واشنطن تدعم الجيش المغربي بصفقة مهمة من صواريخ "ستينغر"

الرباط - ذكرت وكالة التعاون الدفاعي والأمني الأميركية في بيان رسمي، أن المغرب يعتزم توظيف 600 صاروخ “ستينغر” ومعدات دفاعية بقيمة تناهز 825 مليون دولار، في إطار تحديث قواته المسلحة وتوسيع قدراته في مجال الدفاع الجوي، مؤكدة أن هذه الخطوة ستعزز من جاهزية المملكة للتصدي لمختلف التهديدات.
وتعد هذه الصفقة الأولى من نوعها التي توافق عليها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب منذ تنصيبها وتجديد اعترافها بسيادة المغرب على صحرائه، حيث أكدت وكالة التعاون الأمني الدفاعي أن هذه الصفقة المقترحة “تهدف إلى دعم السياسة الخارجية والأمن القومي للولايات المتحدة، من خلال المساعدة في تعزيز أمن حليف رئيسي من خارج ‘الناتو’ لا يزال يشكل قوة مهمة للاستقرار السياسي والتقدم الاقتصادي في شمال أفريقيا.”
كما أبرزت الوكالة أن الصفقة التي صادقت عليها وزارة الخارجية الأميركية، ستسهم في تعزيز “العمل المشترك” بين الجيش المغربي ونظيره الأميركي، إضافة إلى جيوش الدول الحليفة، في وقت يتواصل فيه التعاون العسكري بين الرباط وواشنطن بوتيرة متصاعدة منذ ولاية الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب (2017-2021).
وتصنف صواريخ “ستينغر” من بين أكثر الأنظمة المضادة للطائرات فعالية في العالم، حيث تعمل بتقنية التوجيه عبر الأشعة تحت الحمراء وتُستخدم لاعتراض الطائرات والمروحيات والصواريخ الطائرة على ارتفاعات منخفضة، ويمكن حملها على الكتف أو تركيبها على مركبات عسكرية، مما يمنحها مرونة تشغيلية عالية.
وقال خالد شيات، أستاذ العلاقات الدولية، في تصريح لـ”العرب” إن “التطور في العلاقات الاقتصادية والتعاون الأمني والعسكري بين الطرفين، يجعل المغرب الأكثر قربا من الناحية الإستراتيجية لواشنطن، والتي تضع ثقتها في المغرب من أجل بناء منظومة أمنية وإستراتيجية عموما وعلى الواجهة الأطلسية؛ ما يتوافق مع المخطط المغربي الذي وضعه العاهل المغربي الملك محمد السادس فيما يتعلق بالواجهة الأطلسية.”
وشكل توقيع المغرب والولايات المتحدة، على خارطة طريق للتعاون العسكري، في مايو الماضي، مسارا جيدا للعلاقات الثنائية العسكرية بين البلدين، مع تحديد الخطوط العريضة لمخطط العمل المستقبلي مع القيادة الأميركية في أفريقيا “أفريكوم”، والحرس الوطني لولاية يوتا، وكذلك مشاريع تنمية القدرات التي تديرها وكالة التعاون الأمني الدفاعي، والتي ستساهم في زيادة القدرات العسكرية المغربية، سواء في مجال التسلح أو تدريب قوات المملكة.
ويأتي الإعلان عن الصفقة بعد أيام فقط من زيارة وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة إلى واشنطن، حيث جدد وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، دعم بلاده لسيادة المغرب على الصحراء، في موقف يندرج ضمن سياسة أميركية بدأت نهاية عام 2020، حينما اعترفت إدارة ترامب بمغربية الصحراء.
وأكد عصام العروسي، الخبير الأمني وأستاذ العلاقات الدولية وتسوية النزاعات، أن تسليم الأنظمة الدفاعية الجديدة للمغرب منها صواريخ “ستينغر” والمعدات الدفاعية، يمثل خطوة إستراتيجية مهمة نحو تعزيز قدراته العسكرية، خاصة في مجال الدفاع الجوي والطائرات النوعية، باعتبار المغرب شريكا وحليفا إستراتيجيا، لهذا تدرك واشنطن أهمية تعزيز التعاون العسكري بين البلدين، موضحا أن هذا التعاون يساهم بشكل كبير في تعزيز العلاقات الثنائية بين الرباط وواشنطن.
وأوضح لـ“العرب”، أن “هذه الخطوة تعزز السيادة الوطنية في ظل التحديات الأمنية التي تواجهها المملكة، بما في ذلك التغطية الجوية، ما سيمنح الجيش المغربي القدرة على إدارة الأزمات بفعالية، لا سيما في المناطق الحساسة مثل المنطقة العازلة في الأقاليم الجنوبية،” موضحا أن “الحصول على هذه الأنظمة الدفاعية سيساهم في تحسين قدرات المغرب على التتبع والمراقبة، خاصة رصد تسلل لعناصر البوليساريو عبر المنطقة العازلة.”
وكان المغرب قد تسلم نهاية مارس الماضي، أنظمة الدفاع الجوي “باتريوت” الأميركية التي سيتم تركيبها في القاعدة العسكرية في سيدي يحيى، لإجراء الاختبارات والتقييمات اللازمة، وسيتم توزيع هذه الأنظمة لاحقا على مناطق محددة شمال وجنوب المملكة، مما يعكس التزام المغرب بتحديث قواته المسلحة وبناء شبكة دفاع جوي متكاملة.
كما تأتي هذه الصفقة في سياق مسار متصاعد من صفقات التسلح التي عقدها المغرب في السنوات الأخيرة، لتحديث ترسانته وتعزيز قدراته في مختلف المجالات، لا سيما في مجال الدفاع الجوي، حيث سبق أن أبرم صفقات للحصول على أنظمة “باتريوت” و”سكاي دراغون” و“باراك” و“سبايدر.”
وينظم التعاون العسكري المغربي الأميركي بموجب اتفاقيات ومذكرات تفاهم تقنية ثنائية، تحدد أشكال التنفيذ والتعاون، وفي السياق ذاته أكد تقرير حديث “لإنسايدر مانكي”، المتخصص في التصنيفات والتحليلات الاقتصادية، أن المغرب يعد من بين أكبر القوى العسكرية في القارة الأفريقية التي تجمعها علاقات قوية مع الغرب، خاصة الولايات المتحدة الأميركية.
وتأتي صفقة صواريخ “ستينغر” على بعد أسابيع قليلة من النسخة الحادية والعشرين لمناورات “الأسد الأفريقي”، التي تنظمها القوات المسلحة الملكية بشراكة مع نظيرتها الأميركية، المزمع تنظيمها خلال الفترة من 12 إلى 23 مايو المقبل، بكل من أغادير وطانطان وتزنيت والقنيطرة وبنجرير وتيفنيت، وفق بيان نشره الحساب الرسمي للقوات المسلحة الملكية على “فيسبوك”، والذي يُشكل محطة بارزة لتعزيز التعاون وتبادل الخبرات بين القوات المسلحة للدول المشاركة.