وسائل إعلام تنساق إلى "الشو" في تغطية امتحانات البكالوريا بالمغرب

الرباط - استنكرت الرابطة الوطنية لجمعيات أمهات وآباء وأولياء التلاميذ بالمغرب، قيام بعض المنابر الإعلامية باقتناص تصريحات تلاميذ في امتحانات البكالوريا في “لحظات توتر وضعف نفسي، والتعمد في بث مقاطع تتضمن تهديدات وكلاما غير مسؤول وسخرية من الامتحان والمدرسة، بهدف تحقيق ‘البوز‘ وخلق الإثارة.”
وأعلنت الرابطة في بيان استنكارها الشديد لهذا “السلوك اللاأخلاقي واللامهني، الذي يمس كرامة التلميذ المغربي، ويسهم في نشر صورة نمطية تسيء إلى الجيل الصاعد، وتضعف الثقة في المدرسة العمومية.”
وتعبيرا عن قلقها البالغ من تشويش هذه التصرفات على سير الامتحانات عبر الضغط الإعلامي السلبي وتشتيت تركيز الطلاب في هذه المحطة الحاسمة، قالت الرابطة إن “هذه التصرفات الإعلامية التي تستغل وضعية نفسية صعبة يمرّ بها التلاميذ في مرحلة حرجة من حياتهم الدراسية، لا تحترم كرامتهم، ولا تراعي مسؤولية التنشئة الاجتماعية التي يجب أن تحظى بها المدرسة والأسرة والإعلام معا.”
بعض المواقع الإلكترونية تستغل تصريحات التلاميذ غير المسؤولة لحظة خروجهم من الامتحانات بهدف خلق الإثارة
ولفت المصدر ذاته إلى أن “مستوى أداء التلاميذ مرتبط بالارتباك الذي عرفته العملية التعليمية على مدى السنوات الماضية خاصة بسبب آثار جائحة كوفيد – 19 ، والضغوط الاجتماعية والاقتصادية التي تعيشها الأسر، ما يتطلب منا جميعا المزيد من الدعم والاحتواء بدل استغلال الأخطاء أو العثرات،” مُدينة أيّ “ترويج للسلوكات التحريضية بين التلاميذ من خلال تهديد بعضهم البعض، لأن ذلك سلوك مرفوضا يمس بقيم السلم الاجتماعي ويستوجب التوعية والاحتواء والتدخل التربوي.”
وتؤكد بنود المادتين 5 و6 من القانون المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، أنها “تتحمل مسؤولية التنشئة الاجتماعية والتربية على قيم المواطنة والسلوك المدني، مع اعتبار إصلاح هذه المنظومة ومسؤوليتها المشتركة بين الأسرة والمجتمع المدني والإعلام والفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين.”
وسبق لفريق حزب الحركة الشعبية في مجلس النواب أن راسل وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، باتخاذ تدابير من شأنها وضع حد لظاهرة بعض المواقع الإلكترونية التي تترصد خروج التلاميذ من باب مراكز الامتحانات لاستغلال تصريحاتهم في التعليق على محتويات الامتحانات، بعبارات السخرية، بهدف جلب أكبر عدد من المشاهدات، والتصريح بأمور لها علاقة بالغش وهو ما يعتبر مساسا بشفافية الامتحانات وتكافؤ الفرص.
واعتبر الفريق الحركي في الغرفة الأولى أن “هذه الممارسات، لا تمت بصلة لأخلاقيات الصحافة، ولا لأبسط القواعد المهنية التي تفرض التوازن والتعددية، وليس الاقتصار على عرض مادة تحمل طابع التهريج وهو ما يعتبر استثناء داخل فضاء إعلامي جاد وهادف يحترم قوانين وقواعد وأصول مهنة الصحافة.”
ودعت الرابطة جميع وسائل الإعلام إلى المزيد من الحيطة والاحترام في التعامل مع التلميذ، وعدم الزج به في صراعات إعلامية غير مسؤولة، والتوجه نحو النشر الإيجابي الذي يهدف إلى دعم العملية التعليمية وتثمين مجهودات التلاميذ، كما حمّلت القنوات التي تروّج لهذا النوع من المحتوى “مسؤولية التأثير السلبي على المناخ التربوي،” داعية “كل السلطات المسؤولة، وخصوصا المجلس الوطني للصحافة إلى فتح تحقيق في هذه الانزلاقات، وإعمال مبدأ المحاسبة وفقا لأخلاقيات المهنة.”
وانتقد عبدالكبير اخشيشن، رئيس المجلس الوطني الفيدرالي للنقابة الوطنية للصحافة، تغطية بعض المنابر الإعلامية لامتحانات البكالوريا، لأن فيها نوعا من التنميط ويعتريها الكثير من الاختلالات المهنية والأخلاقية، مشيرا إلى أن التركيز على عناصر الإثارة المحشوة بالتبخيس، لكل ما يرتبط بالعمليات التعليمية عمل غير مهني وغير أخلاقي، بحكم مسؤولية وسائل الإعلام إزاء المجتمع والمنصوص عليها في ميثاق أخلاقيات المهنة، لأنها مليئة بخدش للصورة.
ولهذا طالبت الرابطة وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة “بإصدار مذكرة تنظم العلاقة بين المؤسسات التعليمية والمنابر الإعلامية خلال فترات الامتحانات، بما يحفظ حرمة القضاء التربوي خصوصا باب المؤسسات التعليمية، مع تكثيف جهود جمعيات أمهات وآباء وأولياء التلاميذ في توعية التلاميذ حول مخاطر التصريحات غير المدروسة، وما قد تجرّه عليهم من عواقب نفسية واجتماعية وقضائية، بهدف بناء وعي جماعي يرسخ ثقافة المسؤولية والاحترام المتبادل.”
رئيس المجلس الوطني الفيدرالي للنقابة الوطنية للصحافة يستنكر تغطية بعض المنابر الإعلامية لامتحانات البكالوريا
وتستمر الدورة العادية للامتحان الوطني الموحد لنيل شهادة البكالوريا لجميع الشعب إلى غاية 02 يونيو، حيث عرف هذا الموسم الدراسي، اتخاذ حزمة من الإجراءات التربوية والتنظيمية من أجل تمكين التلاميذ من اكتساب المعلومات الأساس والتحضير الجيد للامتحانات، بالإضافة إلى توفير المواكبة النفسية وحصص التحضير الجماعي لفائدة الطلاب، فضلا عن تنظيم عمليات توعوية بالمؤسسات التعليمية للحد من ظاهرة الغش في الامتحانات.
وأشادت وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، بالمجهودات التي تبذلها هيئة التدريس والأطر التربوية والإدارية في مواكبة التلميذات والتلاميذ طيلة الموسم الدراسي وخلال هذه المحطة الهامة، مثمنة الاهتمام والتضحيات التي يقدمها الأمهات والآباء في سبيل توفير الظروف المواتية لتمدرس بناتهم وأبنائهم ومواكبتهم طيلة مسارهم الدراسي، شاكرة السلطات العمومية والشركاء والمتدخلين في مختلف العمليات المرتبطة بهذا الاستحقاق الوطني.
وارتباطا بضبط عملية إجراء الامتحانات في جو تنافسي وطبيعي، نفى محمد لمكاري، رئيس قسم الامتحانات والمباريات بوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، أن يكون هناك أيّ تسريب لمواضيع الامتحان الوطني للبكالوريا برسم الموسم الدراسي 2024 – 2025، سوى إذا تم من قِبل بعض التلاميذ، الذين إما غادروا قاعة الامتحان بعد مضي نصف ساعة، أو عمدوا إلى تصوير ورقة الأسئلة أثناء تواجدهم بالقاعة، وهي حالة تدخل ضمن نطاق الغش في حالة ضُبِط مرتكبها.
وينص القانون المتعلّق بزجر الغش في الامتحانات المدرسية، على أن مرتكب الغش يُعاقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنتين، وبغرامة من 1000 إلى 20000 درهم، أو بإحدى هاتين العقوبتين، في حالة تسريب مواضيع الامتحان إلى الغير قبل إجرائه أو المساعدة في الإجابة عنها.