية في أكتوبر المقبل.
ويقول نواب عراقيون إن قانون “جرائم المعلوماتية” يضع حدًا لنشر الفوضى والأكاذيب التي تؤدي إلى تشويه صورة النظام السياسي العراقي، لكن منتقدين يؤكدون أن إقراره سيخنق حرية التعبير والأصوات التي تواصل انتقاد فشل النظام.
ويقول صحافيون إن قوى سياسية تصر على الدفع بقانون الجرائم المعلوماتية إلى الواجهة من جديد مع بدء السباق الانتخابي لأنه يخدم مصالحها الضيقة.