وجبة إعلامية قطرية مجهزة مسبقا لمهاجمة السعودية

"الجزيرة" تخصّص برنامج "ما خفي أعظم" لانتقاد السعودية بعد فشل مشروع التقارب.
الخميس 2020/01/23
أداة لتصفية حسابات الدوحة

يشن الإعلام القطري هجوما واسعا على السعودية والإمارات، عبر برامج يطلق عليها تسمية وثائقية، فيما هي مخصصة لمهاجمة الدول التي لا تتفق مع مواقف الدوحة السياسية، وكيل الاتهامات عبر شهادات لأشخاص معروفين بعدائهم لدول الخليج.

الدوحة - يعدّ الإعلام القطري العدة لهجوم إعلامي ضد السعودية، تقوده قناة الجزيرة بالإعلان عن برنامج وثائقي أطلقت عليه اسم “ما خفي أعظم”، في إشارة إلى تناول أحداث تاريخية سعودية وفق الرؤية القطرية الحالية، وذلك بعد أن فشلت في مشروعها للتقارب مع السعودية.

وخصصت قناة الجزيرة هذا البرنامج لانتقاد الدول التي على خلاف سياسي مع الدوحة، وفي العديد من حلقات البرنامج “الوثائقي الاستقصائي” المعدة مسبقا، استهدفت هذه الدول وخصوصا السعودية والإمارات والبحرين ومصر، ووجهت الاتهامات لها بطريقة غير موضوعية استنادا إلى معلومات غير مؤكدة، بالتوازي مع حراك السياسيين القطريين في الاتجاه المعاكس لقضايا المنطقة المصيرية.

ونشر معدّ ومقدم البرنامج، تامر المسحال، الإعلان الترويجي على حسابه في تويتر، وعلق عليه بالقول “ما خفي أعظم.. قريباً في سبق تحقيقي جديد”.

كما عرضت قناة “الجزيرة” القطرية، الثلاثاء، لقطات من البرنامج تتناول فيه على ما يبدو قضية تخص أحداثاً وقعت بالحرم المكي في السعودية.

ولم يتضح بشكل دقيق موضوع التحقيق، لكن لقطات الإعلان الترويجي أظهرت مشاهد قديمة وجديدة للحرم المكي، وصور ولي العهد السعودي محمد بن سلمان حين صعد على الكعبة المشرفة العام الماضي، والتي أحدثت تفاعلا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي.

هجوم الإعلام القطري ضد السعودية يترافق مع حملة مماثلة ضد الإمارات، مع محاولة  التحريض وبث الانقسام بين البلدين

ولاحظ متابعون أن قطر تستخدم برنامج “ماخفي أعظم” لانتقاد دول الخليج عند الكشف عن تورطها في قضايا دعم الجماعات الإرهابية، كما حدث في يوليو الماضي عندما بثت حلقة بعنوان “كرسي الاعترافات المزعومة ووثيقة المجنسين والسيناريو المهلهل وتوقيت البث”، لمهاجمة السلطات البحرينية. وذلك بالتزامن مع الكشف عن تورط قطر في دعم الخلية الإخوانية الإرهابية الهاربة من مصر وضبطت في الكويت.

وقال مصدر مسؤول في وزارة شؤون الإعلام البحرينية، إن أسلوب برنامج قناة الجزيرة القطرية “ما خفي أعظم”، والذي بثته عن البحرين يحث على الكراهية ويحرض على الفرقة وشق وحدة الصف الوطني، وهذا سيؤدي حتما إلى تصعيد ما هو قائم إلى مستويات أشد وأسوأ.

ولم يستغرب متابعون لجوء الدوحة إلى تشديد الهجوم الإعلامي ضد السعودية، في الوقت الذي يدّعي فيه المسؤولون القطريون الاستعداد إلى المصالحة وإنهاء الأزمة مع الدول الخليجية، التي بدأت في 2017.

وقد أعلن وزير خارجية قطر، الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، في ديسمبر الماضي، عن وجود قناة تواصل بين الدوحة والرياض واتفاقهما على المبادئ الأساسية للحوار.

وقال الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، أثناء جلسته في منتدى حوار المتوسط بالعاصمة الإيطالية روما، “انتقلنا من الطريق المسدود في الأزمة الخليجية إلى الحديث عن رؤية مستقبلية بشأن طبيعة العلاقة بيننا”، مؤكداً “وجود مباحثات متقدمة مع الرياض، آملاً أن تنتهي بنتائج إيجابية”.

وأبدت السعودية في المقابل استعدادها لفتح الحوار وحل الأزمة، حيث صرح وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، في ديسمبر الماضي أيضا، أن “المفاوضات مستمرة” بين البلدين.

تناول أحداث تاريخية سعودية وفق الرؤية القطرية الحالية
تناول أحداث تاريخية سعودية وفق الرؤية القطرية الحالية

لكن منذ ذلك الحين، لم تبد الدوحة تراجعا عن مواقفها وسياستها المناقضة للصف الخليجي، والاصطفاف إلى جانب الدول المناوئة للخليج.

من جهتها، أكدت السعودية أنها تحيد الشعب القطري عن الخلافات مع النظام القطري، وقالت قناة الإخبارية السعودية “عندما نتحدث عن قطر، لا نتحدث عن الشعب والأرض، إنما نتحدث عن النظام، البنك المتحرك والحليف الصغير لعصابة الملالي (في إشارة إلى السلطة الحاكمة في إيران)، والمليء بالتناقضات (تقصد علاقات الدوحة مع تركيا)”.

ويترافق هجوم الإعلام القطري ضد السعودية مع حملة مماثلة أيضا ضد الإمارات، وصلت أيضا إلى محاولة بث الانقسام بين أبوظبي والرياض، حيث قال جمال ريان المذيع في قناة الجزيرة، عبر حسابه على تويتر قبل أيام، “إن حوارا يحدث بين السعودية وقطر الآن، إذا كانت السعودية والإمارات ‘واحد’ كما يقولون، فلماذا يهاجم الإعلام الإماراتي التهدئة والحوار القائم الآن بين السعودية وقطر”.

ورد مغرّدون سعوديون وإماراتيون على ريان، بالقول إن محاولات قناة الجزيرة والدوحة من ورائها بث الفتنة بين دول الخليج لن تنجح.

واستأنف الإعلام القطري جهوده لمهاجمة الإمارات ودورها في اليمن، والقيام بحملة تشويه ضدها عبر شخصيات إسلامية وغير إسلامية خلال الأيام الماضية معروفة بعدائها لأبوظبي، ووقوفها إلى جانب تركيا وإيران.

واستهدفت قناة الجزيرة كلا من السعودية والإمارات، الاثنين الماضي، من خلال برنامج حمل عنوان “المَهرة.. النوايا المبيتة”، ادعت فيه وجود خطط سعودية للاستحواذ على محافظة المَهرة جنوبي اليمن، بهدف تأمين منفذ للسعودية على بحر العرب.

وزعمت أن التحالف العربي بقيادة السعودية، يهدف للسيطرة على المحافظة تحت شعار استعادة الشرعية في اليمن، في حملة واضحة الأهداف لتشويه الدور السعودي والإماراتي الإنساني في اليمن.

وكما دأبت الجزيرة، انتقت شخصيات معروفة بعدائها للرياض وأبوظبي للاستشهاد بأقوالهم، وسرد معلومات عن وقائع لا يوجد عليها دليل أو إثبات، بل مجرد تكهنات ومزاعم وآراء تخص أصحابها.

إعلام غير موضوعي يستقي معلوماته من مصادر مشبوه فيها
إعلام غير موضوعي يستقي معلوماته من مصادر مشبوه فيها

 ولا تقتصر حملة الدوحة الإعلامية ضد السعودية، على المنابر التابعة لها مباشرة كالجزيرة ووسائل الإعلام والصحف المحلية، لكنها امتدت بعيدا إلى الإعلام الأجنبي وهو ما كشفته وسائل إعلام دولية، إذ سبق أن ذكرت مجلة “كونسيرفيتف ريفيو” أن أربعة من المحللين في شبكة “سي.أن.أن” الإخبارية الأميركية تورطوا في مال النظام القطري، ودافعوا بشراسة عن قضاياه، وهاجموا عددا من الدول، بينها السعودية بإيعاز من مموليهم.

وأوضحت أن هناك أربعة أشخاص، اثنان منهم يعملان بدوام كامل، يقومون بالدعاية لقطر، ولا يمكن للمشاهد العادي اكتشاف ذلك، من بينهم علي صوفان، الذي شارك بشكل أساسي في إعداد فيلم وثائقي ضد السعودية، وهو المدير التنفيذي لأكاديمية قطر الدولية للدراسات الأمنية (QIASS)،
ومقرها في الدوحة بتمويل من النظام القطري.

وعبر نجل الرئيس الأميركي دونالد ترامب جونيور عن صدمته عندما علم أن معلّقين يعملون في قناة “سي.أن.أن” مرتبطون بالحكومة القطرية.

وقال ترامب جونيور في تغريدة له على حسابه على تويتر، إنه مصدوم مما ورد في تقرير نشر على موقع مجلة “كونسيرفيتف ريفيو” إن عدداً من محللي شؤون الأمن القومي في قناة “سي.أن.أن” الإخبارية على علاقة غير معلنة مع “نظام ‫قطر القمعي”.

18