وفود دول غرب أفريقيا في مالي سعيا للتراجع عن الانقلاب

رئيسا ساحل العاج وغينيا من بين الذين يضغطون من أجل اتخاذ موقف صارم تجاه الانقلاب العسكري حيث يواجه كلاهما احتجاجات عنيفة.
الأحد 2020/08/23
مخاوف من انتقال عدوى الانقلاب إلى دول مجاورة

باماكو - وصل وسطاء من المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) إلى مالي، السبت، لإجراء محادثات تهدف إلى التراجع عن انقلاب على الحكم قوبل بإدانات في الخارج لكنه يلقى ترحيبا من عدة أطراف داخل البلاد التي تكافح تمردا إسلاميا واضطرابات سياسية حادة.

والوفد الذي أرسلته المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا من أجل “ضمان العودة الفورية للنظام الدستوري” يتقدمه الرئيس النيجيري السابق غودلاك جوناثان. وكان في استقبال الوفد الرجل الثاني في “اللجنة الوطنية لإنقاذ الشعب” التي شكلها العسكريون، الكولونيل مالك دياو والمتحدث باسمها إسماعيل واغي.

وقال جوناثان في تغريدة عقب وصوله مباشرة “سنواصل الحوار مع الأطراف المعنية في مالي لحين التوصل إلى سلام دائم”. وأعرب عن ثقته في أن النقاشات ستقود إلى “أمر في صالح البلد، وصالح المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا وصالح المجتمع الدولي”.

وقال شاهد لرويترز إنه بعد ثلاثة أيام من الهدوء في باماكو عقب الإطاحة بالرئيس إبراهيم أبوبكر كيتا يوم الثلاثاء، استخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع، السبت، عندما اندلعت اشتباكات بين مجموعة من 50 محتجا من المؤيدين لكيتا وسكان محليين.

واتخذت إيكواس التي تضم 15 دولة موقفا صارما من الانقلاب. وسرعان ما أغلقت المجموعة الحدود مع مالي وأوقفت أي تدفقات مالية لها، وهي خطوة قال دبلوماسيون إنها تهدف إلى تحذير المعارضين في الداخل بقدر ما تهدف إلى تحقيق الاستقرار في مالي.

وقال دبلوماسي من المنطقة “لا يمكنهم السماح بحدوث ذلك. يأخذون الأمر على محمل شخصي جدا. إنه على أعتابهم ويعتقدون أن الدور عليهم” في إشارة إلى قادة دول غرب أفريقيا.

وقال دبلوماسي آخر إن رئيسي ساحل العاج وغينيا من بين الذين يضغطون من أجل اتخاذ موقف صارم حيث يواجه كلاهما احتجاجات عنيفة لترشيحهما لولاية ثالثة ويريدان من التكتل أن يظهر عدم تسامحه مع الاستيلاء على السلطة بالقوة في المنطقة.

وتولى مجلس عسكري السيطرة على شؤون البلاد في مالي منذ اعتقال متمردين من الجيش لكيتا تحت تهديد السلاح، الثلاثاء، وإجباره على الاستقالة. ووعدوا بالإشراف على مرحلة انتقالية تفضي لإجراء انتخابات.

ويعتزم المجلس العسكري تشكيل “مجلس انتقالي” يرأسه “عسكري أو مدني”. وقد أعلن إعادة فتح الحدود البرية والجوية الجمعة رغم إغلاق الدول المجاورة لمالي حدودها معها باستثناء المواد الغذائية والأدوية والطاقة.

ومن المقرر أن يلتقي وفد المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا مع قادة الانقلاب الذين يطلقون على أنفسهم اسم اللجنة الوطنية لإنقاذ الشعب، كما سيزور الوفد كيتا وغيره من كبار المسؤولين المحتجزين.

ورحب كثيرون في مالي بالإطاحة بكيتا. وكانت البلاد قد شهدت احتجاجات على مدى أشهر للمطالبة باستقالته بسبب مزاعم فساد وتدهور الوضع الأمني في المناطق التي ينشط فيها تنظيما القاعدة والدولة الإسلامية.

وقال الدبلوماسي الثاني “إعادة كيتا للسلطة أمر غير وارد”. وأشار إلى أن “الشيء الوحيد الذي يمكن لهم (الوفد) تحقيقه هو الاتفاق على مرحلة انتقالية. وبموجب قواعد المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا فإنه يتعين عليها تنفيذ عملية الانتقال”.

ويحتجز العسكريون منذ الثلاثاء خمسة عشر مسؤولا مدنيا وعسكريا، بينهم رئيس البرلمان موسى تمبينيه ورئيس أركان الجيش الجنرال عبدالله كوليبالي.

محاولات للعودة الفورية للنظام الدستوري
محاولات للعودة الفورية للنظام الدستوري

وقال عضو في الوفد طلب، عدم ذكر اسمه، لفرانس برس “في بداية المساء، سنتحاور مع الرئيس المالي إبراهيم أبوبكر كيتا”.

ومن المقرر أن يلتقي الوفد الأحد سفراء الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي (فرنسا، الولايات المتحدة، روسيا، بريطانيا والصين).

وطالبت دول المجموعة الاقتصادية لغرب أفريقيا خلال قمة استثنائية الخميس بـ”إعادة” الرئيس كيتا إلى منصبه، وقررت إرسال وفد إلى باماكو من أجل تحقيق “العودة الفورية للنظام الدستوري”.

ورغم إدانته من طرف المجتمع الدولي، لم يلق الانقلاب معارضة تذكر في باماكو. اذ استأنف سكان مالي نشاطاتهم غداة الانقلاب، وواصل التلفزيون العام “أو.آر.تي.أم” بثّ برامجه.

ولقي العسكريون الذين استولوا على الحكم ووعدوا بإجراء “انتقال سياسي”، استقبالا حافلا الجمعة وسط باماكو من طرف آلاف من أنصار المعارضة التي طالبت لأشهر باستقالة رئيس الدولة وحيّت الجيش على تدخله.

وحاول عشرات من أنصار الرئيس كيتا التظاهر في باماكو صباح السبت، قبل أن تفرقهم الشرطة.

وقال عضو حزب “تجمع القوى الجمهورية” عبدالله نيانغ “جئنا إلى هنا هذا الصباح لإظهار عدم موافقتنا على الانقلاب. لكن جاء أشخاص هاجمونا بالحجارة، واستغلت الشرطة هذا الاعتداء لتفريق نشطائنا”.

ومع تواصل النقاشات السياسية والدبلوماسية في باماكو، قتل أربعة جنود وأصيب خامس بجروح خطرة السبت في انفجار عبوة ناسفة وسط البلد، وفق مصادر عسكرية وإدارية.

وبدأت هجمات الجماعات الجهادية في شمال مالي عام 2012، وتوسعت إلى وسط البلاد عام 2015، ما أدى إلى خسائر مدنية وعسكرية جسيمة.

وهذه الهجمات المتداخلة مع نزاعات محليّة، امتدت أيضا إلى النيجر وبوركينا فاسو المجاورتين.

ونددت المعارضة في الأشهر الماضية بعجز السلطات المالية عن السيطرة على مناطق مترامية من شمال البلاد ووسطها.

وعزا العسكريون الذين أجبروا الرئيس على الاستقالة وتسلموا السلطة، خطوتهم إلى انعدام الأمن الذي يسود البلاد وافتقار الجيش إلى إمكانات.

وانتخب الرئيس كيتا عام 2013، ثم أعيد انتخابه في 2018، وواجه طوال الأشهر الأخيرة احتجاجات واسعة في الشوارع بدعوة من تحالف واسع للمعارضة.

2