واشنطن لا تبالي بالتحفظات الدولية في معاقبة طهران

معظم الشركات الأجنبية لا ترغب في المخاطرة بالاستبعاد من السوق الأميركية الواسعة من أجل التجارة مع الدول الأصغر مثل إيران.
الجمعة 2020/09/25
استعراض إيراني للصواريخ الباليستية

يراهن النظام الإيراني المعزول دوليا على وصول المرشح الديمقراطي جو بادين إلى البيت الأبيض في الثالث من نوفمبر القادم للقطع مع سياسة أقصى الضغوط التي ينتهجها الرئيس دونالد ترامب تجاهه، لكن مراقبين يستبعدون حصول تغيّر جذري في السياسة الأميركية تجاه طهران حيث يرى بايدن أن الاتفاق النووي ناقص وكان عليه أن يشمل البرنامج الباليستي الإيراني.

واشنطن – فرضت الولايات المتحدة الخميس عقوبات جديدة على عدد من الكيانات والمسؤولين الإيرانيين، منهم قاض حكم بالإعدام على المصارع الإيراني نويد أفكاري، في خطوة تعكس التصميم الأميركي على استئناف العقوبات الأممية على إيران رغم التحفظات الدولية.

وقال الممثل الأميركي الخاص لإيران إليوت أبرامز في جلسة بلجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ “الولايات المتحدة ملتزمة بمحاسبة الذين يحرمون شعب إيران من الحرية والعدالة، وستفرض عقوبات على العديد من الكيانات والمسؤولين الإيرانيين ومنهم القاضي الذي حكم على نويد أفكاري بالإعدام”.

وذكرت وسائل إعلام رسمية إيرانية أن أفكاري أُعدم هذا الشهر بعد إدانته بقتل حارس أمن طعنا خلال احتجاجات مناهضة للحكومة في 2018. ورفضت المحكمة العليا الإيرانية إعادة النظر في القضية أواخر أغسطس.

وأثارت قضية أفكاري غضب الإيرانيين على وسائل التواصل الاجتماعي وجماعات حقوق الإنسان الدولية. كما دعا الرئيس الأميركي دونالد ترامب إيران هذا الشهر إلى عدم إعدام المصارع.

وأكدت أسرة أفكاري أن إدانته اعتمدت على اعتراف انتُزع تحت التعذيب، وهو ما تراجع عنه في ما بعد.

وكانت الولايات المتحدة فرضت هذا الأسبوع عقوبات جديدة على وزارة الدفاع الإيرانية وآخرين منخرطين في برنامجها النووي والخاص بالأسلحة لإظهار تصميمها على استئناف جميع عقوبات الأمم المتحدة على طهران، وهو ما يرفضه الحلفاء الأوروبيون الرئيسيون وكذلك روسيا والصين.

ووقع ترامب الاثنين مرسوما يجيز فرض “عقوبات اقتصادية شديدة بحق أي بلد أو شركة أو فرد يساهم في تقديم وبيع ونقل أسلحة تقليدية إلى الجمهورية الإسلامية في إيران”، ما يعد استئنافا فعليا أحادي الجانب للعقوبات الأممية على إيران.

وسيسمح المرسوم بمعاقبة المخالفين الأجانب وحرمانهم من الوصول إلى السوق الأميركية من خلال العقوبات الثانوية التي تسعى فيها دولة ما إلى معاقبة دولة ثانية بسبب تجارتها مع دولة ثالثة، وذلك من خلال منع الوصول إلى سوقها، وهي أداة قوية للغاية في يد الولايات المتحدة بسبب حجم اقتصادها.

ولا ترغب معظم الشركات الأجنبية في المخاطرة بالاستبعاد من السوق الأميركية الواسعة من أجل التجارة مع الدول الأصغر مثل إيران.

ورُفعت العقوبات الأممية عام 2015 عندما وقّعت إيران الاتفاق الدولي الذي تعهّدت بموجبه بعدم السعي لامتلاك أسلحة نووية، إلا أن ترامب يعتبر هذا الاتفاق الذي تفاوض بشأنه سلفه الرئيس باراك أوباما غير كافٍ وأعلن انسحاب الولايات المتحدة منه عام 2018، وأعاد فرض وحتى تشديد عقوبات بلاده على إيران.

ومن شأن عودة عقوبات الأمم المتحدة أن تلزم إيران بتعليق جميع الأنشطة المتعلقة بتخصيب اليورانيوم وإعادة المعالجة، بما في ذلك البحث والتطوير، وحظر استيراد أي شيء يمكن أن يساهم في تلك الأنشطة أو في تطوير أنظمة إطلاق الأسلحة النووية.

وستشمل كذلك معاودة فرض حظر الأسلحة على إيران ومنعها من تطوير صواريخ باليستية قادرة على حمل أسلحة نووية واستئناف فرض عقوبات محددة على العشرات من الأفراد والكيانات. كما سيتم حث الدول على فحص الشحنات من إيران وإليها والسماح لها بمصادرة أي شحنة محظورة.

هل تتفاوض إيران على "اتفاق جديد" بشروط أميركية
هل تتفاوض إيران على "اتفاق جديد" بشروط أميركية

وتواجه واشنطن في الملف الإيراني منذ أكثر من عامين جبهة موحدة تشكلها لندن وباريس وبرلين التي تعتبر أن أمنها مهدد بسبب مخاطر الانتشار النووي.

وتؤكد الولايات المتحدة “أنها لا تخاف من أن تكون لوحدها” وكثف وزير خارجيتها مايك بومبيو تصريحاته بشأن الأوروبيين المتهمين “بعدم تحريك الساكن” حيال إيران و”باختيار الوقوف في صف الجمهورية الإسلامية”.

وفي المقابل يراهن النظام الإيراني على خسارة ترامب لانتخابات الرئاسة الأميركية المزمع عقدها في نوفمبر المقبل، أملا في تغيّر ملامح السياسة الخارجية تجاهها بوصول المرشح الديمقراطي جو بايدن إلى البيت الأبيض.

ويواصل بايدن الذي كان نائب الرئيس باراك أوباما عند توقيع اتفاقية عام 2015، الدفاع عن الاتفاق الذي لم يعد مربوطا سوى بخيط رفيع منذ بدأت طهران تتراجع عن وعودها ردا على العقوبات الأميركية.

لكن ترامب يعتقد أن إيران ستستسلم بعد فوزه المحتمل أمام “أقصى الضغوط” التي تمارسها واشنطن وتتفاوض على “اتفاق جديد” بشروط أميركية.

وتناولت الصحافة الإيرانية مستقبل الاتفاق النووي قائلة إنه مرهون بانتخابات الرئاسة الأميركية، وجرت مفاضلة بين بايدن وترامب، في محاولة لقراءة مستقبل الاتفاق النووي بين المرشحين، إذ أيّد بايدن الاتفاق النووي في عهد أوباما وطالب سابقا بتخفيف العقوبات عن إيران، في حين يؤكد ترامب ضرورة كفّ يد إيران عن دول المنطقة ومعاقبتها.

وحول مستقبل الاتفاق النووي بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية، قال المحلل الإيراني المتخصص في العلاقات الأميركية الإيرانية والاتفاق النووي علي أكبر داريني، إن “واشنطن اليوم تسعى بكل قوتها إلى إلغاء هذا الاتفاق بشكل تام، بعقوبات ثقيلة وتضييق على الاقتصاد، وفي حال إلغائه قبل فوز بايدن فلا يمكن العودة إلى الاتفاق بأيّ طريقة، كذلك إذا فاز بايدن فلن تكون العودة إلى الاتفاق بالسهولة التي يتحدث عنها المتفائلون بفوزه”.

وقالت صحيفة كيهان الإيرانية المقربة من المرشد الأعلى آية الله خامنئي إن سياسة بايدن نحو إيران لن تختلف عن سياسة منافسه ترامب حيث يرى بايدن أن الاتفاق النووي ناقص، وكان عليه أن يشمل البرنامج الصاروخي الإيراني وحضور الولايات المتحدة في المنطقة، على عكس الصحف الإيرانية المقربة من الإصلاحيين، التي بشرت بعودة الاتفاق النووي في حال فاز بايدن.

ويرى مراقبون أن كلّا من إيران والولايات المتحدة تسعيان إلى تدويل الاتفاق النووي، ليخرج من نطاق العداء الثنائي ويصبح قضية لمجلس الأمن والدول الأعضاء، لكن الانتخابات الرئاسية الأميركية المرتقبة تضع الإيرانيين في حالة ترقب لتغيرات غير متوقعة.

5