واشنطن تستعد لعرض خطة للحل السياسي على الفرقاء الليبيين

الجانب الأميركي يعمل على تبليغ خطته للقوى الليبية المؤثرة.
الثلاثاء 2025/04/22
جولة حوار جديدة

من المنتظر أن تحتضن واشنطن خلال الأيام المقبلة، نقاشا يجمع بين مختلف الفرقاء السياسيين في ليبيا لعرض خطة للحل السياسي وتجاوز مرحلة الانقسام القائمة منذ سنوات طويلة بين غرب البلاد وشرقها.

تستقبل واشنطن خلال الأيام القادمة عددا من المسؤولين الليبيين بدعوة من الإدارة الأميركية التي ستعرض عليهم خطة للحل السياسي بهدف إخراج البلاد من أزمتها المتفاقمة منذ 15 عاما.

وقالت مصادر مطلعة إن رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الجميد الدبيبة يزور هذا الأسبوع واشنطن مصحوبا بعدد من مساعديه حيث ستكون اجتماعات من مسؤولين في الخارجية الأميركية، فيما سيقوم صدام حفتر رئيس أركان القوات البرية في شرق وجنوب ليبيا بنفس الخطوة قبل نهاية أبريل الجاري، وهو ما يعني أن الجانب الأميركي يعمل على تبليغ خطته مباشرة للقوى الليبية المؤثرة ومناقشتها بخصوص رؤيته للحل السياسي.

وأعلن مستشار الرئيس الأميركي دونالد ترامب لشؤون الشرق الأوسط مسعد بولس، أن الإدارة الأميركية تعمل على تطوير رؤية متكاملة لحل الأزمة الليبية، تستند إلى مقاربة عملية ومتوازنة تهدف إلى استعادة الاستقرار السياسي والأمني في البلاد.

 وقال إن الورقة الأميركية المقترحة للحل ستتضمن مشاركة شاملة لجميع الأطراف الليبية دون أي إقصاء، مشيرا إلى أن واشنطن تسعى إلى جمع الفرقاء الليبيين على طاولة حوار موحّدة تعيد إطلاق المسار السياسي المعطّل.

واشنطن رحبت بعمل اللجنة الاستشارية التابعة لبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا التي ستعلن عن نتائجها الشهر الجاري

وأوضح المسؤول الأميركي أن إدارة بلاده لن تسمح باستمرار الجمود السياسي الحالي، الذي يعد من أبرز العوائق أمام مستقبل البلاد، مؤكدا أن التحرك الأميركي يعكس حرصًا على استقرار ليبيا ومصالح شعبها.

كما رحّبت واشنطن بعمل اللجنة الاستشارية التابعة لبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا التي ستعلن عن نتائجها النهائية أواخر أبريل الجاري.

ودعا القائم بأعمال الممثل الأميركي البديل لدى الأمم المتحدة، السفير جون كيلي، الأطراف الليبية إلى الاتفاق على موازنة موحدة لحماية قيمة الدينار الليبي وتحسين الوضع الاقتصادي العام، محذرًا من تداعيات استمرار الانقسام المالي والاقتصادي على البلاد.

وفي كلمة ألقاها خلال جلسة إحاطة للمبعوثة الأممية إلى ليبيا حنّا تيتيه أمام مجلس الأمن، شدد كيلي على أهمية التكامل بين المناطق الليبية من خلال برامج التدريب والتعاون الأمني، معتبرًا أن أمن الموانئ الليبية يعد حجر أساس لمواجهة الهجرة غير الشرعية وضبط الحدود، وأعرب عن قلق بلاده من الانتهاكات المتكررة لحظر الأسلحة وتهريب الوقود من ليبيا، مشيرًا إلى غياب تقارير واضحة حول لجنة العقوبات التابعة لمجلس الأمن فيما يخص ليبيا.

في الأثناء، وصلت سفينة القيادة الأميركية التابعة للأسطول السادس “يو إس إس ماونت ويتني” إلى ميناء طرابلس، أمس الأحد، في زيارة تحمل طابعاً عسكرياً ودبلوماسياً، وذلك بعد توقفها السابق في تونس. 

وقالت السفارة الأميركية لدى ليبيا، إن هذه الزيارة ترافق مع جولة لعدد من المسؤولين الأميركيين، من بينهم نائب الأدميرال جيه تي أندرسون، قائد الأسطول السادس للبحرية الأمريكية، والمبعوث الخاص إلى ليبيا ريتشارد نورلاند، إضافة إلى القائم بالأعمال في السفارة جيريمي برنت، حيث تشمل الجولة العاصمة طرابلس ومدينة بنغازي.

وتهدف الزيارة إلى بحث آفاق التعاون الأمني بين ليبيا والولايات المتحدة، وتعزيز جهود تحقيق الأمن الإقليمي، إلى جانب تأكيد دعم واشنطن لوحدة ليبيا وسيادتها.

وفي أوائل أبريل الجاري، أبرز قائد قيادة الولايات المتحدة لأفريقيا (أفريكوم)، الجنرال مايكل لانغلي، إن القيادة تسعى إلى دفع الليبيين من أجل تعزيز اعتمادهم على أنفسهم لـ”بناء جيش موحد يخضع للسيطرة المدنية، ويحفظ السيادة الليبية، ويعزز أمن الحدود، ويحارب الهجرة غير النظامية والإرهاب العابر للحدود،” وقال في بيان  أمام لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ الأميركي، إن التنافس بين الفاعلين الأمنيين في شرق وغرب ليبيا يؤثر على تطور البلاد واستقرارها، و”هو وضع يهز أحيانًا أسواق الطاقة العالمية،” بينما يجب أن تأتي إعادة التوحيد الوطني في النهاية من الشعب الليبي.

وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وقع في فبراير الماضي على أمر تنفيذي بتمديد حالة الطوارئ الوطنية المتعلقة بليبيا لمدة عام إضافي، معتبرا أن ليبيا لا تزال تشكل “تهديدا غير عادي واستثنائي” للأمن القومي والسياسة الخارجية للولايات المتحدة.

القيادة الأميركية تسعى إلى دفع الليبيين من أجل تعزيز اعتمادهم على أنفسهم لبناء جيش موحد يخضع للسيطرة المدنية، ويحفظ السيادة الليبية

وجاء في الوثيقة الرئاسية الصادرة عن البيت الأبيض أن “استمرار العنف في ليبيا، بما في ذلك الهجمات التي تشنها الجماعات المسلحة ضد منشآت الدولة والبعثات الأجنبية والبنية التحتية الحيوية، وانتهاكات حقوق الإنسان، وخرق حظر الأسلحة، واختلاس الموارد الطبيعية الليبية، يشكل تهديدا للسلام والاستقرار والتحول الديمقراطي في البلاد.”

كما أكدت الوثيقة أن هناك حاجة إلى اتخاذ تدابير “لمنع تحويل الأصول الليبية أو أي انتهاكات ترتكبها شخصيات من عائلة القذافي، وشركاؤهم، بالإضافة إلى أي أطراف تعرقل المصالحة الوطنية الليبية.”

ودعت رئيسة البعثة الأممية، الشركاء الدوليين إلى دعم العملية السياسية وتجديد ولاية بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، وذلك خلال سلسلة اجتماعات مكثفة أجرتها على هامش إحاطتها لمجلس الأمن في 17 أبريل الجاري، وأكدت أن دعم الشركاء الإقليميين والدوليين ضروري لنجاح أي اتفاق سياسي، مشيرة إلى أنها تعمل على تعزيز آليات التنسيق الإقليمي والدولي لكسب الدعم اللازم للعملية السياسية.

وقالت البعثة في بيان أن لقاءات تيتيه شملت الممثلين الدائمين للأمم المتحدة عن كل من ليبيا، والصين، ومصر، وفرنسا، وإيطاليا، وقطر، وروسيا، وتركيا، والإمارات، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة، إضافة إلى سفراء مجموعة أفريقيا (A3+1)، التي تضم الجزائر، سيراليون، غيانا، والصومال.

وبحسب البيان، فإن تيتيه، أطلعت المجتمعين على عمل اللجنة الاستشارية التي تعمل على تقديم حلول لنقاط الخلاف في القوانين الانتخابية، وأعربت عن استعدادها لاستئناف مناقشة خارطة الطريق المنبثقة عن عملية برلين، مؤكدة على ضرورة استعادة الشرعية المؤسسية وإجراء الانتخابات الوطنية والبلدية في ليبيا، كما تطرقت إلى قضايا إدارة المالية العامة، مكافحة الفساد، وضرورة توحيد الميزانية الوطنية، إضافة إلى ملفات حساسة مثل تهريب النفط، التدخلات الأجنبية، وتوحيد قطاع الأمن.

4