وفد أمني إسباني رفيع بالمغرب لتعزيز التعاون الأمني والشراكة بين البلدين

الرباط - استقبل المدير العام للأمن الوطني ولمراقبة التراب الوطني في المغرب عبداللطيف حموشي، بالرباط، وفدا أمنيا رفيع المستوى برئاسة اللواء لويس بالييز بنيرو، المسؤول عن الاستعلامات بالحرس المدني الإسباني، للتأكيد على متانة علاقات التعاون الإستراتيجي بين البلدين.
ويقول مراقبون إن تلك الخطوة تأتي في إطار الدينامكية التي تعرفها العلاقات الثنائية المدعومة بمصالح اقتصادية وأمنية مشتركة، وموقف إسبانيا الإيجابي من سيادة المغرب على صحرائه.
وأفاد بلاغ لقطب المديرية العامة للأمن الوطني والمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني بأن هذه الزيارة تكتسي أهمية خاصة لكونها تعد أول جولة دولية يقوم بها المسؤول الأمني الإسباني رفيع المستوى بعد تعيينه، والذي اختار المملكة المغربية كوجهة أولى للتأكيد على أهمية التعاون الإستراتيجي في مجالات أمنية متعددة ومنها مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للحدود.
وأكد محمد الطيار، رئيس المرصد الوطني للدراسات الإستراتيجية، أن “أول زيارة خارجية للمسؤول الإسباني دليل واضح على حرص إسبانيا على تطوير علاقاتها الأمنية مع المغرب والمراهنة على خبرة وتجربة الأجهزة الأمنية المغربية في التصدي لمخاطر التطرف والإرهاب والجريمة المنظمة والهجرة غير النظامية، من أجل الحفاظ على الأمن والاستقرار داخل إسبانيا.”
وقال لـ”العرب” إن “خطوة تشكيل الجيش الإسباني لهذه الخلية التي هي بالضرورة مشمولة بالسرية، قد تكون بمثابة رسالة من القيادة العسكرية لتأكيد دورها في حماية إسبانيا، خاصة في ظل ارتفاع الهواجس الأمنية داخل الساحة السياسية الإسبانية خلال السنوات الأربع الأخيرة، مع تتبع منسوب التسلح المغربي وتطور ترسانته العسكرية”، مشيرا إلى أن “هذا القرار قد يكون محاولة من القيادة العسكرية لإبراز مكانتها وطمأنة الشارع الإسباني أمام التطورات التي يشهدها المغرب.”
ويرجح الطيار أن “زيارة الوفد الأمني لها علاقة بقرار الجيش الإسباني الأخير، الذي يرتبط بارتفاع الهواجس الأمنية داخل الساحة السياسية والإعلامية في إسبانيا، وطبيعة العلاقة بين قيادة الجيش والحكومة الإسبانية، لذلك فهذه الزيارة تعطي رسالة عاجلة تؤكد أن إسبانيا لن تستطيع إغفال أهمية وضرورة التنسيق الأمني مع المغرب بالدرجة الأولى.”
وتأتي هذه الزيارة متزامنة مع تقرير نشرته صحيفة “أي.بي.سي” الإسبانية، يتناول قرار رئيس هيئة الأركان العامة للجيش الإسباني الأدميرال الجنرال تيودورو إستيبان لوبيز كالديرون، تشكيل خلية عمل لدراسة “التهديد المغربي المحتمل” على إسبانيا، ولتقييم المخاطر التي قد تشكلها أنشطة المغرب سواء داخل إسبانيا أو خارجها.
وحسب الصحيفة، فإن هذا الفريق المتخصص في التحليل والتخطيط بدأ خطواته الأولى خلال الأيام الأخيرة، لينضم إلى فريق آخر يتبع قسم الأمن القومي، والذي يخضع مباشرة لقصر “لا مونكلوا” ويتحرك ضمن نطاق وزاري مشترك.
ويبدو أن زيارة الوفد الأمني الإسباني جاءت لتبديد أي سوء فهم قد ينتج لدى المملكة بخصوص قرار رئيس الأركان الإسباني ويؤثر على جودة العلاقات الثنائية في كافة المجالات، بعدما أثار هذا القرار جدلا داخل الأوساط العسكرية، حيث أبدى بعض أعضاء القيادة العسكرية تحفظاتهم لأن الخطوة لم تأت باتفاق مباشر مع وزيرة الدفاع مارغاريتا روبليس، مما يشير إلى وجود تباينات محتملة بين المؤسسة العسكرية والقيادة السياسية.
زيارة الوفد الأمني الإسباني جاءت لتبديد أي سوء فهم قد ينتج لدى المملكة بخصوص قرار رئيس الأركان الإسباني ويؤثر على جودة العلاقات الثنائية في كافة المجالات
وأكد بيان المؤسسة الأمنية المغربية أن الجانبين شددا على التعاون الثنائي المغربي – الإسباني في المجال الأمني، لكونه يشكل نموذجا فعالا ومنتظما للتعاون بين البلدين كما يعبر عن القناعة الراسخة للبلدين من أجل العمل على التنسيق للحد من مختلف التهديدات والمخاطر المشتركة، مع تطوير آليات التعاون الثنائي في المجال الأمني، وتعزيز الشراكة بينهما.
وشهدت العلاقات بين البلدين تحسنا ملحوظا في السنوات الأخيرة، خاصة بعد زيارة رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز إلى المغرب في أبريل 2022، التي أكدت على شراكة إستراتيجية، بما في ذلك التعاون الأمني، حيث وصف خوسيه مانويل ألباريس، وزير الشؤون الخارجية والاتحاد الأوروبي والتعاون الإسباني، الفترة الحالية بأنها “أفضل مناخ للتعاون على الإطلاق” في تاريخ العلاقات الثنائية بين البلدين.
واستعرضت المحادثات الثنائية مختلف العمليات الأمنية المشتركة بين المغرب وإسبانيا، والتي أثبتت نجاحها وفاعليتها في تحييد التهديدات الأمنية على المستويين الإقليمي والدولي، علاوة على مناقشة آليات التنسيق وتدعيم الجهود الثنائية لإنجاح منافسات كأس العالم 2030، التي ستنظم في المغرب وإسبانيا والبرتغال، خصوصا في ما يخص تحييد المخاطر والتهديدات التي تحدق بالأمن العام.